هاشتاغ _ نور قاسم
في الوقت الذي تشهد الليرة السورية انخفاضا يوميا أمام الدولار الأمريكي، مسجلة رقما جديدا بتجاوزها 7450 ليرة للدولار، تتدهور بالمقابل الليرة اللبنانية بشكل غير مسبوق، حيث سجل الدولار الواحد 100 ألف ليرة لبنانية.
فوارق
عزا الخبير المصرفي عامر شهدا هبوط الليرة اللبنانية إلى الوضع السياسي أكثر من تأثير العامل الاقتصادي، في حين أن سوريا تحقق قفزات سياسية على الساحة الدولية بغض النظر عن ضعف الواقع الاقتصادي فيها، وفشل الأداء الحكومي في إدارة السياسة النقدية.
وقال شهدا لـ”هاشتاغ” إنه وبالرغم من تراجع الأداء الاقتصادي للمصارف اللبنانية إلا أنه لم يُعلِن أي مصرف عن إفلاسه حتى الآن ، مما يُعد مؤشراً إلى حفاظ المصارف اللبنانية على قوتها وأرصدتها، ولاسيما أن معظمها وظفت أرصدتها في الأسواق المالية الخارجية.
وردّ شهدا انهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار إلى العامل السياسي. وقال: “كما جرت العادة في لبنان انعكاس تأثير الفراغ الرئاسي فيها سلباً على القوة الشرائية”.
ولفت شهدا إلى أنه لا يوجد أي تأثير على الليرة السورية في ظل الهبوط الكبير لليرة اللبنانية، ولا سيما أن سوريا اليوم تلعب أوراقها السياسية بحنكة رغم ضعف الورقة الاقتصادية.
ودلل شهدا في حديثه حول قوة الورقة السياسية السورية بالانعكاسات المحققة على أرض الواقع مع وجود التحالفات بين سوريا وحلفائها التي ستكون بمثابة القوة على واقع الاقتصاد السوري وإن لم يكن حالياً وإنما في المستقبل.
وأردف شهدا بالقول “إن الاقتصادي اليوم لا يستطيع النظر ضمن مساحة ضيقة، وإنما يجب عليه النظر إلى المشهد كاملاً ، وتالياً ليس المهم حالياً التركيز على انخفاض الليرة السورية بقدر ما يهم رؤية القفزات السياسية التي تُحقق على المستوى الدولي والإقليمي، وخاصةً مع إبرام اتفاق سعودي إيراني، إضافةً إلى تسريبات تفيد بزيارة وزير الخارجية السعودي إلى سوريا، واتصالات مكثفة ما بين سوريا والإمارات، وما بين سوريا والعراق، ناهيك عن علو الأصوات التي تطالب بإعادة سوريا إلى الجامعة العربية، مما يدل على أن سوريا ليست خالية الوفاض.
وأشار شهدا إلى أن ما يتم تحقيقه اليوم على المستوى السياسي وما سينتج عنه من نتائج إيجابية لا يرقى إلى مستوى أداء الفريق الحكومي السوري الحالي الذي لا يمكنه مجاراة هذه التطورات السياسية وفقاً لشهدا.
فشل السياسة النقدية
ولفت شهدا إلى أن السياسة النقدية اليوم ليست سياسة مؤسساتية و التي تختلف عن السياسة التي يتم العمل عليها الآن، فالسياسة النقدية التي تنفَّذ في سوريا هي سياسة غرف وليست مؤسسات، مضيفا أنه “عندما يدخل أصحاب المصالح ويصبح لهم يد في القرار بشؤون السياسة النقدية فهذا الأمر يعني عدم خدمتها للصالح أو الاقتصاد العام وإنما هي في خدمة قطاع معين .
وهذا ما يبدو جلياً وفقاً لشهدا، حيث أن معظم الحوالات الواردة من الخارج والتي يتم شراءها تذهب إلى تمويل قطاع الاستيراد الخاص، على اعتبار أنه لا وجود اليوم لاستيراد باسم مؤسسات الدولة في ظل وجود العقوبات، مشيراً إلى أنه لا يوجد مستورد يستورد قطع غيار لمحطات الكهرباء، أو برمجيات أو الأمور المتعلقة بالشق الصحي، فمعظم الاستيراد يلبي متطلبات رجال الأعمال في حين أنها لا تحقق النمو الاقتصادي أو أي شيء يذكر من إجمالي الناتج المحلي، بدليل ميزان المدفوعات الذي لا يزال عاجزاً.
ومن هذا المنطلق يؤكد شهدا على ضرورة أن تصيب السياسة النقدية الاقتصاد الكلي وليس قطاعاً معيناً دون غيره.
وتبعاً لكل ما ذكر يرجح شهدا فشل السياسة النقدية ،وعدم جدوى أدواتها في لجم التضخم، وتالياً عدم مقدرتها على لجم الهبوط في سعر الليرة السورية، بسبب استمرار إدارة الفكر التقليدي في حين أن الحاجة الآن إلى فكر إبداعي من خارج الصندوق.
غنى المشاريع الاستثمارية
في المقابل، يرى شهدا أن سوريا تمتاز بغنى المشاريع الاستثمارية سواء أكان على مستوى الإعمار أو البنى التحتية أو الصناعة، وحتى على المستوى النقدي والمصارف والمؤسسات المالية والصرافة.
الخبير المصرفي، ماهر أدنوف يؤكد على ما قاله شهدا من أن الوضع السياسي أو الحل السياسي والأمني هو الذي يمسك بزمام الأوضاع الاقتصادية في سوريا .
لا مبرر للتدهور
ويرى أدنوف أن ما يحصل من تدهور في قيمة الليرة السورية لا مبرر له ولا يُمكن أن يُفهَم سببه علمياً ، في حين أنه منذ حوالي شهرين والتجار بكافة فئاتهم الكبيرة والصغيرة يرجحون وصول الدولار إلى عشرة آلاف ليرة في قادم الأيام وهم يسعرون حالياً على أساس أنه سيصل إلى العشرة آلاف حسب قوله.
واستغرب أدنوف المعايير التي اعتمدها هؤلاء للتنبؤ بالرغم من عدم وجود أساس علمي أو عملي يجعل الدولار يرتفع بهذا الشكل خلال فترة قياسية، مرجحاً وجود قنوات فساد خطيرة تقف وراء ما يحصل في الليرة.
وقال أدنوف إننا كخبراء اقتصاد طالبنا مؤخرا باللحاق بالسوق السوداء ولكن لم نطلب أن تترك الأمور لهذا الحد، أي بالعامية لم يكن من المفروض أن “يُفرد الحبل” لهذه الدرجة .
وأشار إلى أن الجدوى من اقتراح هذا القرار بهدف إعادة الثقة بالقطاع المصرفي وفي ذات الوقت يجب أن يبقى السوق مضبوطا، والمشكلة الأساسية في غياب الأرقام وعدم الشفافية في إعلان الاحصائية النقدية، أي لم يُعلن المركزي عن حصيلة القطع الأجنبي بعد رفع سعر الصرف وملاحقة السوق السوداء ، كما لم يخبرنا المركزي عن مدى مساهمة الصرافين وكوات الصرافة وكيف تساهم بضبط عمليات الصرف!.
ويضيف بأن انعدام الشفافية في هذه الأمور أدت إلى صعوبة تشخيص الوضع الراهن، لافتا إلى أنه ليس من المعلوم في حال كانت جميع البنوك ملتزمة بتحويل الدولار إلى حساب مؤسسيها أو أنها تتاجر بقسم كبير منه في السوق السوداء !.