هاشتاغ – أيهم أسد
ما زالت الحكومة مصرة على سياسة ثابتة وفي اتجاه واحد منذ سنوات طويلة وهي سياسة تحرير الأسعار للسلع الأساسية، وبالتالي فإن منظور الحكومة للتوازن الاقتصادي / الاجتماعي بقي منظوراً مالياً بحتاً لم يركز حتى الآن إلا على البعد المالي في عملية التحرير، ذلك البعد المرتبط حصرياً بما توفره تلك السياسات المتبعة على خزينة الدولة وبما تخففه من ضغوط على ملف الدعم.
ربما لم تقرأ الحكومة حتى الآن، أو أنها لا تريد على الغالب أن تقرأ، الأبعاد الاجتماعية لتلك السياسات التي تقوم بها لأسباب غير مفهومة حتى الآن.
أعتقد أن الحكومة تدرك تماماً بأن المدخل المالي لحل المشكلات الاقتصادي هو مدخل قاصر في محصلته ونتائجه الاقتصادية والاجتماعية.
فالمال ليس هو الاقتصاد، الاقتصاد هو المال والبشر والموارد والتنظيم، كما أن المدخل المالي البحت في معالجة المشكلات الاقتصادية يعطي نتائج مالية مؤقتة ولن يعطي نتائج اقتصادية دائمة، فالمال لا يبني اقتصاد في حين أن الاقتصاد يبني المال والثروة.
ورغم اعتقادي وكثيرين بذلك، نجد أن الحكومة مصرة على الاستمرار بتلك السياسات المالية/الجبائية رغم خطورتها، وأن تلك السياسات لن تنذر إلا بمزيد من المشكلات الاجتماعية.
تبدو تلك المعادلة في إهمال الاقتصادي والاجتماعي لصالح المالي (وليس الاقتصادي) من خلال ما يلي:
الحكومة ترفع أسعار حوامل الطاقة المنزلية ولقطاع النقل وترفع أسعار المواد المدعومة فتكون قادرة على حساب الوفر المالي المحقق لها من ذلك دون أن تكون قادرة على حساب الفقر الاجتماعي المتسبب به ذلك الرفع وتدني مستويات المعيشة الناتجة عنه والتضخم المرتبط به.
الحكومة ترفع أسعار حوامل الطاقة للمنتجين وأسعار الأسمدة ومستلزمات الإنتاج فتكون قادرة على حساب الوفر المالي المتحقق من ذلك دون أن تكون قادرة على حساب الضرر القطاعي على الصناعة والزراعة والمنتجين وبالتالي المستهلكين.
ما التوجه المناسب إذاً؟
إن الكثير من المحافظات السورية اليوم ورغم كل الأزمات التي عصفت بها ما زالت غنية بمواردها الطبيعية والبشرية وحتى المالية وهي قابلة للاستثمار وشرهة له.
وبالتالي فإن ما ينقص هو إعادة النظر في بنية تلك المحافظات اقتصادياً، والتركيز على الاقتصاد المكاني المعتمد في جوهره على خصائص المحافظات الاقتصادية والاجتماعية، فلماذا لا يتم بناء اقتصادات مكانية تستثمر مواردها وقادرة على توليد دخل وثروة لأبنائها؟
لو يتم التركيز على العمق الاقتصادي لكل محافظة في تلك المحافظات لكانت الكثير من مشكلات أبنائها قد تراجعت نسبياً، وهو ما يعني تراجع تلك المشكلات على المستوى الوطني أيضاً.
المال هو ابن الاقتصاد والاقتصاد هو ابن البشر، فالبشر أولاً والاقتصاد ثانياً والمال ثالثاً.