هاشتاغ _ مازن بلال
اعتبر المبعوث الأممي إلى سورية “غير بيدرسون” أن لقاءه مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد “جيد جدا”، وتصريح ـ”بيدرسون” جاء بعد أقل من أسبوعين من حديثه في مؤتمر بروكسل 6 للمانحين عندما اعتبر أن الحل السياسي بعيد المنال، ويبدو من الصعب رسم مؤشرات سياسية واضحة لتصريحات المبعوث الأممي، فهي على ما يبدو لا تحمل أبعادا مرتبطة بآفاق الأزمة السياسية، إنما ترتبط بـ”المناخ” الخاص بكل لقاء.
عمليا فإن مهمة المبعوث الخاص بالفعل متعثرة بشكل غير مسبوق، فالحرب الأوكرانية قللت من احتمالات التنسيق بين الأطراف الدولية بخصوص الأزمة، كما أنها أبعدت إمكانية ضغط موسكو أو واشنطن على أطراف النزاع، وهذا الأمر يضع كل الترتيبات الدولية بخصوص سوريا ضمن شكل روتيني، يتابعه بيدرسون دون أن تحمل متابعاته أي اختراق للمراوحة عند نفس النقطة المرتبطة باللجنة الدستورية.
في المقابل لا ينعكس هذا الواقع على ترتيبات الجبهات داخل سوريا، ورغم أن الولايات المتحدة أعفت مناطق تواجد “قسد” من العقوبات، إلا أن هذا الإجراء لن يغير الكثير ضمن خارطة الصراع القائمة، وتتضح الصورة للنزاع في سوريا وفق ثلاث نقاط:
– الأولى في شكل الأزمة التي غدت جزءا من شكل العلاقات الدولية لما قبل الحرب الأوكرانية، فالحرب في سوريا نموذج مثالي لعجز الآليات الدولية في حل الصراعات، وكان مؤتمر جنيف الأول نقطة محورية في “ترحيل” الأزمة بانتظار توازنات جديدة، ورغم تبني مجلس الأمن للقرار “2254”، لكنه أصبح رديفا لشرعية دولية غير قابلة للتحقق مثل القرار “242” الخاص بالصراع العربي الإسرائيلي.
– النقطة الثانية أن الأزمة السورية والتعامل الأوروبي والأمريكي معها أصبح ضمن النزاعات المتفرعة من الصراع مع روسيا، فالنموذج الأوروبي لتصنيف العلاقات مع “الشرق” محكوم اليوم بجملة معايير تشكل قاموسا سياسيا خاصا، ومن الصعب تصور أي أفق سياسي في ظل الحرب المفتوحة بين روسيا وأوروبا وصولا إلى الولايات المتحدة، وهذا الأمر يكون أزمة في التفكير الدولي عموما لأن انحسار أحد الأطراف سيكل تغيرا “جذريا” في شكل العالم.
– النقطة الأخيرة أن القضايا الفرعية مستبعدة اليوم داخل الاصطفاف الدولي، فلا الأزمة السورية أو اللبنانية أو العلاقات الشرق أوسطية مع روسيا على سبيل المثال؛ يمكن أن تشكل حالة أساسية من الجهد الدولي لأن نتائج الصراع العالمي هي تصفية حقيقية لبعض الأشكال السياسية القائمة اليوم.
المبعوث الدولي إلى سوريا يقوم بوظيفة اعتيادية وسط ظرف غير مألوف، ومهمته ستبقى ضمن إطار رصد المواقف، وإعداد الترتيبات لتنفيذ اللقاءات والبرامج المقرة سلفا مثل اجتماعات اللجنة الدستورية، فهو كمبعوث دولي ينتمي إلى زمن سياسي سابق للحرب الأوكرانية؛ عندما كانت هناك إمكانية ولو بسيطة لخلق تنسيق بين الأطراف الدولية، وهو يعمل اليوم على حدود الصراع الدولي مثل باقي المؤسسات الدولية التي أصبحت مهمتها عدم الوصول إلى نقطة الاشتباك المباشرة بين الشرق والغرب.