هاشتاغ – رأي نضال الخضري
تبدأ تلك المعادلة برؤية “المساواة” وتنتهي عند حدود البحث عن الموقع الذي أرى فيه حلم الجميع أمامي، فمساحة المساواة تبقى جملة تدغدغ العواطف لكنها تعجز عن ملامسة التفاصيل التي تشكل علاقات المجتمع، فـ”المعادلة” التي ظهرت طوال سنوات القرن العشرين استطاعت أن تخلق تمايز الأنثى بشكل مختلف، فهي ليست “ضلع” قاصر بل هاجس اجتماعي له مفردات جديدة بقيت خارج اللون الثقافي للمجتمع.
المشكلة أن تلك المساواة كانت قضية “تمايز سياسي”، فبقيت دون أشكال التميزالأخرى التي كانت شكلاً بديهاً في المجتمع؛ تمايز قائم على “التفضيل” الذي يشكل منظومة ثقافية تحاصر الجميع، ابتداء من “الفرقة الناجية” وانتهاء بالأنثى التي حصلت على مساواة في الواجبات، وحقوقا ضمن قانون العمل، وربما قدرة حركة
غير مسبوقة في شوارع المدينة، لكنها بقيت ضمن إطار منظومة “التفضيل”التي تضعها خارج “الفرقة الناجية”.
في المساواة هناك مهام تخص “المرأة” التي دخلت تجربة لملمة تفاصيل الحياة،والحصول على “الاستقلال المادي” الذي كان أكثر من شعار سياسي، فهو كان “تلوينا” يغري بالقدرة على تحمل الأعباء بينما تبقى الحقوق خاضعة لعمليات التفضيل التي لم تتوقف، فقضية المرأة لم تكن مستقلة بذاتها بل جزء منمنظومة ثقافية لا علاقة لها بشعارات الأحزاب وبرامجها السياسية، والتركيز عليها هو الهامش الذي يعفي الثقافة من البحث عن باقي أشكال “التمايز” السائدة اجتماعيا و … سياسياً.
المعادلة تبدو أكثر تعقيدا من الحديث عن “المساواة” بين الجنسين، فهذا “التمييز” هو الغطاء الذي يخفي عدم قدرة المنظومة الثقافية على تحمل مفهوم العدالة الشاملة، والقدرة على التعامل معه رغم التمايز ليس على صعيد الجنس؛ بل أيضا الأفكار والمعتقدات وحتى السلوك…
ببساطة طالما أن المساواة في الحقوق والواجبات حالة عائمة فإن الأنثى ليست بخير والثقافة متقطعة بما يتناسب ومعتقدات التفضيل السائدة.
كل تاريخ المساواة في المسار القصير لدولتنا المعاصرة تختصره طريقة اهتماماتنا بـ”المرأة” كشعار لبرنامج سياسي، بينما العدالة الاجتماعية تحتاج لحفر عميق في الثقافة التي أوجدت حالة “التفضيل”، فحتى جرائم الشرف هي الشكل الأسهل للحديث عن قضايا المرأة بشكل يبعدها عن مركزية العدالة التي تحتاج لـ”هندسة” منظومتنا الثقافية، فعندما نبدأ بقراءة أشكال التفضيل الاجتماعي بشكل محايد فإننا سنبدأ برؤية العدالة كموجة ثقافية جديدة يمكنها تبديل الصورة النمطية للمساواة والمرأة وكل أشكال الاختلاف البيولوجي أو الفكري أو حتى السلوكي.
بعكس البرامج السياسية فإن العدالة هي محاولة لكسر وسطية الحلول الاجتماعية، لأننا في مجتمعنا وخلال كل مراحل الاضطراب اختبرنا كيف تصبح الوسطية تطرفا نتيجة التفضيل والادعاء بأن هناك “فرقة ناجية”، ففي الحياة لا أحد ينجو سوى من يستطيع فهم التنوع الذي نواجهه يوميا، أما البحث عن مسألة واحدة في المساواة فإننا لن نصل إلا لطرق عقيمة في إقناع أنفسنا أننا نؤهل المرأة وسط منظومة ثقافية إبعادية ليس للمرأة؛ بل لمفهوم الاختلاف أياً كان جنسياً أو أتنياً أو دينياً أو اجتماعياً.
لتصلك أهم الأخبار انضم إلى قناتنا على التلغرام https://t.me/hashtagsy