الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارارتفاع أعداد المسنين يهدد المجتمع والاقتصاد السوري  

ارتفاع أعداد المسنين يهدد المجتمع والاقتصاد السوري  

هاشتاغ- يسرى ديب

ظلت مشكلة النمو السكاني المرتفع أحد أبرز مشاكل الاقتصاد السوري، وكان العمل يتمحور دائماً حول الحد من هذه النسبة وضبطها بالتشجيع على تحديد النسل.

 

لكن بعد الحرب أصبحت هنالك مشاكل جديدة في بنية المجتمع السوري من بينها زيادة نسبة وأعداد المسنين في سوريا.

 

في تقرير حالة السكان لعام 2022 بينت الإحصاءات أن نسبة كبار السن ارتفعت من 4.4% لعام 2010 إلى 5.3% لعام 2018.

 

في حين قدرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب أسيا” الاسكوا” وصول نسبة المسنين في سوريا في عام 2050 إلى 13%، وهذه النسبة قدرتها رقمياً بنحو 5.7 مليون نسمة.

 

نزيف مستمر

ليس مستغرباً أن يتراجع عدد الشباب في سن العمل، بعد حرب دامت أكثر من عقد، استنزفت خلالها أجيال من الشباب بين ضحايا أو مهاجرين..  لتنتهي فصول الحرب بوضع اقتصادي أصبح أكثر استنزافاً لجيل الشباب،

 

حيث كثرت أعداد الأسر التي تعمل للهروب من الواقع المظلم للعيش في بلد لا يظهر فيه أي ضوء في نهاية النفق.

 

بشكلٍ جعل النزيف في جيل الشباب مستمراً، لكل من يستطيع إليه سبيلا، وليبقى في البلد كبار السن ممن لا يجدون فرصة للخروج، أو ليس لديهم الرغبة في ذلك، بعدما دفعوا بأبنائهم إلى ما يصفونه ببر الأمان.

 

فقدان أجيال الشباب من أكبر الخسائر التي يمكن أن تصيب أي بلد واقتصاده، وهجرة الشباب السوري لها الكثير من الآثار الاقتصادية.

 

نسبة عالية

يقول الخبير الاقتصادي د. محمد كوسا لهاشتاغ إن بعض النسب المأخوذة عن المجموعة الإحصائية للعام 2021 توضح أن نسبة العاملين في الدولة ممن تزيد أعمارهم عن 40 عاماً تصل إلى 57%

 

بينما نسبة العاملين في الدولة ممن هم أقل من 25 عاماً لا تتجاوز 7%… في حين أن نسبة من هم أقل من 30 عاماً وصلت إلى 17.5%، وهذا يعني حسب رأيه أن نسبة كبار السن من العاملين في القطاع العام يشكلون نسبة عالية، وهو القطاع الذي يناط به إدارة الاقتصاد والمجتمع.

 

 

أضاف كوسا أنه عند تحليل نسبة 7% للعاملين في القطاع العام الذين تقل أعمارهم عن 25عاماً.

 

يتبين أن هذه النسبة تشير إلى أن هذا القطاع بدأ يتقلص، وهذا يعني أن الإدارة الحكومية للاقتصاد والمجتمع ستواجه مصاعب عديدة مستقبلا، وتغيرات في التوجهات والسياسات الحكومية.

 

آثار بالجملة

ويبين كوسا أن هذا الأمر سينعكس على الاقتصاد والمجتمع في جوانب عدة أهمها القلاقل الاقتصادية.

 

بينما لو ذهبنا الى القطاع الخاص نجد أن نسبة العاملين ممن تقل أعمارهم عن 40 عاماً وصلت إلى 53 %.

 

وهذا يعني أن هنالك تقارب بين نسب العاملين في هذا القطاع بين كبار السن وصغار السن، علماً أنه من المفترض أن يعتمد القطاع الخاص بالدرجة الأولى على الفئات العمرية الأصغر.

 

تحديات كبيرة

ويقول الخبير أن هذه المعطيات تشير إلى أن المجتمع بات يتجه نحو الشيخوخة مما سينعكس سلبا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي مستقبلا.

 

ويفرض تحديات كبيرة علينا، مما يستدعي تعديل التوجهات الاقتصادية والاجتماعية، وإعادة النظر في الأسس والمرتكزات السابقة للاقتصاد والمجتمع آخذين بالاعتبار أن هناك حلول يمكن اللجوء إليها لإعادة هذا المجتمع إلى وضعه السابق كمجتمع فتي.

 

تقلص الإنتاج

ولفت كوسا إلى أن المجتمعات والاقتصادات التي ترتفع فيها نسبة المسنين معرضة للعديد من التغيرات خاصة في الجانب الاقتصادي، وأولها

 

خروج أعداد كبيرة من قوة العمل، فتصبح الفئات القابلة للعمل أقل، وبالتالي هناك تقلص في الإنتاج، وتوجه نحو الاستهلاك من قبل المسنين.

 

وهذا الاستهلاك وفقا للخبير كوسا، يشتمل على الإنفاق على الرعاية الصحية، واطإنفاق موجه نحو تأمين المعاشات التقاعدية، أي خروج هذه المبالغ من نطاق أو حيز الاستثمار.

 

إضافة إلى ارتفاع معدل الإعالة، بحيث يعتمد المجتمع على أعداد أقل من العاملين المنتجين، خاصة من زاوية تحصيل الضرائب منهم لتوجهيها نحو الإنفاق على الصحة والمعاشات.

 

نصف الكتلة

وأكد كوسا أنه حالياً تقارب نسبة المعاشات التقاعدية لدينا حوالي 50% من كتلة الرواتب والأجور في الموازنة العامة للدولة، علماً إننا مازلنا نحسب على المجتمعات الفتية أو غير الكهلة على الأقل.

 

والخلاصة برأيه أن انخفاض أعداد السكان في سن العمل في أي اقتصاد أو مجتمع سيكون من نتائجه انخفاض الإنتاجية.

 

وبالتالي انحدار النمو الاقتصادي، ونمو بطيء ينعكس على كافة جوانب الحياة الاجتماعية المختلفة كانخفاض مستويات التعليم والتأثير على المنظومة الصحية والرعاية الصحية والاجتماعية،

ليكون التطور أقل والخدمات أقل والأسواق بدائية، ويؤدي أيضاً إلى زيادة في الطلب على السلع والخدمات وارتفاع في تكاليفها، ومن ثم ارتفاع أسعارها.

وكل هذا يشمل جانباً من آثار ارتفاع نسبة المسنين في الاقتصاد أو المجتمع.

 

مشروع استراتيجي

وكانت الحكومة السورية قد أطلقت مؤخراً مشروع الاستراتيجية الوطنية لرعاية كبار السن وحمايتهم بدعم من “الإسكوا”.

 

وذكر بيان الحكومة أن الاستراتيجية تعكس “التزام الدولة ببناء بيئة داعمة لهم تحترم خصوصيتهم واحتياجاتهم، وتؤكد الحرص على إبقائهم في محيطهم الطبيعي، وتأمين الرعاية الاجتماعية الكاملة لهم”.

 

ما عجزوا عنه

وإذا كنا نأمل في تحقيق أي من أهداف الاستراتيجية التي تطرح تأمين حياة كريمة للمسنين، سواء عن طريق تخصيصهم براتب تقاعدي، أو تأمينات اجتماعية تؤمن له ما يكفيهم،

 

يبقى التحدي الأكبر في مصادر التمويل أمام حكومات عجزت عبر التاريخ عن تأمين الحد الأدنى من متطلبات الحياة لكافة المواطنين، فهل ستكون هذه الخطة استثناء؟!

 

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

مقالات ذات صلة