الجمعة, سبتمبر 20, 2024
HashtagSyria
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةالمصالحة السورية التركية.. ما الدوافع والمنافع الاقتصادية؟

المصالحة السورية التركية.. ما الدوافع والمنافع الاقتصادية؟

هاشتاغ- عبد الرحيم أحمد

عاد الحديث عن المصالحة السورية التركية ليتصدر تصريحات المسؤولين الأتراك والسوريين، ويشغل دول الجوار واهتمام المواطنين في البلدين “الجارين” اللذين تأرجحت العلاقات بينهما “حد العداوة وحد الوئام المفاجئ” ولو لفترات قصيرة.

وبالرغم من أن العوامل السياسية والممارسات التركية هي التي أساءت إلى العلاقات الثنائية بعد عام 2011 وقضت على مسار الوئام الذي طبع تلك العلاقات منذ عام 2002، فإن الدوافع الاقتصادية قد تشكل رافعة قوية وعاملاً مهماً في البحث التركي والسوري عن المصالحة السياسية وتسوية الخلافات.

لماذا تغيرت لغة أردوغان تجاه سوريا؟

بعد نحو 11 عاماً من العداء التركي واللغة الفظّة التي استخدمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مخاطبة نظيره السوري بشار الأسد، فجأة ومن دون مقدمات عاد أردوغان إلى استخدام اللغة الدبلوماسية المحترمة في مخاطبة الأسد، ويدعوه للقاء والمصالحة!

ويلخص المتابعون أسباب التحول التركي بثلاثة أهداف رئيسية: القضاء على تهديد وحدات حماية الشعب الكردية، وتسهيل عودة اللاجئين بعد تنامي المشاعر الشعبية المعادية لهم والتي تستخدمها المعارضة عامل ضغط على حكومة أردوغان، وتعزيز الوضع الاقتصادي التركي الذي يعاني ضغوطاً ومصاعب متزايدة.

مصالحة سياسية بنتائج اقتصادية

وعن هذا الأمر يقول الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور عابد فضليّة لـ “هاشتاغ”: “إن التقارب السوري التركي المرتقب هو مصلحة (تركية .. ثم سورية) أكثر مما هي مصالحة بالمعنى السياسي المعروف”.

فالهدف من المصالحة بحسب الدكتور فضليّة “ليس اقتصادياً بقدر ما هو عسكري، سياسي واستراتيجي ذو أثر اقتصادي إيجابي كتحصيل حاصل”.

ويرى فضليّة أنه بعد “فشل” المحاولات الغربية وأدواتها كافة (منها التركية) ضد سوريا، يجري توزيع أدوار جديدة، إذ “تم إسناد مهام العبث بأمن دول المنطقة وصولا إلى اليمن (لإسرائيل) كمخرب بالأصالة والوكالة؛ وفي إطار ذلك أسند لتركيا دور جديد يتطلب تكتيكاً جديداً يناسب المرحلة يتمثل بالحيادية عموما و/أو بالتصالحية مع سوريا”.

فوائد اقتصادية للبلدين

لكن الدكتور حيان سلمان، الخبير بالشؤون الاقتصادية يرى أن هذه المصالحة “ستؤثر بشكل إيجابي” في البلدين،  في “زيادة معدل النمو الاقتصادي وزيادة قيمة الناتج المحلي الإجمالي وتخفيض معدل التضخم وتقليل البطالة”.

ويضيف الباحث سلمان في حديث لـ “هاشتاغ” أن عودة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل الحرب “سيساهم في تفعيل الدورة الاقتصادية في البلدين بتفعيل التجارة وزيادة التبادل التجاري والاستثمارات”، كما سيقود إلى “انسياب السلع إلى سوقي البلدين من دون عوائق” شريطة أن تكون على “أساس المساعدة والمساواة والتكامل وليس الإزاحة والسيطرة”.

بوابة تركيا إلى الخليج العربي

شكلت سوريا سابقاً بوابة تركيا إلى دول الخليج، وبحسب آخر الإحصائيات التركية بلغ حجم التجارة بين تركيا ومجلس التعاون الخليجي عام 2023 أكثر من 31 مليار دولار، لذلك فمن المتوقع أن تكون لإعادة فتح المعابر الحدودية، (والعملية قيد التحضير) نتائج اقتصادية كبيرة على البلدين عبر تجارة الترانزيت وخصوصاً تسهيل وصول السلع والبضائع التركية إلى الأسواق الخليجية بأسرع الطرق وأيسرها.

وعن هذا الأمر يقول الدكتور فضليّة أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق “لا شك أن فتح طرق الترانزيت يفيد البلدين في الاتجاهات كلها، وخصوصاً مع دول الخليج .. مع العلم أن تركيا سوف تستفيد أكثر بسبب الحجم الكبير لتجارتها الخارجية”.

يؤيد الدكتور سلمان هذه الفكرة ويضيف أن فتح المعابر الحدودية “سيؤثر إيجابا في الاقتصاد التركي بوصول السلع والخدمات التركية إلى دول مجلس التعاون الخليجي بيسر وسهولة، سواء عن طريق التجارة الحرة أم الترانزيت، وبما يوفر في الوقت والتكلفة والاستثمارات وانتقال اليد العاملة وغيرها من عوامل الدعم الاقتصادي”.

ويضيف أن ذلك “سيعزز فرص الاستثمارات بين تركيا والدول الخليجية، وتشكل استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي نسبة أكثر من 8% من الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا منذ عام 2020”.

فوائد سوريا وإعادة الإعمار

يرى الدكتور فضليّة أن عملية إعادة الإعمار في سوريا ستستمر عموماً سنوات طويلة؛ وخصوصاً في المناطق غير الاستراتيجية ..  “ولن تكون هذه العملية مسؤولية سوريا فقط، بل ستسهم فيها الكثير من الدول سيما التي تسببت وأسهمت عسكريا بتأجيجها، وبالتالي سيكون لتركيا دور في عملية إعادة الإعمار كما لعدد من الدول الأخرى، ليس من باب الحسنة .. بل من باب الواجب”.

ويوافقه الدكتور سلمان أن “الاستثمارات التركية والخبرات التركية” ستساهم إلى جانب غيرها في الاستثمار في المشاريع الاقتصادية السورية”.

لكنه يضيف أن تطبيع العلاقة سيساهم أيضاً في “تحقيق الأمن والسلام” على الأراضي السورية وبالتالي تتمكن الدولة السورية من “استعادة سيطرتها على مواردها في الجزيرة السورية وريف حلب الشمالي، وهذه المناطق تضم ما يزيد على 61% من الثروة السورية وخصوصا (النفط والغاز والقمح والثروة المائية والحيوانية …إلخ)، وهذا يؤثر إيجابا في تفعيل الدورة الاقتصادية السورية، وخصوصا بعد تأمين الغاز والنفط وهذا سيساهم في تشغيل المواقع الإنتاجية بوساطة حوامل الطاقة والكهرباء”

الترانزيت وتجاوز تبعات الحصار على سوريا

يرى الدكتور سلمان أن عودة العلاقات الاقتصادية بين دمشق وأنقرة ستؤدي إلى “تقليل تأثير العقوبات الغربية في سوريا سواء كانت العقوبات المعلنة أم غير المعلنة”، بزيادة حجم التبادل التجاري وإعادة تفعيل اتفاقية التجارة الحرة “بشروط جديدة”.

ويضيف أن تطبيع العلاقة سيؤدي إلى “تفعيل السياحة بين البلدين والتجارة البينية، كما سيساهم في انسياب السلع إلى سوقي البلدين من دون عوائق وتقليل الفجوة التسويقية”.

وبحسب الإحصائيات السورية دخلت ما يزيد على 100 ألف شاحنة تركية سوريا عام 2010 منها 60 ألف ترانزيت.

ويربط الدكتور فضليّة ازدياد أو تقلص الاستفادة من تجارة الترانزيت “بتحسن أو عدم تحسن علاقات تركيا التجارية مع دول الخليج والدول الأخرى التي تمر مستورداتها (وصادراتها) عبر سوريا على الشاحنات التركية”، لكن من المتوقع أن “تزداد أهمية هذه المعابر”.

عودة رؤوس الأموال والشركات السورية من تركيا

يؤكد الدكتور سلمان أن المصالحة ستؤثر في “زيادة التدفقات الاستثمارية” بين البلدين وعودة “الاستثمارات التركية والسورية الموجودة في تركيا” إلى السوق السورية، إذ تشير الدراسات بحسب الباحث سلمان إلى أنه “يوجد ما يزيد على 20 ألف شركة سورية تعمل حالياً في تركيا، وخصوصا في مجال (اقتصاد الظل) ويصل حجم الاستثمارات السورية إلى ما يزيد على 15 مليار دولار في أهم القطاعات الصناعية والخدمية”.

ويرى الدكتور فضليّة أنه “توجد استثمارات سورية كبيرة في تركيا هربت معظمها إلى هناك بسبب الحرب .. ولكن جزءا من هذه الاستثمارات ستعود إلى سوريا بمجرد حل المشكلة السورية وعودة الأراضي كافة إلى حضن الدولة كما هو متوقع وحلول الأمن والأمان على كافة أراضيها ضمن حدودها المعروفة قبل عام 2010”.

إعادة النظر باتفاقية التجارة الحرة

دخلت اتفاقية التجارة الحرة بين سوريا وتركيا حيز التنفيذ عام 2007 لكنها بحسب الدكتور فضليّة “كانت غير متوازنة وثقل تطبيقها كان لصالح تركيا” وأن أي اتفاقية جديدة ينبغي “أن لا تكون منحازة لصالح تركيا”، كما كان الأمر سابقا.

ويضيف أن “النتائج الاقتصادية ستكون لصالح تركيا في حال تم فتح الباب لها جمركياً على الغارب كما كان الأمر قبل الحرب، ونأمل أن لا يتكرر ذلك في المرحلة القادمة”.

وفي هذا الاتجاه يدعو الدكتور سلمان إلى مراعاة “القواعد العالمية للتجارة الدولية وخصوصا مكافحة الإغراق الاقتصادي”.

عوائق أمام استعادة التعاون الاقتصادي والتجاري

يرى الدكتور فضليّة أن التعاون الاقتصادي مع تركيا “لن يعود إلى سابق عهده إلا بعد فترة بعيدة .. وبعد أن تستوي وتعتدل بقية الأوضاع غير الاقتصادية”.

وكذلك يعتقد الدكتور سلمان أن العوائق أمام استعادة التعاون الاقتصادي بين البلدين إلى سابق عهده ذات طبيعة سياسية وأمنية وليست عوائق اقتصادية مجردة، ويقول إنه ينبغي “سحب القوات التركية” من الأراضي السورية واحترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والعودة إلى اتفاق أضنة (1998) الذي يضمن أمن الحدود المشتركة والتخلي عن الأطماع التركية في الأراضي السورية والتعاون في مكافحة الإرهاب.

يمكنكم متابعة قناتنا على اليوتيوب

مقالات ذات صلة