هاشتاغ _ يوسف الصايغ (بيروت)
شكلت خطة إعادة النازحين السوريين في لبنان والتي طرحها وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عصام شرف الدين مادةً جديدة للانقسام السياسي في لبنان.
يأتي ذلك في ظل الموقف الرافض للخطة من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والوزراء المحسوبين عليه عبر ربطهم مسألة إعادة النازحين باللجنة الوزارية المكلفة بهذا الملف وربطها بالجهات الدولية المانحة.
ميقاتي كان قد وافق في شهر نيسان/إبريل على تكليف الوزير شرف الدين متابعة ملف إعادة النازحين مع الجهات السورية المعنية، حيث قام وزير المهجرين اللبناني بزيارة العاصمة السورية دمشق، وتم الاتفاق مع الجانب السوري على بنود خطة إعادة النازحين.
خلال استقباله في دمشق، أكد وزير الإدارة المحلية والبيئة السوري حسين مخلوف، أن هناك “توافقاً في الرؤية بين الجانبين السوري واللبناني لجهة عودة جميع اللاجئين”.
تجاوب ووعود سورية
من جهته يوضح وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عصام شرف الدين في حديث خاص لـ “هاشتاغ” أن الحكومة السورية والجهات المعنية أبدوا كل تجاوب وقدموا التسهيلات اللازمة، لا سيما بعد العفو الرئاسي الصادر عن كل من حمل السلاح.
وكشف شرف الدين أن هناك وعد سوري بإعادة التوظيف، إضافة إلى إنشاء 480 مركز إيواء للنازحين لاستقبال 180 ألف نازح بشكل فوري، ما يؤكد على التجاوب الكلي من قبل الدولة السورية في ملف إعادة النازحين”.
ويؤكد شرف الدين أن “الدولة السورية أخذت على عاتقها كل التسهيلات على مستوى الإدارات المحلية ووزارة الداخلية لتأمين الأوراق الثبوتية للولادات وللأشخاص الذين فقدوا أوراقهم الشخصية.
شأن لبناني – سوري
وإذ يلفت الوزير شرف الدين إلى أن “العودة للنازحين السوريين إلى وطنهم باتت مفتوحة، يكشف عن إقامة وزارته عدداً من المنسقيات في بعض المناطق، خصوصا في طرابلس وعرسال وعكار، حيث تم تقديم لوائح إلى المديرية العامة للأمن العام “وكل شيء أفضل مما كنا نتوقع، وشرحنا كيف يمكن عبر القانون تأمين عودة النازحين دون العودة إلى المفوضية العامة للنازحين لأنه شأن لبناني – سوري” وفقا للوزير.
وأشار إلى أنه “تم التطرق الى مسألة اللاجئين السياسيين والذي يندرج ضمن الأعراف الدولية، والاتفاق مع المفوضية السامية للاجئين التي ستتولى مسؤولية ترحيلهم الى دولة ثانية”.
ويكشف وزير المهجرين اللبناني أن “مفوضية شؤون اللاجئين وبضغط من الجهات المانحة لم توافق على دفع المساعدات للعائدين إلى سوريا، وهذا عامل غير محفز للنازحين السوريين للعودة إلى بلدهم، كما يتم بث ما يثير مخاوف النازحين عبر وسائل الإعلام وإشاعة مزاعم عن اعتقالات يتعرضون لها لدى عودتهم”.
عودة مفتوحة
ويضيف:” بغض النظر عن موقف الجهات الدولية الرافض، أعددنا خطة متواضعة لتنظيم عودة النازحين، ونحن تحدثنا عن إعادة 15ألف نازح شهريا، لكن الهيئات السورية دعت إلى جعلها مفتوحة معلنةً استعدادها لاستقبال 180 الف نازح كدفعة اولى”.
ويؤكد الوزير شرف الدين في حديثه لـ”هاشتاغ” تلقي الوزارة عبر منسقيتها في عرسال طلبات عودة من 6 قرى “وكل يوم يتم إنجاز الطلبات في قرية جديدة، وذلك بالتعاون والتنسيق مع الأمن العام، الذي سيفتتح 17 مركزا لتسجيل أسماء الأهالي الراغبين بالعودة الى سوريا، مع الضمانات والتسهيلات والنقل عبر الجهات السورية، التي ابدت استعدادها لنقلهم من داخل الاراضي اللبنانية، لكن هذا الامر يتطلب التنسيق مع الامن العام اللبناني”.
زيارة “متفق عليها”
وزير المهجرين يجدد تأكيده على أن “الوزراء قاموا بتكليفه بالإجماع خلال الجلسات التي عُقدت في شهر نيسان بمتابعة ملف إعادة النازحين مع الجانب السوري: “هناك سبعة وزراء ضمن لجنة عودة التازحين فوضوني مع رئيس الحكومة بالكامل للذهاب إلى سوريا، كما بارك كل من فخامة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب الخطوة، وأنا قمت بواجباتي كاملة في هذا الصدد، كذلك لا يوجد زعيم سياسي أو روحي في لبنان معترض على هذه العودة”.
ويلفت الوزير شرف الدين إلى أنه سجل زيارته إلى سوريا في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وكان ميقاتي مباركا لهذه الخطوة.
لكن “بعد عودتي من سوريا، حيث كنت أحمل مشروعا ناجحا قابلا للتطبيق، يبدو أن الجهات المانحة قامت بالضغط على ميقاتي كونه مستثمر ولديه شركات كبيرة بالخارج”.
ميقاتي يتراجع
الوزير شرف الدين أعرب عن مآخذ على رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، الذي “قدَم مصالحه الخاصة على مصلحة الوطن”.
ويختم الوزير شرف الدين بالإشارة إلى أن “الجميع في لبنان يؤيدون هذا المشروع الوطني بامتياز، في ظل الظروف الحالية والأوضاع الاقتصادية الضاغطة في لبنان”.
“وطن بديل”
بعد الكلام الواضح للوزير شرف الدين، يبدو واضحا أن ضغوط دولية من قبل الجهات المانحة تمارس على ميقاتي وفريقه الوزاري لعرقلة خطة إعادة النازحين السوريين لأهداف سياسية مرتبطة بالموقف من سوريا.
ولعل أخطر ما في الأمر ما سبق وأعلنه وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار عما أسماه العمل على “نقاط عملانية لها علاقة بموضوع النازحين ضمن القوانين اللبنانية، وهذا يعني عودة من هو نازح بشكل آمن إلى الأراضي السورية، ولمن لا يستطيع أن يذهب إلى سوريا، تأمين وطن بديل له”.
وأضاف: “وفي الوقت نفسه، تطبيق القوانين اللبنانية مع إكمال التفاوض الهادئ والعقلاني، مع المراجع الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة”.
وهذا ما يرسم علامة استفهام كبرى، فهل يعقل أن يرفض فريق لبناني ممثلاً برئيس حكومة تصريف الأعمال ووزرائه التفاوض مع الدولة السورية مباشرة حول إعادة مواطنيها إلى أرضهم، بينما يقبلون بالتفاوض مع المؤسسات الدولية؟
فما هو الهدف الحقيقي وراء عرقلة جهود وخطة وزير المهجرين لتنفيذ خطة العودة الطوعية للنازحين السوريين إلى أراضيهم ووطنهم؟