الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةالنظام الإقليمي.. إلى أين؟

النظام الإقليمي.. إلى أين؟

هاشتاغ-مازن بلال

تقدم تحركات دول الخليج الأخيرة مؤشرات واضحة على رغبة في “هندسة” نظام إقليمي، فالتجربة خلال مرحلة “الربيع العربي” أظهرت تخبطا في كافة التوازنات الإقليمية، ووضعت شرقي المتوسط وشمال أفريقيا أمام احتمالات مفتوحة من مخاطر متعددة نتيجة انهيار العلاقات المؤسسة لدول المنطقة، فالجامعة العربية رغم كل الملاحظات عليها كانت إطارا لدول ناشئة وسط صراعات واستقطابات دولية، وضمنت على الأقل شرعية الاعتراف المتبادل للدول العربية رغم كافة الاضطرابات التي شهدها النصف الثاني من القرن العشرين.

تجلت الأزمة الإقليمية قبل “الربيع العربي” بعد أن أطاحت الثورة الإسلامية بالتوازن الذي استمر لعقود، وبالتأكيد فإن الأزمة العميقة بدأت مع “تأسيس إسرائيل”، ولكن حتى عام 1979 كان اتجاه الاضطراب في المنطقة له محور واحد هو الصراع العربي – الإسرائيلي، ولم يكن صعبا على الدول العربية تحييد مصر عندما وقعت اتفاق سلام مع “إسرائيل”، لكن الدور الإقليمي المتصاعد لإيران أطاح بكل التوازنات، وكانت الحرب العراقية – الإيرانية بداية تكسير كافة التوازنات القديمة، وتركت المنطقة مع نهاية الثمانينات منهكة ومأزومة، ثم انكشفت كل المنطقة استراتيجيا بعد احتلال الكويت واندلاع حرب الخليج الأولى.

لعبت تركيا مع بداية القرن العشرين دورا إضافيا في كسر التوازنات، وبعد رفضها استخدام حدودها مع العراق أمام القوات الأمريكية التي اسقطت حكم صدام، أصبح واضحا أنها لم تعد ضمن دور واحد يربطها مع حلف شمال الأطلسي، إنما بدأت ترسم طموحات أخرى نتيجة رفض الاتحاد الأوروبي الانضمام إلى شبكة الاتحاد، وبات الشرق الأوسط محكوما بقوى إقليمية إضافية غير من طبيعة العلاقات داخل دول الجامعة العربية عموما، وابتداء من “زمن الربيع العربي” اندلعت ثلاث حروب في اليمن وليبيا وسورية، ولعبت كل دول المنطقة أدوارا متفاوتة في هذه الحروب.

ترتيب نظام إقليمي مختلف اليوم ليس مسألة معقدة فقط، إنما طريقة تفكير سياسي مختلف تماما عن السابق، وما حدث خلال الأشهر القليلة الماضية يعكس رغبة في ترتيب العلاقات الإقليمية، ولكن من الصعب معرفة أن ما يحدث يستند لاستراتيجيات جديدة تأخذ بعين الاعتبار كافة التكوينات الإقليمية التي ظهرت منذ ثمانينات القرن الماضي.

عمليا فإن الانفراجات الحاصلة اليوم هي محاولة لتغيير المعطيات التي تحكم الأزمات المتشابكة، وتشكل سورية نقطة مفصلية لأنها نقطة تلاق للقوى الإقليمية والدولية، والسؤال المركزي في هذا الأمر يرتبط في قدرة تبديل المعطيات على فتح ممكنات لترتيب النظام الإقليمي من جديد، فالنقطتين الأساسيتين في هذا الموضوع تظهران في:

– إمكانية استغلال الزمن الدولي الخاص مع عدم القدرة على خلق مركزية للنظام الدولي، فإذا كان صحيحا أننا لم ندخل في نظام متعدد الأقطاب، لكننا في نفس الوقت نعيش مرحلة تآكل اضطراب دولية ربما تؤدي لتحولات مختلفة.

– لا يكفي استغلال “الزمن الدولي” لترتيب نظام إقليمي، فهناك ضرورة لتفكير سياسي مرتبط بمفهوم التوازن الإقليمي مع الأخذ بكافة عناصره المستجدة، ابتداء من الأدوار المستجدة (تركيا وإيران)، وانتهاء بتحول السياسات الخليجية نحو لعب أدوار في الاستقطاب الثقافي والتنموي وليس فقط بالعامل المالي.

العلاقات العربية – السورية مازالت تحتاج لقاعدة جديدة في فهم أسس التوازنات القادمة، وما يحدث اليوم يشكل فرصة لتأسيس هذه القاعدة وربما بناء مفهوم للأمن الإقليمي مختلف عن التجارب السابقة.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
مقالات ذات صلة