هاشتاغ _ يارا صقر
متلازمة اليد الغريبة أو Alien Hand Syndrome هي حالة نادرة مرتبطة بالجهاز العصبي (المخ خاصة)، ولا تكون اليد فيها تحت سيطرة الإنسان الواعية حيث تتحرك من تلقاء نفسها كما لو كان لها دماغا مستقلا خاصا بها.
وتُعرف متلازمة اليد الغريبة Alien Hand Syndrome باسم متلازمة دكتور سترينجلوف Dr. Strangelove Syndrome، وهو اسم لشخصية في فيلم ستانلي كوبريك الشهير الذي تم عرضه في عام 1964.
يقول الدكتور باسل سلهب اختصاصي دراسات عليا تخصصية في الجراحة العصبية: “توصف حركات متلازمة اليد الغريبة على أنها حركات معقدة هدفية في نتائجها للقيام بمهام غير مقصودة من قبل المريض وتكون خارجة عن إرادة المريض بشكل كلي وخارج سيطرة الدماغ الواعية” .
ووفقاً لسلهب قد تصيب هذه المتلازمة الأطفال، ولكن بشكل نادر جدا؛ فهي غالبا تصيب البالغين وتشمل يد (طرف علوي) و ممكن أن تشمل الساق ( طرف سفلي) في حالات قليلة جدا.
أسباب متلازمة اليد الغريبة
يقول د.سلهب: “إن أسباب متلازمة اليد الغريبة كثيرة منها الحوادث الوعائية الدماغية التي تعتبر السبب الأندر، وحسبما يرى الباحثون سواء أكانت إقفارية أو نزفية، ربما يعزى السبب أيضا للرضوض أوالأورام الدماغية أوالأمراض التنكسية العصبية مثل التصلب اللويحي وغيره، أوقد يكون سببها تشوه في الأوعية كأمهات الدم الدماغية حسب المنطقة أوالشريان التي تسبب الأذية فيه”.
ويوضح سلهب “لوحظ عند من تم دراستهم من مرضى هذه المتلازمة، أن الأذية قد تشمل الفص الجداري والباحات الحسية أوالجبهي والباحات المحركة وبشكل خاص الجزء الأمامي من التلفيف الحزامي على الوجه الأنسي لنصف الكرة المخية أوأذية الجسم الثفني”.
ويكمل سلهب: قد يرتبط إجراء عملية جراحية عصبية في الدماغ بحدوث هذه المتلازمة أيضاً وبخاصة العمليات التي تكنيكها يعتمد على إحداث تبعيد لنصفي الكرتين المخيتين وما قد يتلو ذلك من أذية للجسم الثفني أو رض.
و أيضا جراحات علاج الصرع قد تؤثر على الدماغ، وتؤدي إلى حدوث متلازمة اليد الغريبة أحيانا.
أعراض متلازمة اليد الغريبة
يبّين سلهب أن من أهم الأعراض غياب القدرة على السيطرة بشكل كلي على اليد، وعادة الحالة تصيب اليد اليسرى أو اليد غير المسيطرة (فمثلا إذا كانت الإصابة باليد اليسرى تكون الأذية في الجزء الأيمن من الدماغ، أي في الجهة المقابلة للإصابة).
ويشكي المريض عادة أنه يمتلك يدا جديدة أو أن هناك جهاز عصبي آخر يتحكم فيها.
كما يمكن أن تصطدم بالأشياء أو تصفع الوجه وقد تتسب بالأذى للشخص ولمن حوله.
ويؤكد سلهب أن هذه اليد غالبا تتظاهر بمقاومة سلوكيات اليد الأخرى الحركية، في حين قد تتظاهر بارتفاع للطرف غير مسيطر عليه بشكل مهم.
تشخيص المتلازمة
يلفت سلهب الى أن تشخيص هذه الحالة ليس سهلا، وقد يكون معقدا، لأنها حالة نادرة ومعقدة جدا، “ونحن كممارسين نلجأ للتأمل ومراقبة سلوك اليد حركيا وحسيا وأيضا الفحص العصبي الدقيق مهم جدا في التقييم الأجود.”
ويتابع سلهب “نجري فحص عصبي شامل، ونحتاج إلى استقصاءات شعاعية، تخطيط للدماغ، طبقي محوري، رنين مغناطيسي، تصوير الأوعية الظليل، أوالتصوير الوعائي، لتحديد إن كان هناك سبب عضوي مهم ولا يمنع أن نطلب استشارة نفسية لأن الاضطرابات السلوكية يمكن أن يكون فيها لَبس”.
ويلفت الاختصاصي إلى أنه في بعض الحالات العصبية التي يتأثر فيها الفص الجبهي ومناطق مختلفة من الدماغ يمكن أن تؤدي لاضطراب بالسلوك والعواطف، ومن هنا يمكن أن يؤدي إلى التباس؛ هل هي حالة يد غريبة صرفة أو أنها تكون في سياق اضطراب سلوكي من منشأ نفسي أوعضوي؟”.
في الحقيقة – يستطرد الإختصاصي– وجد الباحثون أثناء إجراء رنين مغناطيسي وظيفي للدماغ و التقييم المتقدم للمخ، أن هناك نشاط معزول في الباحة الحركية المقابلة لجهة الإصابة، أي هو فقط بمستوى الباحة المحركة ولا ينخرط به أي جزء آخر من أجزاء السبيل الحركي.
وهذا ما يفسر -وفقا للدكتور سلهب- غياب السيطرة الواعية على اليد حسبما وجدوا، ويفسر بشكل كبير هذه التظاهرات الغريبة .
علاج المتلازمة
يؤكد سلهب أنه لا يوجد علاج نوعي معروف لهذه المتلازمة، وما زالت الأبحاث السريرية والدراسات مستمرة للوصول إلى علاج معين مفيد بدرجة كبيرة، ولكن ثمة أساليب كثيرة تساعد على زيادة تحكم العضوية (الإنسان) باليد التي أصيبت، من أجل العمل على تقليل حركاتها غير الإرادية، وتقليل الآثار السلبية لذلك من خلال:
– العلاج الدوائي أوالجراحي في حال تبين انخراط سبب عضوي كما ذكر أعلاه في إحداث المتلازمة.
– بالنسبة للأمراض التنكسية نادراً ما تكون النتائج مبشرة على خلاف علاج الأسباب الأخرى كالجلطات الدماغية والأورام وغير ذلك التي قد نلحظ فيها تحسنا تدريجيا وربما ليس كليا في غالب الأحيان.
يلفت سلهب إلى أنه “حديثا يمكن استخدام علاجات التحكم بالعضلات وإرخائها كحقن الذيفان البوتيليني (البوتوكس)، الذي قد يحقق إرخاءً داعماً وذلك حسب شدة الحالة.”
ويشير إلى أن “إعطاء المريض مضادات الاكتئاب والمهدئات التي قد تمارس أثراً مركنا لليد قد يكون فعالاً أحياناً وبخاصة أن الحالة تسبب إحراجاً وتوتراً نفسياً للمريض مما قد يؤثر بشكل سلبي على حالته النفسية”.
ويقول سلهب: “يمكن إصدار أوامر لليد لمزيد من تحكم الدماغ والجسم باليد المصابة، وبالتالي سهولة التحكم في حركة اليد من خلال كلمات منطوقة موجهة مرتبطة بتثبيط الحركات في حال كان ذلك قد يجدي”.
ويوضح سلهب أنه “في مثل هكذا متلازمة، لا يمكن تعميم طريقة أو وسيلة واحدة لعلاج جميع المرضى، ولكن لكل مريض يكون له خصوصية.”
مثلا – يشرح الاختصاصي – يمكن السيطرة على اليد من خلال ربطها، أوحملها برافع ذراع بهدف تقليل مجال الحركة، أوشغلها بمسك شيء ما حتى تنتهي هذه النوبة، أوالجلوس عليها أو حجزها بين ركبتي المريض.
في ختام حديثه لهاشتاغ، يقول سلهب: “أود أن أعرج ثانية على ندرة هذه المتلازمة رغم أنني شهدتها مرة واحدة عند سيدة مسنة وهي موجودة في إحدى قرى ريف اللاذقية، وتعاني من معاكسة شديدة باليد اليسرى لكل سلوك إرادي تؤديه اليد اليمنى، وقد تكيفت مع حالتها بأنها تثبت يدها بحامل ذراع وتحاول مسكها بيدها اليمنى حتى تنتهي النوبة.”
كما أنها تخلت عن كثير من الأشياء التي كانت تجريها بمفردها، وهناك من يطعمها ومن يلبسها ملابسها في أغلب الاوقات.
ويختم الاختصاصي “اليد عضو مميز بدقة حركاته والمهارات العالية التي يؤديها، حتى أنها تشغل حصة الأسد بالتمثيل الحسي والحركي في باحات الدماغ رغم حجهما الصغير مقارنة بأعضاء أخرى”.