هاشتاغ- عبد الرحيم أحمد
تنتهي اليوم الأحد عمليات تقديم طلبات الترشح للانتخابات التشريعية للدور التشريعي الرابع المقررة في منتصف شهر تموز القادم، والتي يأمل السوريون منها أن تحدث تغييراً حقيقياً في دور مجلس الشعب بوصول شخصيات تتمتع بكفاءات قادرة على التعبير عن همومهم ومشكلاتهم ومراقبة أداء السلطة التنفيذية ومحاسبتها عند التقصير.
الرئيس السوري بشار الأسد أصدر مرسوماً بتحديد يوم الإثنين 15 تموز القادم موعداً لانتخاب أعضاء مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع وحدد بموجبه عدد أعضاء المجلس البالغ 250 عضواً منهم 127 عضواً لقطاع العمال والفلاحين و123 لقطاع باقي فئات الشعب.
تراجع نسبة المشاركة..
تراجعت نسبة المشاركة في الانتخابات السابقة 2020 إلى 33.17% مقارنة بـ 57.56% عام 2016، وقد عزا وزير العدل آنذاك الأمر إلى انتشار فيروس كورونا. لكن الدكتور محمد العمر الأستاذ المحاضر في كلية الإعلام بجامعة دمشق يرى أن كورونا قد تكون سبباً في تراجع نسبة المشاركة في انتخابات الدور التشريعي الثالث، لكن السبب الأساسي هو “عدم إيمان” السوريين بمجلس الشعب ودوره.
ويعزو الدكتور العمر تراجع اهتمام السوريين بالانتخابات البرلمانية إلى “عدم قناعتهم أو إيمانهم بمجلس الشعب” ويعبّر في تصريح لموقع “هاشتاغ” عن اعتقاده أن “المشاركة ستكون ضعيفة جداً” وبالتالي يجب إعادة الحسابات بكل ما يخص انتخابات مجلس الشعب.
يشاركه الرأي المحلل السياسي الدكتور حسام شعيب الذي يرى أنه “سيكون هناك تراجع في المشاركة في هذا الدور التشريعي سواء بالترشح للانتخابات أم بالمشاركة في الانتخاب”، مرجعاً السبب إلى أداء مجلس الشعب في الأدوار التشريعية السابقة التي شكّلت بحسب شعيب “حالة من خيبة الأمل لدى المواطن السوري”، إذ لم يستطع المجلس أن يلبي طموحات الشعب السوري ولم يستطع أن يحاسب الحكومة أو يلزمها بتغيير منهج اقتصادي أو الحالة المعيشية للمواطن السوري التي تلح عليه بقوة.
سيطرة حزب البعث على المجلس..
يحظى حزب البعث العربي الاشتراكي الذي يحكم البلاد منذ عام 1963 بغالبية مقاعد البرلمان بنسبة 66.6% في حين تشغل باقي أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية (9 أحزاب) المتحالفة معه ما نسبته 7% تقريباً والنسبة الباقية للمستقلين والأحزاب السياسية الأخرى.
البعث يجدد نفسه..
استبق حزب البعث الانتخابات البرلمانية بإجراء انتخابات داخلية ضمن رؤية أمينه العالم لتطوير الحزب الذي أصابه التكلس وفقد حيويته. وقد أفضت الانتخابات التي جرت على مراحل إلى انتخاب لجنة مركزية مؤلفة من 125 عضواً منهم 45 عضواً يعينهم الأمين العام، وقيادة مركزية جديدة. وقد فاجأت أسماء القيادة المركزية الجديدة المتابعين وجاءت خارج توقعات أكثر المطلعين على المشهد البعثي عن قرب.
ويرى الدكتور العمر أن انتخابات اللجنة المركزية .. “كانت بداية موفقة” لذلك يأمل أن “يتم استخدام الآلية والذهنية والخطوط نفسها التي وضعها الرئيس الأسد من أجل اختيار قوائم الحزب لانتخابات مجلس الشعب واعتماد الكفاءات وممثلين حقيقيين للشعب”.
ومنذ الدور التشريعي الماضي بدأ حزب البعث بإجراء عمليات استئناس داخلية لاختيار المرشحين الأفضل لتمثيل الحزب تحت قبة البرلمان مع الحرص على تمثيل الشباب بفرض اختيار شخصيات شابة في كل محافظة وكذلك تمثيل المرأة التي يفرض فيها الحزب اختيار عنصر نسائي في كل لائحة انتخابية عن المحافظات.
ويرى الدكتور شعيب في تصريح لـ “هاشتاغ” أنه “بحسب المعلومات الأولية سيتم هذا العام توسيع الاستئناس وإشراك القواعد الحزبية على أوسع نطاق لاختيار ممثلي الحزب الأكثر كفاءة لمجلس الشعب بوساطة عملية استئناس مؤتمتة بالكامل مما يخفف من مسألة التحالفات والفساد والمال السياسي، ويساعد في تلافي تكرار الأخطاء السابقة بوصول أشخاص لم يكونوا على مستوى المسؤولية”.
وعادة ما يضع الحزب لوائحه الانتخابية عن كل محافظة كدائرة انتخابية واحدة بالاتفاق مع أحزاب الجبهة وتترك بعض المقاعد للمستقلين وللأحزاب الأخرى التي تشكلت بعد عام 2011.
الأحزاب الجديدة ومجلس الشعب.. هل ولدت ميتة؟
تواجه الأحزاب الوليدة التي تم تأسيسها وفق قانون الأحزاب الجديد الصادر عام 2012 صعوبات كبيرة في إيصال مرشحيها وممثليها إلى قبة البرلمان بسبب من سيطرة الأحزاب التقليدية على مقاعد البرلمان من جهة وضعف هذه الأحزاب وعدم وجود قاعدة شعبية داعمة لها.
ويعتقد د. شعيب أن الأحزاب الجديدة يمكن أن تنافس على مقاعد المستقلين لكن مسألة وصولها إلى قبة المجلس تتعلق بمدى حضورها ونشاطها وفعاليتها وقناعة الشارع السوري بها والمسألة لا تتعلق بقوائم حزب البعث. ويؤكد أن “مشاركة هذه الأحزاب الجديدة في الانتخابات البرلمانية أمر مهم جداً وهي حالة صحية جداً” حتى لو أخفقت بهدف تكريس الحالة الديمقراطية.
لكن الدكتور العمر يستبعد قدرة تلك الأحزاب على المنافسة، ويقول: “بكل صراحة ومع الاحترام الشديد، لكل الأحزاب التي ترخصت مؤخراً.. لا أرى أن أي حزب منهم قادر على المنافسة أو لديه أرضية جماهيرية.. فحتى أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية تراجع دورها، والأحزاب الوليدة قد تكون ولدت ميتة”.
قائمة بالأحزاب السياسية في سوريا حالياً:
1-حزب البعث العربي الاشتراكي (جبهة)
2- الحزب الشيوعي السوري (جبهة)
3- الحزب الشيوعي السوري الموحد (جبهة)
4- حزب الاتحاد الاشتراكي العربي (جبهة)
5- حزب العهد الوطني (جبهة)
6- حركة الاشتراكيين العرب (جبهة)
7- الحزب الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي (جبهة)
8- الحزب السوري القومي الاجتماعي (جبهة)
9- حزب الوحدويين الاشتراكيين (جبهة)
10- حزب الاتحاد العربي الديمقراطي(جبهة)
11-حزب التضامن
12- حزب الديمقراطي السوري
13- حزب الطليعة الديمقراطي 14- حزب التضامن العربي الديمقراطي
15- حزب التنمية الوطني
16- حزب الشباب الوطني السوري
17- حزب الشباب الوطني للعدالة والتنمية
18- حزب سوريا الوطن
19- حزب الإرادة الشعبية
20- حزب الشعب
21- حزب التطوير والتحديث
22- حزب الإصلاح الوطني.
المستقلون والمجلس والبرامج الانتخابية..
تشهد الانتخابات البرلمانية معارك حامية بين المستقلين للفوز بعدد محدود من المقاعد المخصصة لهم، وغالباً ما يفوز بها التجار وأصحاب رؤوس الأموال بإنشاء شبكة تحالفات وصرف أموال كبيرة للفوز بأصوات الناخبين.
وعن هذا الأمر يقول الدكتور العمر إنه “للأسف دور المال الانتخابي.. يتم صرف أموال طائلة من قبل التجار ورجال الأعمال بشعارات انتخابية خلّبية” في حين أن أصحاب الكفاءات والشهادات العليا ودكاترة الجامعات غير قادرين على المنافسة ودفع جزء من هذه الأموال لذلك نرى بحسب العمر أن “قسماً كبيراً من المستقلين هم تجار كبار يصلون إلى المجلس بأموالهم ليخدموا مصالحهم ومصالح كل من ساعدهم في الوصول إلى قبة المجلس.. في حين يغيب أصحاب الكفاءات عن المجلس وهنا الطامة الكبرى”.
البرامج الانتخابية..
تخلو الحملات الانتخابية من برامج انتخابية حقيقية، وغالباً ما يطلق المرشحون شعارات ووعود فضفاضة هم أدرى من غيرهم بعدم قدرتهم على تنفيذها، في حين يكتفي حزب البعث بإعلان برنامج انتخابي موحد لجميع لوائحه الانتخابية في المحافظات وتقتصر الدعاية الانتخابية على أيام قليلة قبل موعد الانتخابات لثقته بقدرته على كسح الأصوات بالنظر لتوزعه الجغرافي وتاريخه الطويل مع العملية الانتخابية. في حين يغلب على الحملة الانتخابية التي ينظمها المستقلون من تجار ورجال أعمال الصور والعناوين البراقة.
شرعية الانتخابات في ظل غياب مناطق عنها
على الرغم من أن الحرب التي تتعرض لها سوريا منذ عام 2011 أدّت إلى خروج بعض المناطق عن سيطرة الدولة وسيما في محافظة إدلب والحسكة والرقة وحلب، غير أن الحكومة تحرص على تمثيل تلك المحافظات في مجلس الشعب تأكيداً منها على سيادتها على تلك المناطق من جهة وتمثيل المناطق المحررة من تلك المحافظات تحت قبة البرلمان من جهة ثانية.
لكن المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة تتعامل مع الانتخابات بأنها “غير شرعية” ولا تعنيها في شيء وخصوصاً المناطق التي تخضع لجبهة النصرة (هيئة تحرير الشام) الإرهابية أو تلك التي تسيطر عليها “قسد” والإدارة الذاتية الكردية في الحسكة والتي صنعت لنفسها كيانات ومجالس وإدارات حكم غير معترف بها من أي جهة دولية.
ويرى الدكتور العمر أنه “ما تزال هناك مناطق واسعة تحت سلطة الدولة من المحافظات جميعها التي فيها مناطق خارجة عن سيطرتها وبالتالي لن يؤثر ذلك أبداً في شرعية الانتخابات لأن الغالبية العظمى من المحافظات السورية جميعها تحت مظلة وإشراف الدولة وشيء طبيعي أن تكون الانتخابات شرعية مئة بالمئة.”
ويؤيده في ذلك الدكتور شعيب إذ يرى أن “الانتخابات هنا معنية بالتمثيل لسكان المحافظة” وتتم بوضع صناديق في المناطق المحررة من تلك المناطق ومناطق وجود التجمعات السكانية النازحة من مناطق خارج السيطرة وبالتالي “الانتخابات فيها شرعية” وخروج بعض مناطق المحافظات عن السيطرة لن تؤثر على شرعيتها.
من يحق له المشاركة في الانتخابات ترشحاً وانتخاباً؟
بموجب قانون الانتخابات العامة لعام 2014 وتعديلاته لعام 2016، يحق لجميع السوريين مدنيين وعسكريين ممن أتموا الثامنة عشرة ويعيشون داخل البلاد ممارسة حقهم بالانتخاب شرط ألا يكونوا محرومين منه لسبب قانوني، في حين ينحصر حق الترشح لعضوية المجلس بالمدنيين فقط.
هل سيكون المجلس مختلفاً؟
يرى الدكتور شعيب أنه سيكون هناك “مجلس مختلف تماماً” يتميز بالبحث عن كفاءات جديدة تواكب التحديات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية، وأن التغيرات التي حدثت في اللجنة والقيادة المركزية ستؤثر في انتخابات مجلس الشعب وتحديداً في قوائم الحزب، ومن المتوقع بحسب شعيب “قدوم شخصيات جديدة، أي أن الشخصيات القديمة في مجلس الشعب في غالبها لن تكرر” سيما أن الدور الحالي للمجلس لم يلبِّ طموحات الحزب والشارع السوري بالعموم. “توقعاتي أننا أمام تغيير شبه واسع وكبير في قوائم الحزب في مجلس الشعب”، والكلام للدكتور شعيب.
تفاؤل يشاطره إياه الدكتور العمر معرباً عن اعتقاده بأنه “سيكون هناك شيء جديد بعد ما لمسناه من جدية التغيير في حزب البعث، في اللجنة المركزية والقيادة المركزية وآلية الانتخابات التي جرت ونأمل أن يكون هناك مجلس أفضل من الأدوار السابقة التي لم يسحب فيها المجلس ثقة من وزير أو حكومة.