الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةاقتصادتاريخ انقطاع الكهرباء في البلاد العربية ومشكلات النمو والحرب.. "الظلام يحيط بالعرب"

تاريخ انقطاع الكهرباء في البلاد العربية ومشكلات النمو والحرب.. “الظلام يحيط بالعرب”

يعد انقطاع الكهرباء إحدى أكبر المشكلات الخدمية التي تواجه العديد من الدول العربية، والتي تؤثر سلباً على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمواطنين.

وتختلف درجة هذه المشكلة من بلد إلى آخر، حسب مصادر التوليد والطلب والبنية التحتية والسياسات الحكومية والظروف الأمنية والجيوسياسية.

شبكات كهربائية وتاريخ

بدأت الدول العربية في بناء شبكات الكهرباء في أوائل القرن العشرين، وذلك بمبادرة من الحكومات أو الشركات الأجنبية أو الخاصة، وفي الجدول التالي، نستعرض تاريخ بدء توليد الكهرباء في بعض الدول العربية:

الدولة تاريخ بدءالتوليد المصدر
مصر 1893 شركة بلجيكية
العراق 1917 شركة بريطانية
الأردن 1927 شركة بريطانية
لبنان 1929 شركة فرنسية
سوريا 1934 شركة فرنسية

 

ومنذ ذلك الحين، شهدت الشبكات الكهربائية في الدول العربية تطوراً وتوسعاً متفاوتاً، حسب الإمكانيات المالية والفنية والطبيعية لكل دولة.

كهرباء سوريا والعقوبات

بدأت سوريا في توليد الكهرباء في عام 1934، عندما أنشأت شركة فرنسية محطة بخارية في دمشق، بقدرة 3.5 ميغاواط، وعام 1946 تم تأميم الشركة وتحويلها إلى مؤسسة حكومية تحت اسم “المؤسسة العامة للكهرباء”.

وفي عام 1957، تم إنشاء أول محطة كهرومائية في سوريا على نهر العاصي، بقدرة 75 ميغاواط. وفي عام 1968، تم ربط الشبكات الكهربائية في دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس ودير الزور والقامشلي، لتشكيل شبكة وطنية موحدة.

وشهد عام 1973 تشغيل أول محطة غازية في سوريا في دير علي، بقدرة 120 ميغاواط. وفي عام 1984، تم تشغيل أكبر محطة كهرومائية في سوريا على سد الثورة، بقدرة 800 ميغاواط.

وفي عام 1998، تم تشغيل أول محطة نفطية في سوريا في بانياس، بقدرة 450 ميغاواط، وفي 2006 تم تشغيل أول محطة رياحية في سوريا في السخنة، بقدرة 50 ميغاواط.

وبحلول عام 2010، بلغت القدرة الإنتاجية الاسمية للكهرباء في سوريا حوالي 9 آلاف ميغاواط، منها 54% بخارية، و28% كهرومائية، و14% غازية، و3% نفطية، و1% رياحية.

وكان الطلب الذروي على الكهرباء حوالي 7 آلاف ميغاواط، في حين كانت نسبة الفقد في النقل والتوزيع حوالي 26%.

كما كانت التعرفة الكهربائية منخفضة جداً، بسبب الدعم الحكومي الكبير، والذي بلغ حوالي 2.4 مليار دولار في عام 2010، فداومت سوريا على تصدير الكهرباء إلى لبنان والأردن وتركيا والعراق، بمقدار 1.2 تيراواط ساعة في عام 2010.

ومع اندلاع الأزمة في العام 2011، تدهورت أوضاع قطاع الكهرباء في سوريا بشكل كبير، بسبب الأضرار التي لحقت بالمحطات والشبكات والموارد البشرية والمالية، وبسبب العقوبات الدولية والنزاعات المسلحة والفساد والهدر.

أسباب وتداعيات انقطاع الكهرباء في البلدان العربية

يعود انقطاع الكهرباء في البلدان العربية إلى عوامل متعددة ومترابطة، تتعلق بالإنتاج والنقل والتوزيع والاستهلاك والتمويل والسياسة والأمن، وفيما يلي بعض الأمثلة على هذه العوامل:

في سوريا، تعرض قطاع الكهرباء لأضرار جسيمة بسبب الحرب الدائرة منذ عام 2011، حيث تم تدمير أو تعطيل عدة محطات توليد وخطوط نقل وأنابيب غاز، ما أدى إلى انخفاض القدرة الإنتاجية الاسمية من 9 آلاف ميغاواط إلى 3 آلاف ميغاواط، وانخفاض نصيب الفرد من الكهرباء من 2.2 ميغاواط ساعة في اليوم إلى 0.3 ميغاواط ساعة في اليوم.

وتفاقمت المشكلة بسبب العقوبات الدولية التي حرمت البلاد من الحصول على الوقود والقطع الغيار والتمويل اللازمين لتشغيل وإصلاح المحطات، وبسبب الفساد والهدر والسرقة والتهريب والتلاعب بالتعرفات والتقنين، حيث وصلت ساعات القطع إلى أكثر من 20 ساعة في معظم المحافظات خلا الوقت الراهن.

وأثر انقطاع الكهرباء سلباً على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمواطنين، حيث تضررت الصناعة والزراعة والخدمات والتعليم والصحة والاتصالات والمياه والنقل والأمن والثقافة والترفيه.

ولمواجهة هذا الوضع، اضطر الناس إلى الاعتماد على المولدات والبطاريات والطاقة الشمسية والمواقد الحطبية والشموع، مما زاد من التكاليف والمخاطر والتلوث.

لبنان وأزمة انقطاع الكهرباء

في لبنان، تعاني البلاد من أزمة كهربائية مزمنة منذ انتهاء الحرب الأهلية في عام 1990، حيث لم تتمكن الحكومة من توفير الكهرباء للمواطنين على مدار الساعة، بل تقتصر على ساعات محدودة تتراوح بين 3 و12 ساعة في اليوم، حسب المنطقة والفصل.

وترجع هذه الأزمة إلى عدة عوامل، منها نقص القدرة الإنتاجية، التي تبلغ حوالي 2.5 آلاف ميغاواط، مقابل طلب يصل إلى 3.5 آلاف ميغاواط، وتدهور البنية التحتية للنقل والتوزيع، والتي تسبب فقداً يصل إلى 40% من الطاقة المولدة، وارتفاع تكلفة الوقود، الذي يستورده لبنان بالكامل بالعملة الصعبة، والتي تعاني من ندرة وانهيار، وفساد الإدارة والسياسة.

ولسد العجز في الكهرباء، يلجأ الناس إلى الاشتراك مع مزودين خاصين يمتلكون مولدات ديزل، تبيع الكهرباء بأسعار مرتفعة وجودة متدنية وتلوث عالي.

الأردن وتحديات انقطاع الكهرباء

في الأردن، تواجه البلاد تحديات في قطاع الكهرباء تتعلق بالاعتماد الكبير على الواردات النفطية، التي تشكل حوالي 96% من مصادر التوليد، والتي تتأثر بتقلبات الأسعار والإمدادات العالمية، والتي تمثل حوالي 15% من الناتج المحلي الإجمالي.

وتسعى الحكومة إلى تنويع مصادر الطاقة وزيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية والرياحية، التي تمتلك إمكانيات كبيرة في الأردن، والتي تهدف إلى أن تشكل حوالي 20% من مجموع الطاقة المولدة بحلول عام 2020.

وتواجه الحكومة أيضاً مشكلة في تحصيل الفواتير الكهربائية من بعض القطاعات والمناطق، خاصة في المخيمات الفلسطينية والمناطق الجنوبية، حيث توجد مقاومة شعبية واجتماعية وسياسية لدفع الرسوم.

العراق وفوضى الغزو

في العراق، تشهد البلاد أزمة كهربائية حادة منذ الغزو الأمريكي في عام 2003، حيث تعرضت المحطات والشبكات للتخريب والسرقة والتفجير، ما أدى إلى تراجع القدرة الإنتاجية من 4.5 آلاف ميغاواط إلى 1.5 آلاف ميغاواط، وانخفاض ساعات التغذية من 20 ساعة في اليوم إلى 4 ساعات في اليوم.

ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة من حل هذه الأزمة، بسبب الفوضى الأمنية والسياسية والإدارية والمالية التي تعصف بالبلاد، والتي تحول دون تنفيذ المشاريع والعقود والإصلاحات والتحصيلات، والتي تسمح بالفساد والهدر والتهريب والمحاصصة.

انقطاع الكهرباء في مصر ومشكلة العرض والطلب

في مصر، تعرضت البلاد لأزمة كهربائية خلال الفترة من 2011 إلى 2015، حيث تفاقم الفجوة بين العرض والطلب على الكهرباء، بسبب النمو السكاني والاقتصادي والاستهلاكي، وبسبب الاضطرابات السياسية والأمنية التي شهدتها البلاد، وبسبب نقص الغاز الطبيعي اللازم لتشغيل المحطات، وتراكم الديون على الشركات المنتجة والموزعة للكهرباء، فضلاً عن تدني التعرفة الكهربائية التي تحتاج إلى دعم حكومي كبير.

وتسبب ذلك في حدوث انقطاعات متكررة ومفاجئة للكهرباء في مختلف المناطق والقطاعات، مما أثار غضب واحتجاج الشعب والمؤسسات.

ولمواجهة هذه الأزمة، اتخذت الحكومة عدة إجراءات، منها زيادة القدرة الإنتاجية بإنشاء محطات جديدة أو توسعة المحطات القائمة، وتنويع مصادر الطاقة بالاستثمار في الطاقة المتجددة، وتحسين البنية التحتية للنقل والتوزيع والتحكم والقياس، وترشيد الاستهلاك بتطبيق برامج الكفاءة الطاقية والتوعية البيئية، وتعديل التعرفة الكهربائية بتخفيض الدعم وزيادة الأسعار تدريجياً.

مقالات ذات صلة