اعتبر رئيس هيئة الأركان العامة الروسية، فاليري غيراسيموف، اليوم الخميس، في إحاطة له حول أهداف روسيا العسكرية العام المقبل أن “الغرب يعمل على زيادة تواجده العسكري في أعالي القطب الشمالي ويطور البنية التحتية العسكرية بالقرب من حدود روسيا”.
وجاءت هذه التصريحات بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووزير دفاعه سيرغي شويغو، مؤخراً نيتهم إعادة إنشاء منطقة “لينينغراد العسكرية” لتغطي المنطقة الحدودية الشمالية الغربية لروسيا، التي تحاذي الحدود الفنلندية.
هذه الحدود التي تم إغلاقها قبل 13 عاماً، حين حققت الدولتان الجارتان نظرية “صفر مشاكل”.
التوتر بين الدولتين
عاد التوتر بين الدولتين على إثر انضمام فنلندا الى حلف “الناتو”، بالإضافة إلى الاتفاقية الدفاعية التي وقعتها مؤخراً هلنسكي مع واشنطن، الأمر الذي اعتبرته موسكو تهديداً مباشراً لها.
كذلك أعلنت روسيا عن نيتها إعادة إحياء منطقة عسكرية بالقرب من فنلندا الدولة التي تشارك روسيا حدوداً بطول 1340 كيلومتراً.
روسيا – الناتو: الخلاف المتجدد
وُصفت تصريحات بوتين قبل أيام، بأنها بداية لخلافات جديدة بين موسكو والغرب ككل، إذ قال الرئيس الروسي حينها، “تم حل جميع النزاعات في وقت سابق، لقد كان بيننا علاقة طيبة وودية، لم تكن هناك مشاكل، والآن ستكون هناك”.
وبرر ذلك بأنم ينوون إنشاء منطقة لينينغراد العسكرية هناك ونركز وحدات عسكرية معينة ضمن هذه المنطقة”.
وتسببت حرب أوكرانيا في أعمق أزمة في العلاقات بين موسكو والغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.
كما دخلت روسيا والدول الغربية ومعهم أمريكا في حالة جديدة من التوتر مع منافسهم التاريخي الذي يتمثل اليوم بروسيا الاتحادية، خليفة الاتحاد السوفيتي.
ورأى مراقبون للشأن الروسي والغربي، بأن ما يجري الآن يأتي ضمن مفاهيم الأزمات العالمية المتعددة.
وقالوا إن الجزء الأكبر منها تمثل بالحرب الباردة، يضاف إليها حرباً بالوكالة على الأراضي الأوكرانية.
وتأسس حلف شمال الأطلسي “الناتو” والذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1949، أي تقريباً بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، لتوفير الأمن الغربي ضد الاتحاد السوفياتي آنذاك،.
ورغم انهيار الإتحاد السوفياتي في 1991، وسّع الناتو عدد أعضائه ليشمل دولا كانت سوفيتية أساساً.
عودة “الناتو” بقوة
قبل مدة ليست بطويلة، وقبل أن تسمع أصوات طبول الحرب في أوكرانيا، كان أعضاء بارزين من حلف “الناتو” قد بدأوا بالتفكير جدياً بمدى أهمية بقاء هذا الحلف، وبدأت الدول حينها بالتفكير بالاتفاقيات العسكرية الثنائية على حساب التفكير بالأمن الجماعي الغربي الذي يمثله “الناتو”، إلا أن اندلاع الحرب في أوكرانيا قلبت الصورة رأسا على عقب.
في حين عاد بروز حلف شمال الأطلسي كضرورة عسكرية أمراً أساسياً للوقوف بوجه ما يسميه الغرب “التوسع الروسي”.
ويرى خبراء روس، أن موسكو كانت تعي تماماً أن الحرب في أوكرانيا ستعيد الحياة للناتو.
لكن وبحسب المسؤولين الروس كان لا مفر من الحرب، خصوصاً مع وجود ما تعتبره روسيا تهديدات وجودية لها كانت تحاك في أوكرانيا، وهو ما أكده بوتين قبل أيام.
وهاجم الرئيس الروسي خلال اجتماع موسّع مع قيادات في وزارة الدفاع الروسية حلف “الناتو”، قائلا: “جميعنا يعلم جيداً أنهم وعدوا ميخائيل غورباتشوف في عام 1991 بأن الناتو لن يتحرك ولا بوصة واحدة نحو الشرق.. هؤلاء الشركاء يكذبون بلا خجل وفي كل خطوة”.
وأشار “بوتين” إلى أن “قوى خارجية تنفذ منذ فترة طويلة قرب حدود البلاد مشروعاً مناهضاً لروسيا في أوكرانيا وكل هذا يجري بهدف تعريض أمنها للخطر”.