هاشتاغ- علي المحمود
زمنٌ طويلٌ مضى على صناعة أعمال دراميّة تشبه نمط الحياة والمجتمع وكذلك الواقع الاجتماعي الذي اعتاد السوريون عليه.
ربما كانت الدراما السورية في ما يشبه “استراحة المحارب” لتعود اليوم بقوة، بعد أن قدمت في الأعوام الماضية مسلسلات كان لكلٍّ منها نصيبها من الفشل والإشادة على حدّ سواء.
كان لافتاً في عملٍ ك”ولاد بديعة” بروز وجوه شابّة أعطت من طاقتها الكثير في سبيل تقمص كل شخصية والغوص في تفاصيلها وتأثيراتها لاسيما وأنها كانت بمثابة الخطوة الأولى على طريق محفوف بالتحديات والتعب بشكل أساسي.
وانطلاقاً من هذه النقطة يتحدث مغيث صقر الذي أدّى دور “أبو جمال” عن تركيبة هذه الشخصيّة التي وصفها بالهادئة وغالباً ما تقع ضحيّة لتخبطات “ياسين” ومشاكله ضمن العمل.
مشيرا إلى أن بناء الشخصية قائمٌ على الطيبة بشكل رئيسي، الأمر الذي ساعدته فيه بساطة الملامح في اكتمال الشخصيّة.
ويؤكد صقر لـ “هاشتاغ” دور المخرجة رشا شربتجي في متابعتها الحثيثة لكل التفاصيل المتعلقة بالشخصية خاصةً أنها توجت بعد العمل عليها بلهجة ساحلية بشكلها البسيط الناعم بحسب قوله.
وصقر الذي يشغل حالياً رئيس قسم التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحيّة لا يمانع من خوض أدوار كوميدية أخرى في الأعمال القادمة مع الحفاظ على جودة النص والإخراج، لاسيما أن المشهد الأخير لصقر كان بمثابة خروج عن عباءة الخفة والكوميديا بعد تسبب “أبو جمال” في إصابة “السيكي” ، وبدا واضحاً الإعجاب الكبير الذي حققه التفاعل بين شخصيات الوفا وأبو جمال والسيكي أيضاً.
وفي الموسم الحالي يبرز “ولاد بديعة” كواحدٍ من الأعمال الذي لاقى متابعةً وتفاعلاً جماهيرياً جعله في مقدمة المسلسلات على مستوى التفاعل وتأثير الشخصيات على سياق الأحداث.
وبُعيد انتهاء العمل يجدر السؤال عن تقييم العمل لجهة نجاحه من عدمه في الوصول إلى مستوى تطلعات الجمهور لناحية الواقعية والقصة ؟
يتحدث الصحفي والناقد الفنيّ جوان ملا لـ “هاشتاغ” فيقول إن أحداث العمل فانتازيا مستخلصة من الواقع، واستطاع البدء برتمٍ سريع يحمل أحداثاً مشوقة، إلا أن الحلقات الأخيرة سلكت مساراً بعيداً عن الحدث الرئيسي.
واضاف ملّا: العمل لم يكن مهيأً لتقديم نهاية فيها رمزيّة وكان يمكن أن تُنهى حكايته بطريقة أسلس لأن الناس تتابع أحداث العمل التشويقيّة بشكل منطقي.
ويقيّم ملّا العمل بدرجة ١٠/٨ لوجود أحداث متناسقة تلاشت مع تقدم الحلقات، إذ إن النهاية لم تكن منطقيّة بالنسبة للجمهور ، لكنها كانت بمثابة تجسيد رمزي لوضع البلاد وأبنائها وهي فكرة مهمة من ناحية الإسقاط، غير أنها ليست سيئة، إذ يمكن تقديمها بشكلٍ أكثر تناسقاً وأقل انقساماً بين المتابعين.
ولم يكن العمل الذي تخرجه رشا شربتجي بعيداً عن بعض الانتقادات التي لاحقت بعضاً من مشاهده وخاصةً تلك التي تضمنت جرعةً عاليةً من العنف، وتعليقاً على هذا الموضوع ، يرى ملّا أن معظم الإنتاجات الدّراميّة لهذا العام باتت تكرّس القتل لجهة أنه أصبح شيئاً سهلاً في الدّراما عموماً.
واعتبر ملّا أن “ولاد بديعة” تصدّر حالة الانتشار مقارنةً بغيره من المنافسين، لسببٍ عزاهُ ملّا في كون الشخصيات مرسومةً لتكون قادرةً على دخول السوشال ميديا وبالتالي الوصول لعدد كبير من الناس التي جذبتها حركات الشخصيات وتأثيراتهم.
موضحاً أن”مال القبّان” و “أغمض عينيك” كانا أكثر أهمية وترابطاً من “ولاد بديعة” الذي حظي بقاعدةٍ شعبيةٍ واسعة ساهمت فيها عوامل عديدة كان أهمها النص والنجوم وغيرهم.
وعن حال الدّراما السوريّة لهذا الموسم، يؤكد ملّا أن التنوع كان كبيراً في أعمال هذه السنة لكنه غير كامل لجهة الحاجة لنصوص كوميّدية وتاريخيّة إضافة لمستوى إنتاجي قادرٌ على تبنّي مسلسلات أكثر ، وأردف ملّا : أتوقع إذا استمرّت الدّراما السورية على هذه الوتيرة فهذا مؤشرٌ مهم ولا يمكن التعويل على سنةٍ واحدة.