تشتكي جمعيات خيرية في بريطانيا من أن الإمدادات تنفد من بنوك الطعام بعدما لجأ إليها نحو 320 ألف شخص طلباً للمساعدة في الأشهر الـستة الأخيرة وحدها.
وأوضحت مؤسسة “تراسل تراست” أن حاجة الأفراد إلى الطعام تتجاوز في الوقت الراهن ولأول مرة قيمة التبرعات، بحيث إن شخصاً من كل خمسة أفراد يحالون على شبكتها الآن هم من أسر عاملة، فيما ازداد عدد طرود الطوارئ التي يتم توزيعها أكثر من أي وقت مضى.
ووفقا لـ”إندبندنت عربية” سحلت الأشهر الستة الأخيرة زيادة بنسبة 40 في المئة في عدد المتقدمين الجدد إلى بنوك الطعام، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
كذلك حذرت مؤسسة “تراسل تراست” من أن بنوك الطعام باتت “على وشك الانهيار”، في ظل تفشي “تسونامي العوز والفاقة” الناجم عن غلاء المعيشة.
وفي تعبير عن ذلك قالت جوزي بارلو وهي مديرة بنك الطعام “برادفورد فود بانك”: “أكد لي أحد الأشخاص الذين تقدموا إلى مؤسستنا أخيراً أن (الحليب أصبح يعد من الكماليات الآن، ولم يعد في الإمكان شراؤه)”.
وتواجه بنوك الطعام في الواقع تحديات خاصة بها، إذ خفف المانحون من حجم تبرعاتهم الخيرية كي لا تنضب مواردهم المالية.
وتقول بارلو: “لقد شهدنا زيادة ملحوظة في عدد الأشخاص الذين يتقدمون إلى بنك الطعام على مدى الشهرين الأخيرين، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كما أن مستويات مخزوننا من الأغذية انخفضت جداً في هذا الوقت من السنة”.
“أطعموا بناة المستقبل”
وكانت صحيفة الاندبندنت البريطانية أطلقت حملة “أطعموا بناة المستقبل”، وطالبت الحكومة البريطانية بتقديم وجبات مدرسية مجانية لجميع الأطفال الذين يعيشون في حال فقر في إنجلترا، مع لجوء مزيد من الأهالي على نحو متواتر إلى بنوك الطعام للحصول على المساعدة خلال العطل المدرسية.
كما تتوقع بنوك الطعام أن يكون “هذا الشتاء الأصعب حتى الآن”، محذرة من أن مستويات مخزونها من الأغذية آخذة في الانخفاض.
إحدى الأمهات العازبات أكدت لصحيفة “اندبندنت”، أنها “تحاول طوال الوقت بيع مقتنياتها، من أجل الحصول على 10 جنيهات استرلينية (نحو 11.4 دولار) فقط”. وقالت أخرى إنها انضمت إلى أحد النوادي المحلية كي يكون لديها مكان للتدفئة ولتحصل على كوب من الشاي مجاناً.
وكانت وزيرة الدولة البريطانية لشؤون التعليم غيليان كيغان، قد واجهت الأربعاء الفائت تحدياً في شأن ما تقوم به وزارتها فعلاً لمساعدة الأعداد المتزايدة من الأطفال الفقراء غير المؤهلين للحصول على وجبات مدرسية مجانية.
وبعد الضغط الذي تعرضت له لتوسيع نطاق المخطط كي يشمل مزيداً من أطفال المدارس، رفضت كيغان مناقشة التغييرات بمختلف جوانبها، مكتفية بالقول بدلاً من ذلك لبرنامج “توداي” – الذي تبثه إذاعة “راديو 4” – إن المسألة “تبقى قيد البحث والمراجعة”.
تجدر الإشارة إلى أن عدد الأطفال المؤهلين للحصول على وجبات مدرسية مجانية قد قفز إلى نحو مليوني تلميذ خلال السنة الحالية.
“مناشدات” للحصول على الطعام
شارلوت هيل المديرة التنفيذية لـ”مشروع فيليكس”، وهي مؤسسة خيرية تقدم الفائض من الطعام للجمعيات الخيرية والمدارس، أكدت أن الأعضاء المسجلين لديها “كانوا يناشدوننا” الحصول على مزيد من الطعام.
كما أضافت: “لدينا مئات أخرى من المؤسسات الخيرية والمدارس التي تتصل بنا طلباً للمساعدة”.
إيما ريفي الرئيسة التنفيذية لمؤسسة “تراسل تراست” قالت: “نناشد رئيس الوزراء التصرف بحزم في ما يتعلق بموازنة الأسبوع المقبل”.
كما لفتت إلى أنه، “إضافة إلى العمل على ضمان توفير مزيد من المنافع على نحو يواكب وتيرة التضخم المتزايد في أقرب وقت ممكن، لا بد من أن تذهب الحكومة إلى ما هو أبعد من ذلك، لسد الفجوة القائمة بين ارتفاع كلفة المعيشة والمداخيل الراهنة، خلال فصل الشتاء”.
اتهامات لـ”المحافظين” بالتقاعس
حزب “الديمقراطيين الأحرار” المعارض اتهم حزب “المحافظين” بـ”التقاعس عن العمل”، خصوصاً بعدما تم الكشف عن أن مزيداً من العاملين بدوام كامل يجدون مصاعب في شراء الطعام.
العضو في البرلمان البريطاني عن حزب “الديمقراطيين الأحرار” ويندي تشامبرلين، رأت أن “من غير المقبول أن تضطر أسر وأفراد متقاعدون إلى الاعتماد على طيبة مجتمعهم وحسن نيته تجاههم”. وأضافت: “إنها حالة طارئة، لكن (المحافظين) يتقاعسون عن العمل”.
الحكومة: نقدم دعما مباشرا
متحدث باسم الحكومة البريطانية أشار إلى أن الحكومة تقدم دعماً مباشراً للأسر المحتاجة، لمساعدتها على تسديد مدفوعاتها وكلف معيشتها.
وتابع قائلاً إن “دعمنا الفوري المكثف للعائلات يشمل أيضاً ضمان ثبات أسعار الطاقة، وتوفير نحو 700 جنيه استرليني (نحو 798 دولاراً) للأسرة العادية خلال فصل الشتاء.. إضافة إلى تعزيز صندوق دعم الأسر الذي تبلغ قيمته أكثر من مليار جنيه استرليني (نحو مليار و140 مليون دولار). لمساعدة الأفراد على تحمل الكلف الأساسية.
كذلك أشار إلى اعتماد بعض التغييرات الطويلة الأمد. مثل إدخال تعديل على برنامج (الدعم الشامل) لتمكين الأفراد من الاحتفاظ بمبلغ إضافي بقيمة ألف جنيه استرليني (نحو 1140 دولاراً) مما يكسبونه كل سنة”.