هاشتاغ_رفاه نيوف
بعد أن شكلت مهنته مصدر رزق له ولسبعة عمّال يعملون معه، يفكر يوسف بإغلاق المصبغة التي ورثها عن أبيه منذ أكثر من خمسين عاما ، بعد ما آل إليه واقع الكهرباء، من التقنين الطويل والجائر.
عمل يوسف يتوقف بشكل كامل على وجود الكهرباء، والنتيجة كما يقول لـ “هاشتاغ ” صرف العمال الذين عملوا بجانبه لسنوات يؤلمه، لكنه عاجر عن تسديد رواتبهم، وأن العمل مستمر بحده الأدنى، فالقطعة التي كانت تنجز في اليوم ذاته أصبحت تحتاج إلى عشرة أيام.
يضيف يوسف أنه أخذ صنعته عن والده وأتقنها، ويعمل حالياً وفق الإمكانات المتاحة، فهو يغسل على يديه، ويستخدم “بابور الكاز” ويكوي بمكواة الحديد القديمة.
أضاف أنه اشترك بأمبير واحد، ولكن تبين أنه غير كاف، وسعره مرتفع جدا، إذ يصل سعر الأمبير الواحد إلى /22500/ ليرة اسبوعياً.
وكل هذا لا يؤمن حاجة العمل، لأنه لا يشغل سوى لمبة واحدة، وفي حال تشغيل المكواة تصبح الحاجة ل /12/ أمبير أسبوعياً، وهذا يعني تكلفة تصل إلى المليون ليرة، وهذا أمر مستحيل كما يقول.
ويؤكد أنه لا بدائل متاحة، فالمولدة أيضاً تحتاج لمحروقات غير متوافرة، ولا يستطيع شراءها بالسعر الحر، لأن هذا سيزيد التكلفة على الزبون، لأن تكاليفها ستضاف إلى بقية المواد المستخدمة في التنظيف.
أما عهد فلم ينتظر طويلا مع مواعيد الكهرباء، فقرر بيع محل القصابة الذي عمل به لسنوات وهجر هذه المهنة ، يقول: بعد أن ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء انخفض الطلب عليها بشكل كبير وأصبح ما كان يبيعه من لحم العجل في يومين ، يحتاج إلى عشرة أيام وأكثر ليباع، وهذا يتطلب تأمين كهرباء على مدار الساعة لتبقى اللحوم التي لم تبع صالحة ، وأمام هذا الواقع لجأ إلى إغلاق المحل وبيعه ، وبعدها بدأ رحلة البحث عن عمل جديد، فأسرته المكونة من خمسة أفراد بحاجة لمصدر دخل.
ينطبق الحال ذاته على صالونات الحلاقة، حيث لا يستطيعون العمل مع غياب الكهرباء، ولا امكانات للاشتراك بالأمبير أو تشغيل المولدة ما دفع الكثير من الصالونات للإغلاق أو العمل في الحدود الدنيا.
غياب الكهرباء أثر على كل مناحي الحياة وعلى كل المهن، فحتى الأطباء يشتكون استمرار عملهم مع واقع الكهرباء الحالي، وخاصة أطباء الأسنان الذين يضطرون لتشغيل المولدات، وهذا يرفع أجور العمل والمعاينة للمريض.
ومع إضافة تكاليف تأمين بدائل للكهرباء إلى ارتفاع أسعار مواد طب الأسنان، والنتيجة ابتعاد الناس عن اصلاح أسنانهم للكلفة الكبيرة وهنالك من يشتكي من قلة العمل، ويفكر أيضا بإغلاق عيادته والبحث عن مصدر رزق ببلد عربي أو أجنبي، وقد وصل عدد أطباء الأسنان الذين أغلقوا عياداتهم وهاجروا بطرطوس لأكثر من مئة طبيب.
وفي حديث مع عضو المكتب التنفيذي باتحاد حرفيي طرطوس منذر رمضان قال إن الطاقة الكهربائية عنصر أساسي لأغلب المهن، ولكن هناك حرف تعتمد بشكل كلي على هذه الطاقة، وهي موزعة داخل المدن والمناطق، و عدد كبير منها يعاني اليوم لعدم قدرته على الإنتاج في ظل التقنين الطويل والذي يترافق معه فصل متكرر في أغلب الأحيان حتى في ساعة التغذية، وهذا أثر سلبا على العمل.
يضاف إليها ما يترتب عليه من ضرائب مختلفة وتضخم معيشي وفي حال أراد أن يستعين بالطاقة المأجورة كالأمبيرات، عندها تصبح التكاليف فوق الإمكانات.
وبين أن هنالك توجه عام نحو الطاقة البديلة، ولكنه يأمل أن يكون هناك خطة عمل عامة، بحيث لا تنعكس أعباءها على هذه الورش العاجزة عن تأمين هذه الطاقة.
ويجب أن تحظى بالدعم لتتمكن من الاستمرار، كونها تؤمن تشغيل يد عاملة وتعيل أسر، و توقفها سيزيد من نسب البطالة التي يسعى الجميع لمعالجتها.
وطالب رمضان بتسهيل العمل من خلال تخفيف الضرائب قدر الإمكان، لأن ساعات العمل فيها لا تتناسب مع الضرائب المفروضة، وذلك إلى حين وضع الحلول النهائية لمسألة تأمين الطاقة.
أما رئيس مجلس مدينة بانياس بشار حمزة فوصف فكرة الترخيص للأمبيرات كحل مؤقت بالفكرة الجيدة من أجل تحريك الاقتصاد.
وبين أن هنالك الكثير من الطلبات التي يريد أصحابها الحصول على تراخيص للأمبير أمام الواقع الحالي للكهرباء.