بعد سبعة أشهر من سماح دولة الإمارات بالمعاشرة قبل الزواج، لم ينعكس التغيير القانوني في جميع الأحوال في كيفية التعامل مع الحمل بلا زواج وذلك وفقا لما تكشف عنه التوجيهات الحكومية ولما يقوله محامون والعاملون في مستشفيات.
ففي حين أن السجن لم يعد مصير النساء عند ممارسة الجنس خارج الزواج فإن قيد المواليد الجدد يتطلب شهادة زواج الأبوين ولا تغطي شركات التأمين الصحي رعاية الأمومة لغير المتزوجات كما أن ما يدور في غرف الدردشة الخاصة على الإنترنت يكشف أن النساء غير المتزوجات مازلن يتوجسن خيفة من طلب المساعدة الطبية فيما يتعلق بمشاكل الحمل.
ويؤكد هذا الانفصال بين التغيير القانوني والواقع العملي التحدي الذي تواجهه الإمارات في سعيها لأن تصبح دولة علمانية أكثر تحررا في الجوانب الاجتماعية والحفاظ على وضعها كمركز للاستثمار والسياحة. وهناك مجالان رئيسيان يمثلان مصدرا للقلق هما التأمين الطبي وتسجيل المواليد.
وقال ثلاثة من العاملين في المستشفيات ممن يختصون بقيد المواليد ومحاميان إنه إذا لم تستطع أم تقديم شهادة الزواج الضرورية في حالة حملها بالطفل الأول لإصدار شهادة ميلاد فإن المستشفيات تتصل بالشرطة التي تحيل الملف إلى محكمة الأحوال الشخصية لكي يصدر قاض قراره في كيفية قيد المولود.
وتنص اللوائح المنشورة على موقع معلومات خاص بحكومة الإمارات تم تحديثه آخر مرة في مارس آذار الماضي على ضرورة تقديم عقد زواج رسمي عند تسجيل المولود الأول. وفيما يتعلق بالتأمين الصحي تنص توجيهات هيئة الصحة بدبي على أنه ليس من حق النساء غير المتزوجات عند قيد المولود الحصول على التغطية التأمينية لرعاية الأمومة.
وردا على سؤال عما إذا كانت الهيئة ستحدّث سياساتها بما يعكس السماح بالعلاقات الجنسية خارج الزواج قالت الهيئة في رسالة بالبريد الإلكتروني “في الوقت الحالي ليس لدينا أي نية لتغيير السياسات في هذا الصدد”. ولم تذكر الهيئة تفاصيل أخرى. وامتنعت الشرطة والنيابة العامة ومكاتب التواصل الحكومية في الإمارات عن التعليق في هذا التقرير.
وقالت لودميلا يامالوفا المحامية التي تعمل في دبي وسبق أن مثلت نساء غير متزوجات أنجبن في الإمارات إنه لا تزال توجد “نظرة مهيمنة” أنهن ارتكبن جريمة.
وقالت يامالوفا ل”رويترز” “إذا لم يعد الحمل خارج الزواج انتهاكا لقانون البلاد فيجب أن يكون إصدار شهادات الميلاد مجرد خطوة إدارية”. وأضافت “ينبغي ألا يتطلب ذلك عملية قضائية أو أي إجراءات معقدة أخرى تشارك فيها السلطات القضائية مثل الشرطة، ما لم يكن هناك نزاع فعلي على الأبوة”.
قرارات قضائية تشي بتغيير
اعتادت الإمارات، مثل الدول الخليجية المحافظة المجاورة لها ومنها السعودية وقطر، معاقبة العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج برضا الطرفين وكان ذلك أوضح ما يكون في ولادة طفل. وانتقدت جماعات حقوقية القانون لأنه يُثني الضحايا عن الإبلاغ عن حالات الاغتصاب ولأنه يقضي بسجن النساء وترحيلهن مع أطفالهن ويحرم الأطفال من وثائق الميلاد اللازمة للسفر والتعليم عندما تختبيء النساء تجنبا لمقاضاتهن.
غير أنه تم في أواخر أيلول/ سبتمبر تعديل المادة 356 من قانون العقوبات في الإمارات بما يلغي تجريم “هتك العرض بالرضا”، وهي عبارة ظلت تستخدم لعشرات السنين لمعاقبة من يمارس الجنس خارج الزواج والمساكنة والعلاقات خارج الزواج والعلاقات بين المثليين. وبدأ هذا التغيير يشق طريقه في المحاكم. فقد ذكرت وسائل إعلام محلية أن محاكم الاستئناف في دبي والشارقة برأت هذا العام أشخاصا وألغت أحكاما صدرت من قبل بمقتضى المادة 356 بتهمة “هتك العرض بالرضا”. وقالت المحامية يامالوفا إن مواطنة إماراتية اتُهمت في قضية تناولتها العام الماضي بارتكاب جريمة إقامة علاقة جنسية دون زواج بعد أن ولدت طفلا.
وعند إحالة الملف الجنائي من الشرطة إلى النائب العام كان القانون قد تغير. وفي آذار/ مارس سقطت الدعوى وقالت يامالوفا إن إباحة الجنس بالرضا قبل الزواج جعلت الفعل غير خاضغ للعقوبة. غير أن المحامية أضافت إنه رغم إسقاط الدعوى فإن الطفل لا يزال بلا شهادة ميلاد.
وقال روثنا بيجوم من منظمة “هيومن رايتس ووتش” “الإصلاحات خطوة مهمة في الاتجاه السليم، لكن على السلطات أن تضمن للحوامل غير المتزوجات إمكانية الحصول على الرعاية الصحية وشهادات الميلاد لأطفالهن”.
وفي غرف دردشة خاصة اطلعت عليها “رويترز” على وسائل التواصل الاجتماعي تواصل نساء نشر رسائل مجهولة تطلب فيها معلومات عن “عيادات آمنة” يمكنهن استشارتها في الحمل بلا زواج أو الإجهاض. وتطرح إحدى المجموعات 14 موضوعا منفصلا فيما يتعلق بمسائل قانونية والحصول على الرعاية الصحية فيما يتعلق بالحمل خارج الزواج وهو مصدر قلق رئيسي في ظل جائحة فيروس كورونا التي تقلل خيارات السفر للخارج سواء للولادة أو الإجهاض الذي لا يزال مخالفا للقانون.