كما جرت العادة، بعد كل قرار عزل “مسؤول”، تصب كل “مصائب” هذا البلد، فوق رأسه، بغض النظر عن مسؤوليته في قضايا الفساد تلك.
واليوم، كان الحديث الشاغل، هو الإشارة إلى الأسباب التي أدت إلى عزل حاكم مصرف سورية المركزي، وبحسب ماتم تداوله، فإنه “الآن وبعد إعفاء حازم قرفول من مهامه حاكماً لمصرف سورية المركزي، فإنه من المهم الإشارة لدوره السلبي وتقصيره الشديد وربما لفساده، في عملية المواجهة بين الليرة والدولار، حيث إن قرفول يتحمل مسؤولية كبيرة في ارتفاع سعر صرف الدولار خلال العام الماضي، حيث لم يمتلك الجرأة والمسؤولية ليأخذ إجراءً تقنياً يكبح ارتفاع الدولار، كما أنه كان يرفض المقترحات المفيدة التي كانت تطرح لتقوية الليرة وتعزيز قدرتها أمام الدولار بحجة أنها مقترحات غير صحيحة”.
وبالتالي فإن “قرفول لم يمتلك حتى فكر المبادرة، ولم يمتلك تقنية التفكير الصحيح في مجاله المالي والمصرفي”.
وتتابع الوسائل:”سمح قرفول أيضاً لتجار كبار (ستتم محاسبتهم) بأن يأخذوا قروضاً كبيرة تصل إلى مئات المليارات من الليرات السورية من دون أن أن يتم استثمارها في أعمال صناعية أو تجارية على أن يقوموا بتسديد هذه القروض بقيمة أقل من قيمتها الفعلية بعد عدة أشهر، بعد أن يكون الدولار قد ارتفع وانخفضت قيمة الليرة”.
وأشارت “لم يكلف حازم قرفول نفسه بتتبع أين تذهب القروض، هل كانت تذهب للغاية التي سحبت من أجلها أم إنها كانت تذهب للمتاجرة بالدولار وبسعر الصرف؟ المشكلة الأكبر أن قرفول كان دائماً يتمسك بفكرة أنه من الصعب مواجهة الدولار حتى تم إقصاؤه عملياً وتجميده خلال الأسابيع الأخيرة وتشكيل لجنة برئاسة نائبه وأعضاء من مجلس النقد والتسليف وخبراء ماليين قدموا مروحة من المقترحات نتج عنها تخفيض سعر الدولار خلال الأسابيع الماضية في السوق السوداء من 4800 إلى 3100 ليرة الآن”.
المطلوب؟
اذا، هل هذا الكلام يعني أن “المسبب” لكل تلك الارتفاعات والأسعار الجنونية، للصرف، وما يتبعها، وينعكس على حياة المواطنين، سيزول، مع قرار العزل، وما الضامن “لمحاسبة” من تعاون مع الحاكم، وعمل معه، من مسؤولين، وتجار وصناعيين.. سؤال برسم أرقام الصرف القادمة والمتداولة!.
وفي ظل كل الجدل والانتقادات التي طالت آلية عمل وقرارات البنك المركزي خلال السنوات الماضية، ما هو المطلوب من حاكم المصرف الجديد، وما هي الطريقة التي يجب أن يتعاطى بها مع سعر الصرف والمصدرين والمستوردين والحوالات الخارجية الرديف الأكبر لخزينة الدولة.
هل المشكلة، بالأشخاص، بالتأكيد، لا، وإنما ذهنية وآلية التعامل مع العملة السورية.
ووسط هذا كله، يطالب خبراء اقتصاديون باعادة صياغة السياسات التي كانت مثار انتقاد للبنك المركزي في الفترة الماضية، ومن اهمها ربط سعر الحوالات بالسعر الحقيقي المتداول للحفاظ على تدفقات مالية ترفع موارد البنك، مع
توحيد سعر الصرف وربطه بسعر التداول الحقيقي مع هامش بسيط لصالح المصرف، وإعادة العمل بتعهد إعادة القطع ولو جزئياً بالنسبة للمصدرين.
من هو حازم قرفول؟
أصدر الرئيس بشار الأسد، المرسوم رقم 299 لعام 2018، والقاضي بتعيين الدكتور حازم يونس قرفول حاكماً لمصرف سورية المركزي.
ويحمل الدكتور قرفول درجة الدكتوراه في المالية والمصارف من جامعة “مونتسكيو” (بوردو 4)، بالإضافة لإجازة في الاقتصاد ودبلوم في العلاقات الاقتصادية الدولية من جامعة دمشق.
وكان الدكتور حازم قرفول باشر العمل لدى مصرف سورية المركزي في مديرية الابحاث الاقتصادية والإحصاءات العامة بتاريخ 22/6/2010، كما كلف عام 2011 بالعمل كرئيس لقسم الرقابة المكتبية، ومعاون مدير مديرية مفوضية الحكومة، في حال غياب المدير.
وعمل حاكم مصرف سورية المركزي الجديد أيضاً لدى هيئة مكافحة غسل الاالأموال موال وتمويل الارهاب بتاريخ 6/11/2013. وخلال عمله أسندت له وظيفة أمين سر هيئة مكافحة غسل الاموال وتمويل الإرهاب.
يذكر أن قرفول، كان مكلفاً قبل تعيينه حاكماً لمصرف سورية المركزي، بوظيفة النائب الأول لحاكم المصرف، بالإضافة لكونه عضواً في جمعية العلوم الاقتصادية بسورية.
أبرز قرارات الحاكم السابق!
في أيلول/ سبتمبر عام 2019، أعلن البنك المركزي على لسان نائب رئيسه محمد حمزة، أنه “لن يتدخل في السوق ولا بدولار واحد، مثل السابق، وكل مقدرات المركزي ستخصص لتمويل الدولة والسلع الأساسية”.
وعقد مصرف سورية المركزي في 19 كانون الثاني/ يناير 2020، اجتماعاً ضم المعنيين في المصرف برئاسة حازم قرفول، وإدارة الأمن الجنائي في وزارة الداخلية بهدف التنسيق بين الطرفين حول تطبيق الآلية التنفيذية للمرسومين التشريعيين 3 و4 لعام 2020، المتعلقين بالتشدد في العقوبات لكل من يثبت تعامله بغير الليرة السورية أو نشر مزاعم كاذبة لإحداث عدم استقرار في أوراق النقد الوطنية.
كما أصدر المصرف قراراً في 21 كانون الثاني/ يناير 2020 عرض بموجبه على السوريين شراء الدولار منهم بالسعر التفضيلي، أي 700 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد، كما طالب المركزي حينها المنظمات العاملة في سوريا، بتفعيل البرامج والمشاريع التي تشرف عليها، لدعم المواطنين السوريين معيشياً.
وفي حزيران/يونيو 2020، رفع مصرف سورية المركزي سعر الحوالات المالية بمقدار 550 ليرة سورية، في خطوة لحصر الحوالات القادمة من خارج سورية ومنع تحويلها عبر “السوق السوداء” رافعاً سعر الحوالات المالية الشخصية الواردة من الخارج من 700 ليرة إلى 1250 ليرة للدولار الواحد.
وتلاها، إصدار المركزي في كانون الأول/ ديسمبر 2020، نشرة أسماها “نشرة البدلات” الخاصة بتسديد بدل الخدمة الإلزامية في سورية، ضاعف فيها سعر الدولار الرسمي مقابل الليرة السورية، وحدده بمبلغ 2550 ليرة، وهو أكثر من ضعف السعر الرسمي للدولار المحدد من قبل المركزي والذي يبلغ 1256 ليرة سورية.
ومنذ بداية عام 2021، تركزت إجراءات المركزي بإدارة قرفول لضبط سعر الصرف على إجراءات أمنية من خلال ضبط كميات كبيرة من الأموال بالدولار، إلى جانب التشديد على مسألة “وعي” المواطنين لإعادة استقرار الليرة السورية، بعد انخفاضها إلى مستويات قياسية.
وفي 24 من كانون الثاني/يناير الماضي، أعلن المركزي عن طرح أوراق نقدية جديدة من فئة 5000 آلاف ليرة سورية للتداول في الأسواق.