الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةبـ 80% من مجمل الوفيات المسجلة في سوريا.. حلب تخوض "معركة صامتة"...

بـ 80% من مجمل الوفيات المسجلة في سوريا.. حلب تخوض “معركة صامتة” ضد الكوليرا  

هاشتاغ – إيفين دوبا  

بلغ عدد الوفيات نتيجة الإصابة بمرض الكوليرا في سوريا 49 حالة وفاة وفقا لآخر إحصائية أصدرتها وزارة الصحة أمس السبت 26 تشرين الثاني/ نوفمبر. فيما وصل العدد الإجمالي التراكمي للإصابات المثبتة 1529في عموم المحافظات، بعد أكثر من شهرين على انتشاره في البلاد.

ومنذ بداية أيلول/ سبتمبر الماضي خرجت الكثير من التحذيرات من “الوضع الكارثي” المتوقع إثر التفشي المتسارع للكوليرا في سوريا، لكن وحتى الآن لم تتخذ السلطات الصحية في المناطق المتفرقة من البلاد خطوات حاسمة وعلاجية خاصةً في محافظة حلب.

وتخوض حلب (شمالاً) معركة صامتة لمواجهة انتشار الكوليرا. وتتصدّر قوائم إحصائيات وزارة الصحة من حيث عدد الوفيات والإصابات بتسجيلها 40 حالة وفاة، وهو ما يشكل 80% من العدد الإجمالي للوفيات في سوريا، و933 حالة تراكمية منذ بداية الكوليرا في سوريا.

ولم تسجّل سوريا إصابات بمرض الكوليرا رسمياً إلا في عام 2009 بمحافظتي الرقة ودير الزور، شمال شرقي البلاد.

وتعزو السلطات الصحية والمنظمات المختصة بالصحة ظهوره مجدداً إلى أسباب عدة في مقدمها المياه الملوثة التي تستخدم في ري المحاصيل الزراعية أو بسبب تهالك البنية التحتية لشبكات الصرف الصحي والمياه.

 زراعة ومياه ملوّثة

حذّرت منظمة الصحة العالمية مرارا من تفشي المرض وانتشاره، وتقول إنّ الوضع يتطور على نحو خطير وبوتيرة مقلقة، وينتشر بمحافظات جديدة.

وقال منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا عمران رضا، إنّه بناء على تقييم سريع يُعتقد أنّ مصدر العدوى مرتبط بمياه غير آمنة وكذلك استخدام مياه ملوثة لري المحاصيل.

وشكّلت مديرية زراعة حلب لجنة إتلاف محلية من اخصاصيين، وقامت بجولات على مناطق عدة في ريف حلب، وأتلفت كامل المساحة المستهدفة.

وقبل تفشي الكوليرا، وبسبب قلة الأمطار وانخفاض منسوب نهر الفرات، اتجه كثيرون من أصحاب الأراضي نحو زراعة محاصيل بعلية، وتركوا أراضيهم لتنبت أعشاباً استخدموها كعلف للماشية، بعدما كانوا يستغلونها لزراعة القطن والقمح والحبوب بمختلف أصنافها.

ويعتمد نحو نصف السكان في سوريا على مصادر بديلة تكون غالباً غير آمنة لتلبية أو استكمال احتياجاتهم من المياه. بينما لا تتم معالجة 70% على الأقل من مياه الصرف الصحي، وفق اليونيسيف.

وفي إطار جهود الحد من تفشي المرض، أعلنت وزارة الزراعة السورية “إتلاف جميع الخضراوات التي تروى من مياه ملوثة في حلب وتؤكل نيئة”.

وتنبّهت منظمات وعاملون إنسانيون من مخاطر تفشي المرض في مخيمات النازحين، خصوصاً في شمال غربي البلاد، بعد تقارير عن تسجيل إصابات عدة.

وأوضح برنامج الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة في سوريا، في أحدث إحصائياته، ارتفاع أعداد الإصابات بالمرض في شمال شرقي سوريا إلى 21 ألفًا و653 إصابة، توفّي منهم 30 شخصاً.

كما وصلت أعداد الإصابات في شمال غربي سوريا إلى ثمانية آلاف و733 إصابة، توفي منهم سبعة أشخاص، بينما وصلت في ريف محافظة الحسكة، بمنطقتي تل أبيض ورأس العين، إلى 725 إصابة، توفي منهم شخصان، منذ بدء انتشار المرض في المنطقة.

وأعلنت وزارة الصحة السورية عن تسجيل دير الزور 228 إصابة، والحسكة 88، واللاذقية 89، والرقة 54، وحماه 33، والسويداء 26، وحمص 25، ودمشق 20، وريف دمشق 15، وطرطوس 10، ودرعا 5، والقنيطرة 3.

وشملت وفيات الإحصائية الرسمية 4 حالات وفاة في الحسكة، و2 في ودير الزور، وحالة وفاة واحدة في كل من حمص وحماه ودمشق حتى الآن.

وشنّت مديرية زراعة حلب حملة واسعة النطاق للتقصي عن أي أقنية مخالفة. وذكر مدير زراعة حلب المهندس رضوان حرصوني أنه تمّ إتلاف الخضار التي تؤكل نيّئة وتروى بمياه ملوثة على سرير مجرى نهر قويق، وخاصة في قرى (النيرب، الشيخ سعيد، الأنصاري، خان طومان) والقرى الصغيرة التابعة لمنطقة السفيرة. وبلغت المساحة التي تم إتلافها (250) دونماً.

ولفت حرصوني إلى مخاطبة الشركة العامة للصرف الصحي بغية إغلاق كل المجاري التي تم فتحها ورصد أي فتح للمجاري الملوثة.

وقال نائب المدير الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بيرتران بانفيل، إنّ وتيرة تفشي الكوليرا في سوريا مقلقة. وأشار إلى “أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية أكثر عرضة للإصابة بمرض الكوليرا الشديد”.

المدراس بيئة خصبة للعدوى

تتحدّث مصادر محلية عن أنّ أغلبية المدارس الحكومية تعدّ بيئة خصبة لانتشار الكوليرا.

وبدأ العام الدراسي في البلاد، في الرابع من أيلول/ سبتمبر الجاري، بتوجّه ما يقارب أربعة ملايين طالب من مختلف المراحل التعليمية.

وفي وقت سابق نفى وزير التربية السوري دارم الطباع، وجود أي حالات وفاة نتيجة الإصابة بالكوليرا.

وتؤكد مديرة الصحة المدرسية في وزارة التربية السورية الدكتورة هتون الطواشي لـ”هاشتاغ” وجود إصابات بالكوليرا في المدراس خاصةً في حلب.

وتتابع: “تمّ توزيع حبوب الكلور لإضافتها إلى مياه الخزانات الموجودة في المدارس، وذلك في المحافظات الموجودة فيها إصابات مؤكدة. وتأمين المياه للمدارس التي لا تصلها عبر الشبكة عن طريق الصهاريج”.

وأشارت الطواشي إلى أهمية نشر التوعية في المدارس حول الكوليرا وطرائق الإصابة بها وكيفية الوقاية منها.

ولفتت إلى أنّ حملات التوعية في حلب وصلت إلى أكثر من 88 مدرسة في مختلف مناطق حلب والتي تظهر فيها الحالات المثبتة، مؤكدةً توسيع حملة التوعية خلال الأيام القادمة.

وتضيف: “حتى الآن الإصابات خفيفة ومتفرقة وفردية ولا يوجد حالات منشأها المدارس، وكل الإصابات بين الطلاب يتم نقلها من المنزل”.

وتقول الطواشي إنّ اختبارات الكوليرا تنحصر حتى الآن في المشافي، وذلك حسب الخطة التي تتبعها وزارة الصحة السورية تبعاً للحالة الوبائية.

وعن أعداد الإصابات في المحافظات قالت الطواشي: “في كل مدرسة يوجد حالة إصابة لطالب أو اثنين أو أحد أعضاء الكادر التدريسي، وهناك مدارس لا يوجد بها إصابات. ولكن تتركز الإصابات حالياً في حلب والمناطق الشرقية”.

وأشارت الطواشي إلى إنّ الحالات المشتبهة منذ بداية العام الدراسي في المدراس وصلت إلى 353 في كل المحافظات منها 331 في حلب وحدها. في حين عدد الإصابات في باقي المحافظات قليل مثل الحسكة ودير الزور.

وانخفض عدد الحالات المشتبهة في شهر تشرين الأول/ نوفمبر الماضي بعد حملات التوعية وتعقيم خزانات المياه. حيث أقرّ وزير التربية بأنّ انتشار الكوليرا مرتبط غالباً بمياه الشرب والنظافة، وقد تلعب المدارس دوراً مهماً في نشر العدوى، مؤكداً وجود “خبرة كبيرة في مواجهتها”.

وأشار مدير برنامج اللقاح بوحدة تنسيق الدعم “ACU” محمد سالم، إلى أن منظمته ناشدت قطاع المياه لزيادة حصة الفرد من المياه المعقمة بالإضافة إلى الكشف على الصرف الصحي ومنع اختلاطه بمياه الشرب ونشر التوعية بين طلاب المدارس وأهل المخيمات بطرق انتقال الكوليرا.

والكوليرا مرض ينتقل عن طريق المياه، ويسبب إسهالاً حاداً يهدد الحياة إذا لم يخضع للعلاج، ويتعرّض الأطفال الذين يعانون سوء التغذية وتقل أعمارهم عن خمس سنوات بشكل خاص لخطر الإصابة به.

ويلفت مدير التربية المهندس مصطفى عبد الغني إلى وضع قواعد صارمة يتمثل بتعقيم خزانات المياه في المدارس والتأكد من سلامة المياه والحمامات والنظافة العامة.

ويعتقد مدير التربية بأن للأهالي دوراً موازياً بتقديم التوعية ونشر ثقافة النظافة.

وتسعى التربية إلى استبعاد المواد الغذائية التي يحتمل أنها تنقل العدوى مع ضبط خزان المياه في كل مدرسة، بالتوازي مع مساعي مديرية الصحة لتطويق الكوليرا.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
مقالات ذات صلة