تحدّثت صحيفة “بوليتيكو”، في تقرير، عن النهج الذي تتبناه أوروبا بشأن التعامل مع الحرب في الشرق الأوسط، والذي أدّى إلى “انتكاسة خطواتها في المنطقة”.
وقالت الصحيفة إنّ “علاقة القارة بسائر العالم، على مدى العامين الماضيَين، مرّت في مراحل متتالية من الوهم، والصحوة، والتواصل، وإعادة التنظيم، وأعقبتها أخيراً الإشارات الخجولة إلى إعادة التفكير الفعلي في مواقفها الرسمية”.
ومع ذلك، فإنّ النهج، الذي تتبناه أوروبا بشأن التعامل مع الحرب في الشرق الأوسط، “أدّى الآن إلى انتكاسة هذه الخطوات بصورة كبيرة، وجعلها أمام مهمة أصعب كثيراً ممّا كانت عليه في البداية”.
وذلك يرجع، بحسب “بوليتيكو”، إلى أنّ “نهج أوروبا هذا، بشأن تعاملها مع وقف إطلاق النار والقانون الدولي عندما يتعلق الأمر بحرب أوكرانيا، هو مغاير جذرياً لنهجها في غزة”، الأمر الذي جعل “الامبراطورية الغربية مكشوفة”.
وأضافت الصحيفة أنه عندما بدأت الحرب في أوكرانيا، كان “الغرب راضياً عن نفسه”، لأنّه “قاد حينها أغلبية الدول من أجل الدفاع عن النظام القائم في العالم على القواعد” المعمول بها في العلاقات الدولية، بحيث “دانت أكثر من 140 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة روسيا، كما دعت إلى انسحابها من الأراضي الأوكرانية”.
لكن، وفق “بوليتيكو”، فإنّ هذا “الوهم لم يَدُم طويلاً”، والدليل أنّ “أغلبية سكان العالم، تعيش، من الناحية الديموغرافية، في الصين والهند”، اللتين “امتنعتا عن إدانة روسيا“.
وحتى بين أولئك الذين ينتقدون موسكو بكلماتهم، “كان عدد قليل منهم على استعداد لفعل أي شيء حيال ذلك، سواء كان ذلك عبر دعم أوكرانيا، و/أو فرض عقوبات على روسيا”.
ثم جاء السابع من تشرين الأول/أكتوبر و”الاستجابة الكارثية من جانب أوروبا له”، والتي “ترجع إلى انقسامات معروفة، وأيضاً إلى الأسوأ من ذلك، (أي إلى) المعايير الغربية المزدوجة”، بحسب “بوليتيكو”.
وأضافت الصحيفة أنّ “أوروبا والغرب قادا الأغلبية العالمية بشأن القرارات المُتعاقبة، رداً على الحرب في أوكرانيا. أمّا في غزة، فتم تهميشهما بصورة متزايدة، إذ سقط الأوروبيون تماماً من الخريطة الذهنية للمنطقة”.
لكن افتقار أوروبا إلى أهميتها، وخسارة صدقيتها بصورة كبيرة في الشرق الأوسط، لا يُمثّلان مشكلة فقط بالنسبة إلى الدول في جوار المنطقة، بل أدّيا أيضاً “على نحو خطير، إلى إضعاف موقف الغرب بشأن التعامل مع أوكرانيا، التي تقع في قلب الأمن الأوروبي”، وفق “بوليتيكو”.
وبناءً على ذلك، رأت “بوليتيكو” إنّ “الصدقية أصبحت الآن هي الأساس، ومن دونها، سوف تتوافد وفود الممثلين العرب والأفارقة والآسيويين وأميركا اللاتينية، على نحو متزايد، على بكين بدلاً من بروكسل، أو (بدلاً من) باريس، أو برلين، أو في الواقع واشنطن”.
وفي وقتٍ سابق، كشفت صحيفة “بوليتيكو” أنّ رؤساء وزراء إسبانيا وبلجيكا وأيرلندا ومالطا أكّدوا “ضرورة دعوة جميع الأطراف، بصورة عاجلة، إلى إعلان وقف إطلاق نار إنساني دائم، يمكن أن يؤدّي إلى نهاية الأعمال العدائية”، مشدّدين على أنّ “الوقت حان ليتحرّك الاتحاد الأوروبي“، إذ إنّ “صدقيتنا على المحك”.
يأتي ذلك بعد أن فشل الاتحاد الأوروبي في إصدار دعوة إلى وقف إطلاق النار في قمّة انعقدت يومي 14 و15 كانون الأول/ديسمبر الفائت في بروكسل. وفي خضمّ هذه الحالة من العجز، تزداد حالة الانقسام داخل البيت الأوروبي بسبب استحكام الارتباك في الموقف الرسمي للدول الأوروبية تجاه الإجرام الإسرائيلي في فلسطين المُحتلة.