جاء الإعلان عن انعقاد اللجنة الدستورية في النصف الثاني من الشهر الحالي وسط مناخ مختلف.
هاشتاغ-رأي-مازن بلال
فهو سيسمح بتوازن جديد داخل اللجنة دون أي تبديل في تقاسم المقاعد بل في الشرط السياسي العام، فالمباحثات في جنيف تجري ضمن محاولات دولية لتحريك الملف السوري، سواء عبر لقاء الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، أو عبر التحركات الخاصة ضمن الجنوب السوري التي أتاحت لقاءات عربية – سورية في نيويورك، أو حتى في الاتصال بين الرئيس بشار الأسد والملك الأردني عبد الله الثاني.هذه الأجواء السياسية تقدم إمكانية للجنة الدستورية وليس بالضرورة ظهور نتائج مختلفة عن الجولات السابقة، فمن غير المتوقع أن يقدم الشرط السياسي دفعا للأطراف المتفاوضة نحو مرونة مختلفة، فاللجنة الدستورية عبرت خلال مرحلة تشكيلها عن ثلاث أمور أساسية:- الأول توازن بالنفوذ بين الأطراف الإقليمية والدولية، فاللجنة لم تعبر عن توازن داخلي بل عن قدرة الأطراف الخارجية المؤثرة على الضغط في مسار الحل السياسي، ولكن هذه الأطراف لم تعد ضمن نفس الموقع، في وقت يبدو أن تأثير وفد الداخل السوري أصبح ضمن مساحة أوسع مع تبدل الوضع الإقليمي.- الثاني يرتبط بوفد المجتمع المدني الذي جاء ضمن توافق روسي – تركي، قلل من النفوذ الأوروبي أو حتى الهيئات الدولية التي لعبت أدوارا متفاوتة خلال مراحل الأزمة.
فاللجنة الدستورية أبعدت عمليا الدور الأوروبي الذي حرك واحتضن كل المساحة السياسية للمعارضة خارج سورية.- الثالث كانت اللجنة الدستورية نقطة تقنية لتحديد مسار الحل السياسي، فهو عقد اجتماعي جديد وليس تفوقا لجهة دون أخرى، ولكن السؤال هنا كيف سيكون الدستور ضمن شكل التوازن الإقليمي والدولي؟ وبقيت اللجنة الدستورية ضمن نفس النقطة لعدم القدرة على تجاوز هذا الموضوع.
عمليا فإن مسألة التوازن الإقليمي في أعمال اللجنة الدستورية مازال قائما حتى اليوم، وذلك رغم تغير المناخ السياسي، وهذا الأمر سيدفع وفد الداخل السوري إلى الإبقاء على مواقفه في تحديد “الثوابت الأساسية” أو ما يمكن تسميته بمقدمة الدستور، فالمعضلة باقية رغم الانفتاح الجزئي بالنسبة للدولة السورية، وما يهم دمشق بالدرجة الأولى هو محاولة كسر التأثير التركي بالدرجة الأولى، واستبداله بدور عربي أكثر فاعلية تجاه استقرار سورية.
بالنسبة للولايات المتحدة فهي تملك شرطا عاما لأي حل سياسي، وليس لديها ضمن المؤشرات المتوفرة شروطا إجرائية، فالبيت الأبيض مهتم بمسار محدد يؤمن التوازن بين “إسرائيل” وإيران، وأي أبعاد أخرى للحل تبقى هامشية بما فيها الوجود الأمريكي في الجزيرة السورية، فإدارة بايدن عبر تجاوزها لقانون قيصر والسماح للغاز المصري بالدخول إلى لبنان عبر الأراضي سورية؛ أوجدت قاعدة تعامل مع الأزمة السورية، حيث اهتمت بوضع حد لقدرة حزب الله على التأثير في الوضع الاقتصادي اللبناني.
اللجنة الدستورية ستجتمع ضمن شرط جديد، لكنه في نفس الوقت لا يفتح حتى الآن مجالا مريحا بالنسبة لدمشق وحتى لمحيطها العربي، فالدور التركي يبقى على الأخص بالنسبة لمصر ودول الخليج خرقا على المستوى الاستراتيجي، وهو ما يجعل خيارات دمشق تجاه الدول العربية مسألة أساسية وذلك بغض النظر عن بدايات الأزمة والخلافات السورية – العربية.