هاشتاغ- عبد الرحيم أحمد
رغم العلاقات السياسية المتميزة التي تربط سوريا وبيلاروس والتي أساسها الدعم المتبادل في المواقف السياسية وفي المنظمات الدولية، خصوصاً وأن البلدين يتعرضان لتحديات متشابهة، لا تزال العلاقات الاقتصادية من دون الطموح لأسباب عدة منها العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة بحق البلدين.
ويرى السفير السوري في مينسك محمد العمراني في حديث لـ “هاشتاغ” أن الظروف المتشابهة التي يتعرض لها البلدان سواء ما يتعلق منها “بمحاولات الدول الغربية التدخل في شؤونهما الداخلية، أو العقوبات الاقتصادية والتدابير القسرية الأحادية اللاشرعية التي تفرضها تلك الدول على البلدين، تفرض عليهما التنسيق سياسياً وفي المحافل الدولية”.
اتفاقية تعزيز التجارة واتفاقية المقايضة تشكل الحل
يؤكد السفير السوري في بيلاروس إمكانية الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية “استناداً إلى الإمكانيات الموجودة في البلدين، وتنوع السلع التي يمكن تبادلها، بالإضافة إلى التطور العلمي والتقني والصناعي في بيلاروس“، مشيرا إلى أنه لا بد من تذليل العوائق المتمثلة بالعقوبات الاقتصادية الغربية وما ينجم عنها من صعوبة “التحويلات المالية وسلاسل التوريد” مضافاً إليها البعد الجغرافي وإيجاد “الحلول” المناسبة لها.
ويضيف السفير العمراني أن هناك “مجالات واعدة للتعاون الاقتصادي بين البلدين، والأهم أن هناك رغبة وإرادة لديهما للتغلب على الصعوبات كلها”، موضحاً أن اتفاقية تعزيز التجارة المتبادلة واتفاقية مقايضة البضائع، اللتين تم توقيعهما خلال زيارة رئيس الوزراء البيلاروسي الأخيرة إلى دمشق في تشرين الثاني 2022″، سوف تساهم في تعزيز التعاون الاقتصادي.
ويجري العمل اليوم بحسب العمراني لوضع هاتين الاتفاقيتين موضع التنفيذ الأمر الذي يوفر المزيد من التسهيلات الجمركية ويساهم في تحسين التعاون الاقتصادي وخصوصاً لجهة مقايضة البضائع المنتجة في البلدين.
التبادل التجاري متواضع لكنه يتضاعف..
يوضح السفير العمراني أن حجم التبادل التجاري “دون مستوى الطموحات، لكنه شهد تزايداً منذ عام 2021، إذ بلغ 8.2 ملايين دولار بزيادة بنسبة 41.3% عن عام 2020، وبلغ في العام 2023 من مصادر غير رسمية نحو 12 مليون دولار، لكن هذه الأرقام هي أقل من الواقع، وذلك بسبب التدابير والعقوبات القسرية، إذ تصل بعض البضائع إلى كلا البلدين بشكلٍ غير مباشر بوساطة شركات في دول أخرى”، متوقعاً أن يرتفع حجم التبادل التجاري ارتفاعا ملموسا عند إدخال اتفاق المقايضة حيز التنفيذ.
ويتصدر الحليب المجفف، ومصله المجفف، والآليات الزراعية، والشاحنات، والأدوية قائمة الصادرات البيلاروسية إلى سوريا، في حين تستورد بيلاروس من سوريا الفوسفات وزيت الزيتون والخضروات والفواكه والمكسرات.
للشركات البيلاروسية خبرة واسعة في مجال الإعمار..
ويرى السفير العمراني أنه سيكون لبيلاروس وللدول الصديقة والحليفة التي وقفت مع سوريا في الحرب التي تتعرض لها، دور كبير في عملية إعادة البناء والإعمار، إذ تمتلك الشركات البيلاروسية “إمكانيات وخبرات كبيرة نظراً للنهضة العمرانية التي شهدتها بيلاروس في السنوات العشرين الأخيرة”.
الاتهامات لبيلاروس بروباغندا غربية..
وفيما يتعلق بالاتهامات الغربية لبيلاروس بأنها بلد عبور للاجئين السوريين، أوضح السفير العمراني أن بيلاروس يمكنها الدفاع عن نفسها والرد على هذه الاتهامات، لكن من الواضح أن “هذه الاتهامات وراءها أجندة سياسية معروفة للدول الغربية، وهذه الاتهامات هي جزء من البروباغندا التي تمارسها هذه الدول، وخصوصاً الأوروبية منها في مواجهة بيلاروس”، وقد زادت هذه “الدعاية بعد العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، ووقوف بيلاروس إلى جانب روسيا، وذلك من أجل شيطنة روسيا وبيلاروس”.
وأضاف أن المسؤولين البيلاروسيين أكدوا مرات عدة “أنهم لن يعملوا حراساً”، لدول الاتحاد الأوروبي في مواجهة من يريد العبور من مواطني الدول التي تسببت الدول الأوروبية والغربية بدمارها سواء كانت سوريا أم ليبيا أم أفغانستان أم غيرها.
الاجتماع المقبل للجان الحكومية المشتركة في دمشق..
وبيّن العمراني أن اجتماعات الدورة التاسعة للجنة الحكومية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني، “من المفترض أن تتم في دمشق، لكن لم يتم الاتفاق على موعدها بعد”.
ما يزيد على 1500 طفل سوري زاروا بيلاروس خلال سبع سنوات
تستضيف بيلاروس منذ العام 2017 بمبادرة إنسانية من الرئيس ألكسندر لوكاشينكو مجموعات متنوعة من الأطفال السوريين من أبناء وبنات الشهداء، الأيتام، ومن منظمة طلائع البعث، وهيئة التميز والإبداع، والمتفوقين في مجالي الرياضة والتعليم، وكذلك من أعضاء فريق الروبوت الوطني السوري في معسكرات صحية ترفيهية للتخفيف عن الأطفال السوريين آثار الحرب وتعزيز علاقات الصداقة بينهم وبين أقرانهم من الأطفال البيلاروس، إضافةً إلى مساهمتها في تعزيز علاقات الصداقة بين البلدين.
ويقول السفير السوري في مينسك إن السفارة السورية “تولي أهمية خاصة لاستمرار هذه المبادرة الإنسانية لتشمل أكبر عدد ممكن من الأطفال السوريين لما تحمله من أنشطة ترفيهية وتعليمية ورياضية ورعاية وعناية صحية تخفف عنهم تبعات الحرب وتداعياتها”، موضحاً أن “عدد الأطفال الذين تمت استضافتهم بموجب هذه المبادرة منذ عام 2017 وحتى العام الحالي، يزيد على 1500 طفل وطفلة”.
التعاون الأكاديمي..
تتمتع الجامعات البيلاروسية بسمعة طيبة وهي من الجامعات المتطورة، وخصوصاً في مجال “المعلوماتية والطب والاختصاصات الهندسية” بحسب العمراني، موضحاً أن أعداد الطلاب السوريين الدارسين في الجامعات البيلاروسية كان “أكبر في الماضي، وهناك المئات ممن تلقوا تعليمهم العالي في هذه الجامعات منذ ستينيات القرن الماضي، ونعمل لتعزيز التعاون الأكاديمي بين جامعات البلدين، وللاستفادة من المنح التي تخصصها بيلاروس للقطر سنوياً وفق شروط معينة، ونأمل أن يتمكن الجانبان من تعزيز علاقاتهما التعليمية الأكاديمية، وذلك انطلاقاً من العلاقات التاريخية المتميزة التي تربط البلدين”.
الشعب البيلاروسي يتفاعل باهتمام مع نشاطات السفارة
وأوضح السفير العمراني أن النشاطات التي تشارك فيها السفارة السورية تحظى بتقدير وتفاعل واهتمام من الشعب البيلاروسي وسلطات البلاد و”نحن نحرص على المشاركة في الفعاليات الثقافية والاقتصادية والإنسانية” وعلى سبيل المثال هناك مشاركة في مهرجان مينسك السينمائي الدولي “ليستاباد” بدورته الثلاثين في تشرين الثاني القادم بيوم مخصص للسينما السورية بفيلمين لإطلاع المواطن البيلاروسي على جوانب الحياة الاجتماعية في سوريا، كما تشارك السفارة سنوياً ممثلة لوزارة الثقافة في معرض مينسك الدولي للكتاب، وفي البازارات الخيرية التي تنظمها بيلاروس وغير ذلك من الأنشطة والفعاليات الكثيرة والمتنوعة.