Site icon هاشتاغ

بين ربطة الخبز وآيفون 12.. دمشق مدينة “الطوابير” الذكية

هاشتاغ سوريا_ميسون حداد
لفتني، يوم أمس، على فيسبوك، مشهد لأحد “الطوابير” في دمشق، جديد من نوعه. طابور سوري بنكهة مختلفة، وجوه مشعة بالفرح، أياد مرفوعة، ثياب فارهة، إنه “تابور” حفل إطلاق هاتف ” آيفون 12 و آيفون 12 برو” بشكل رسمي في سورية.
وصلتني رائحة هذا “التابور”، ليست برائحة زكية رغم ترف الموجودين، لم تنبعث من الصور رائحة الكد وتعب الأيام.

لم تعكس العيون في هذا “التابور” ذل الانتظار، الذي تطالعنا به الصور اليومية، ولم يحفر الصبر أخاديده في الوجوه، لا مشقة حياة، ولاهم لقمة العيش..

هذا ما اعتدنا رؤيته في طوابير دمشق “الذكية”.. هذا “تابور” ذكي أيضاً في دمشق.. لا يشبه رائحة دمشق.. إنه دخيل على المشهد، أو لنقل إنه استثناء..

كتبت شركة “ايماتل” عبر صفحتها على “فيسبوك” إنها انفردت بكونها أول شركة سورية توفر الهاتف ” آيفون 12 و آيفون 12 برو” رسمياً بالشرق الأوسط، وحصرياً في دمشق، وذلك قبل البدء ببيعه في المنطقة العربية وبعد الإعلان عنه بـ 10 أيام فقط من قبل شركة “آبل”!

وطرحت الشركة الجهاز ” آيفون 12 و آيفون 12 برو” بأسعار تتراوح بين 4 مليون إلى 5 ونصف المليون ليرة سورية، “أي قرابة 1800 إلى 2500 دولار أمريكي”.

ويأتي سعر آيفون “إيماتيل” أغلى بمليون و166 ألف ليرة سورية عن السعر العالمي بعد إضافة الجمركة وأجور النقل.

وسرعان ما تلقف النشطاء السوريون الخبر، وبدأوا يسعّرون الهاتف الجديد “ثمنه يعادل راتب الموظف الحكومي لمدة 8 سنوات.!! أو تستطيع تقديره ب 100 ألف ربطة خبز، أو 41 ألف بيضة، أو 5 آلاف سندويشة شاورما، أو بسعر مازوت تدفئة ل 38 عائلة!!

تساءل النشطاء في تعليقاتهم على الخبر، على وسائل التواصل الاجتماعي، عن آلية تأمين الهاتف الأميركي ” آيفون 12 و آيفون 12 برو” في ظل العقوبات المفروضة على سورية، وقانون قيصر، والتي حالت دون تأمين أساسيات الحياة. وكثرت التساؤلات عن خطط الحكومة بضبط فاتورة المستوردات والابتعاد عن هدر القطع الأجنبي على الكماليات!

وشكّلت المقارنة محور التعليقات، بين الحياة اليومية للمواطن السوري، والمشهد المطروح..
“العالم كلا جاية تتفرج وتتحسر ع حالا و ترجع ع دور الخبز والغاز والبنزين ولا عم يشترو الجوال ب5 مليون ؟!

“معناتا الحصار بس عالشعب وبس برغيف الخبز”.. “العالم اللي ناطرة عالخبز والغاز والبنزين هي نفسا العالم اللي هون؟”

“وعم تفاخروا بإنو أكتر دولة عندا عجز اقتصادي ومطبّق عليا عقوبات بالشرق الأوسط عم تستورد أغلى الرفاهيات قبل الكل وبمباركة الشعب!! شي مخزي عنجد وكتير هزلت”..

يبدو أن قانون قيصر قد طال الخبز والرز والمازوت والبنزين .. وكل الأساسيات من مقومات القوت اليومي ولكنه لم يطل ” آيفون 12 و آيفون 12 برو” ؟!

ترى هل لأنه منتج أمريكي؟

يبدو أنه يوجد في سورية من يشتري الآيفون 12 كما يشتري الفقير ربطة الخبز!! ورد تعليق يقول: “رح يشتريه يلي بييع وطنيات وصف حكي وهو ولا متأثر”.

هذا المشهد المفرح المبكي، يدل أننا نعيش حالة من “الفصام الاجتماعي” بين طبقة تمارس البذج أمام عوز الملايين من السوريين، الذين يشكلون الطبقة الأخرى والأكثرية العددية، والتي تلهث يومياً لتؤمن الحد الأدنى من مقومات العيش “إن استطاعوا”.

الطبقة الوسطى التي كانت موجودة قبل الأزمة لم يعد لها وجود، روادها إما أصبحوا اليوم تحت خط الفقر أو من أثرياء تجار الحرب.

ونختم المشهد بسؤال.. كيف دخل الآيفون 12 وعجزت بواخر النفط والمساعدات الغذائية وغيرها عن العبور عبر حاجز قيصر والعقوبات الدولية؟!

Exit mobile version