الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

تحولات حرب غزة

هاشتاغ-مازن بلال

خلال شهر من التدمير الممنهج لقطاع غزة أصبح الجانب الإنساني الصورة الأكبر للحرب، وغابت قدرة الدبلوماسية على إيجاد مخرج ينهي مخاطر الحرب الإقليمية، فمقاربة ما يحدث تبدو صعبة في ظل موقف أمريكي يرى المواجهة الحالية فرصة لإحداث تحولات على مستوى شرقي المتوسط، فهناك “حصار دبلوماسي” لخفض التوتر أو إنهاء الأزمة بأقل الخسائر، وربما على العكس فإن رفض “وقف إطلاق النار” المدعوم من قبل واشنطن يؤشر على أن الحرب تملك أغراضها الخاصة داخل الإدارة الأمريكية.

تختلف الولايات المتحدة اليوم مع كل حلفائها بالمنطقة بشأن غزة، وتصريحات وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بعد اجتماع عمان توضح أن الخطر الإقليمي تجاوز غزة، وأصبح في تأسيس مواجهة مختلفة بين “إسرائيل” والعرب عموما، فمنذ اتفاقيات أوسلو كان هناك على الأقل مستوى سياسي يبحث في السلام، ورغم أن المواجهات بقيت مستمرة وتطورت بشكل غير مسبوق خلال حرب 2006، إلا أن المستوى السياسي كان يفكك التوتر دون أن ينهي الأزمة، بينما تفتقد كل أشكال التحركات السياسية إلى “تفكيك التوتر”، فهي على العكس تريد التعامل مع تداعيات ما يجري وفق خط “إنساني” مؤقت وليس سياسي.

عمليا فإن كلفة الحرب على مستوى الرأي العام في أوروبا والولايات المتحدة تتصاعد، وهذا الأمر نادرا ما يؤدي لتغيير القرارات السياسية وهو عامل يصعب استخدامه في ظل مأزق سياسي على المستوى العربي، فالحرب في غزة تطرح ثلاث مسائل أساسية:

الأولى أن الولايات تترك لـ”إسرائيل” المساحة الكافية لتغيير الواقع على مستوى قطاع غزة في الكامل، وهو تأسيس لتوزع ديموغرافي – سياسي يتيح لها رسم سياسات جديدة تجاه الموضوع الفلسطيني بالكامل، وهذا الأمر سيدفع لاحقا للبحث في مصير أهالي غزة الذي فقدوا “الجغرافية” وأصبحوا قضية مختلفة عن كل ما يتم الحديث عنه اليوم حول “إنهاء حماس”.

أقرأ المزيد: الحلقة المفقودة في الصراع

الثاني أن التعايش مع الخطر هو “جوهر” التأسيس لـ”إسرائيل”، فمسألة “الدفاع عن النفس” هي استراتيجية “إسرائيلية” منذ عام 1948، وطرحها في حرب غزة هو للتعامل مع احتمالات جديدة لتطور الصراع أو حتى لإعادة المسألة السياسية حول الصراع العربي – “الإسرائيلي” إلى مساحة جديدة بعد فشل عملية السلام القديمة.

الأمر الأخير يبدو في العلاقة الأمريكية مع الحرب القائمة، فالتحشيد العسكري في شرقي المتوسط يتجاوز ما يحدث في قطاع غزة، وهو في الصورة الأولية إعلان “حرب باردة” على شرقي المتوسط، فدعم “إسرائيل” لا يحتاج لحاملتي طائرات، ووضع المنطقة على شفير حرب هو الغاية من كل التحركات العسكرية الأمريكية.

الموقف الدولي اليوم غير مسبوق من زاوية أساسية تتعلق بميزان القوة، فـ”إسرائيل” هي التي تمتلك التفوق ولا تحتاج عمليا إلى دعم عسكري وسياسي كما يحصل اليوم، وهو ما يطرح الكثير من الأسئلة حول الموقف الأمريكي بالدرجة الأولى، وطبيعة “الاستفزاز” السياسي الذي تمارسه واشنطن من خلال إعطاء الحرب “الزمن الكافي” لتغيير المعطيات قبل أن تقوم بالضغط لإيقافها، ففي حرب غزة مشهد سياسي تريده الولايات أن يظهر ولكن بعد أن يصل العجز العربي، وربما عجز حكومة نتنياهو، إلى مداه الأقصى.

مقالات ذات صلة