Site icon هاشتاغ

ترف رسمي وفقر شعبي.. هل من حلول لمواجهة غلاء الأسعار في الأردن؟

هاشتاغ- هديل الروابدة (عمّان)

لا تزال تداعيات ارتفاع أسعار المحروقات والسلع الأساسية تلقي بظلالها على المزاج العام للأردنيين، لا سيما أنها تزامنت مع قرار مجلس النواب بصرف مكافأة لأعضائه بقيمة 200 دينار أردني (140 دولاراً) شهرياً، كمخصصات بدل محروقات لهم، وذلك عقب يوم واحد من الزيادة الخامسة لأسعار المحروقات في الأردن، منذ بداية العام الحالي.

ترف حكومي وفقر شعبي

وكانت قررت لجنة تسعير المشتقات البترولية في وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية، نهاية تموز/ يوليو الماضي، رفع أسعار مادة البنزين (أوكتان 90)، والديزل والكاز بمقدار 35 فلسا، ورفع سعر مادة البنزين (أوكتان 95) بمقدار 60 فلسا لشهر آب/أغسطس الحالي.

وما إن أعلنت الحكومة قرار رفع الأسعار حتى تدفقت التغريدات الغاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي منتقدة ارتفاع الأسعار.

وتفاعل أردنيون عبر وسم “الأردن مش بخير”، مستعرضين خلاله المفارقات بين الأوضاع المالية والمعيشية للمواطنين، ومظاهر الرفاهية والترف المبالغ بهما بالنسبة لـ “طبقة الكريما” من رجال السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما وصفهم ناشطون.

الناشط معاوية صمادي، تساءل عبر تغريدة له على تويتر، حول العدالة في تعويض أعضاء البرلمان الذين يتقاضون رواتب شهرية، مرتفعة، فيما يعاني الأردنيون من تآكل مداخيلهم و مدخراتهم، في بلد لا يتجاوز فيه الحد الأدنى للأجور 260 دينار (366 دولار).

مغرد آخر رأى أن أعضاء مجلس النواب “لا يستطيعون مناقشة الوضع الاقتصادي المتدهور، لأن الحكومة ببساطة هي التي تعينهم في البرلمان”، على حد تعبيره.

وفيما واصل المغردون، استعراض معاناتهم مع موجة ارتفاع الأسعار التي طالت معظم المواد والسلع الأساسية، وجه برلمانيون أسئلة نيابية إلى رئيس الحكومة، للاستفسار عن شراء سيارات حديثة لمسؤولين في الدولة في البلديات وأمانة عمان وبعض الوزراء.

النائب سلمان أبو يحيى وجه سؤالا إلى رئيس الحكومة، بشر الخصاونة حول شراء سيارة لاند كروزر موديل 2022 بقيمة 140 ألف دينار لاستخدامات أمين عمان، يوسف الشواربة، في ظل عجز سنوي تعاني منه أمانة عمان بقيمة (200 مليون دينار) وهو ما يوازي 300 مليون دولار تقريبا.

من جهتها نقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر لم تفصح عن هويته، توضيحا من الأمانة حول شراء السيارة، مؤكدة أن سعرها أقل من الرقم المتداول وأنها لغايات الاستخدام الرسمي الحكومي، غير أن ناشطون نشروا وثيقة ترخيصها، مبينين أنها مركبة مرخصة لغايات الاستخدام الشخصي.

وفي ذلك، اعتبر الكاتب والصحفي الأردني، باسل رفايعة، أن مظاهر الترف الظاهرة على طبقة المسؤولين، تستفز المواطنين، في بلاد يعتصم فيها الشباب المتعطلين عن العمل، منذ شهور طلبا للوظيفة، علاوة على أنه قد يستفز الدول المانحة للمساعدات في الأردن، على شكل منح وقروض.

سبق ذلك، موافقة رئيس الوزراء على شراء سيارة لأمين عام وزارة الاستثمار، بشرط أن لا تتجاوز قيمتها 40 ألف دينار بحسب القرار، بالتزامن مع مماطلة حكومية برفع الحد الأدنى للأجور لشريحة المتقاعدين.

ولم تنحصر الارتفاعات في أسعار المحروقات، بل انسحبت على أسعار بعض الزيوت النباتية إلى 15%، وفقا لجمعية حماية المستهلك الأردنية.

وكذلك سُجلت نسب ارتفاع تتراوح بين 10% و20% على أسعار بعض أنواع علف المواشي.

جمعية حماية المستهلك أعلنت في دراسة أعدتها بداية العام الحالي، أن ارتفاع الأسعار طال ما يقارب 47 سلعة غذائية بنسبة بلغت 17.8% عن الفترة ذاتها من العام الماضي، فضلا عن ارتفاعات متتالية في أسعار بعض المواد الغذائية، مثل بيض المائدة الذي ارتفع بنسبة تقدّر بـ10%، والسكر بنسبة 25% والأرز بنسبة 13.3%.

وعلى إثر ذلك، دعت الجمعية وزارة الصناعة والتجارة، إلى تشديد الرقابة على الأسواق في ظل وجود شكاوى من عدة محافظات حول المغالاة بالأسعار، وتجاوز السقوف السعرية التي وضعتها الحكومة لسلع غذائية خصوصا الدجاج والزيوت النباتية.

نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق ممدوح العبادي، طالب الحكومة عبر “هاشتاغ” باتخاذ إجراءات تخفف الضغوط الاقتصادية الشديدة، واللجوء إلى أدوات فاعلة لإدارة البلاد بعيداً عن الحوارات والشعارات والتنظير حول التقشف وشد الأحزمة والاعتماد على الذات، خصوصاً في ظل المؤشرات التي تكشف عن ازدياد المديونية والبطالة والتضخم.

ولفت إلى تقرير بحثي عن الهجرة في الشرق الأوسط، أعدته شبكة الباروميتر العربي، أظهر أن حوالي 93% من الأردنيين، يرغبون بالهجرة، وهو مؤشر خطير، بحسب قوله.

هل تلغى الضرائب؟

يعيش الأردنيون على صفيح الغضب المتوقد من تناسل نسب البطالة (24%) والفقر (26%)، وتعمق الشعور بالظلم، وغياب العدالة، إلى جانب تردي جودة الخدمات العامة وتآكل البنى التحتية في دولة تلقت مليارات الدولارات خلال السنوات الماضية لإنفاقها على مشاريع التشغيل والتنمية، ومع ذلك قفزت مديونيتها الخارجية إلى نحو 29 مليار دينار.

حوارات يطرحها مواطنون في الأرياف والقرى حول تقصير الحكومة عن اتخاذ خطوة إيجابية تجاه المواطنين بإعلان قرارات تخفيفية عاجلة.
وفي المقابل، تحمّل عمان الرسمية، مسؤولية الغلاء لعوامل اقتصادية عالمية خارجة عن إرادتها.

في هذا السياق، أرجع وزير المالية الأسبق، محمد أبو حمور، ارتفاع أسعار السلع والأغذية والمحروقات إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، حيث اختلت سلاسل التوريد، وارتفعت كلف الشحن والتأمين فضلا عن تراجع العرض لبعض السلع نتيجة للعقوبات الغربية على روسيا.

وفيما يعتمد السوق الأردني على استيراد العديد من السلع الغذائية والاستراتيجية، كما قال الوزير أبو حمور لـ “هاشتاغ”، فقد انعكست هذه المسببات على السوق الأردني، إذ ارتفع معدل التضخم السنوي إلى 5.2% خلال شهر حزيران/يونيو الماضي، مسجلاً بذلك أعلى مستوياته منذ عام 2018.

وأضاف أبو حمور لـ “هاشتاغ”، أن التغيرات الطارئة على أسعار النفط الذي يعتبر سلعة ارتكازية، وينعكس ارتفاع أسعارها على أسعار جميع السلع والخدمات، قد فاقم من موجة الغلاء.

وأشار إلى أن أسعار السلع تتراجع اليوم، على ضوء بيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو” التي أظهرت انخفاضاً على أسعار الغذاء في العالم بنسبة 8.6% في شهر تموز / يوليو الماضي مقارنةً مع الشهر الذي سبقه.

ويعزو الوزير موجة الغضب الشعبية، إلى تزامن ارتفاع الأسعار مع اتساع رقعة البطالة والفقر، الأمر الذي ضاعف معاناة المواطنين، وتسبب بتدني مستوى معيشتهم وتدني قدرتهم على توفير احتياجاتهم الحياتية، وفق رأيه.

ورأى أبو حمور أن من المهم أن يشعر الأردنيون بالانخفاض الطارئ على أسعار بعض السلع الغذائية، وهذا يتطلب، بحسب ما قال، ان يتفهم التجار الأوضاع المعيشية الصعبة للمواطنين، بتخفيض هامش الربح الذي يتقاضونه.

وفي الوقت ذاته، دعا الحكومة إلى المساهمة في حل الأزمة، عبر تخفيض أو إلغاء الضريبة على بعض السلع التي شهدت ارتفاعاً حاداً، فضلا عن إعفاء مدخلات الإنتاج من الضريبة ليتمكن المنتج الأردني من تقديم سلعة ذات جودة وأسعار معقولة.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version