كشفت تركيا أمس الخميس عن إجراء أول محادثات مباشرة مع دمشق خلال محادثة قصيرة أجراها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في أكتوبر من العام الماضي مع نظيره السوري فيصل المقداد في قمة دول عدم الانحياز التي عقدت حينها في بلغراد.
وقال جاويش أوغلو في مؤتمر صحفي عقده الخميس على هامش اجتماعات المؤتمر الـ13 للسفراء الأتراك بالعاصمة أنقرة، “أجريت محادثة قصيرة مع وزير الخارجية السوري في اجتماع دول عدم الانحياز ببلغراد”.
وشدد على ضرورة وجوب تحقيق مصالحة بين المعارضة والحكومة في سوريا بطريقة ما، “لن يكون هناك سلام دائم دون تحقيق ذلك”.
وتابع الوزير التركي: “يجب أن تكون هناك إرادة قوية لمنع انقسام سوريا والإرادة التي يمكنها السيطرة على كل أراضي البلاد لا تقوم إلا من خلال وحدة الصف”.
لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
إعلان للمرة الأولى
وهذه المرة الأولى التي تتحدث فيها تركيا على ضرورة منع انقسام سوريا وعن وجوب التوصل إلى تسوية بين
المعارضة والحكومة السورية، في انعطافة كبيرة في الموقف العدائي من دمشق وفي خطوة ربما تمهد
لتدشين تركيا مصالحة مع الرئيس السوري بشار الأسد بدفع من كل من روسيا وإيران بحسب موقع أحوال تركية.
ورغم أن المحادثة القصيرة التي كشف عنها وزير الخارجية التركي كانت في العام الماضي إلا أن الكشف
عنها يأتي في سياقات أوسع وأكبر من مجرد محادثة وقد تكون ضمن إعادة تركيا ترتيب أوراقها على
وقع المتغيرات على الأرض وضمن لعبة مصالح مع كل من موسكو وطهران.
والحديث عن ضرورة منع انقسام سوريا وعن المصالحة بين الحكومة والمعارضة قد يكون المخرج الأسلم لتركيا من المستنقع السوري من جهة ولقطع الطريق على قيام كيان كردي في شمال سوريا.
ويأتي الإعلان التركي عن المحادثة القصيرة بين وزير الخارجية التركي والسوري بعيد قمتين عقدهما
أردوغان بداية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين والإيراني ابراهيم رئيسي مؤخراً في طهران ثم لاحقاً
مع بوتين في منتج سوتشي. وركزت القمتان على الأزمة السورية وعلى ضرورة تهدئة التوترات في شمال سوريا.
تزامن مع تحضيرات لعملية
وتأتي هذه التطورات في خضم تحضير تركيا لعملية عسكرية واسعة في شمال سوريا لتوسيع نطاق
المنطقة الآمنة وتستهدف تحديداً منبج وتل رفعت وعين العرب (كوباني) وهي عملية تعارضها دمشق وموسكو وطهران.
واقترح الروس في تصريحات سابقة أن تتولى قوات من الجيش السوري تأمين المنطقة الحدودية مع تركيا وهو الحل الواقعي لطمأنة أنقرة وكبح أي هجمات تستهدف المدن التركية الحدودية.
ويرجح أن الرئيس الروسي عرض على نظيره التركي تسوية تشمل كبح دمشق للتنظيمات الكردية التي
تتهمها تركيا بإنشاء كيان كردي على تخومها في مقابل مصالحة بين الحكومة السورية والمعارضة أو قد
يكون أردوغان ذاته من اقترح هذا الشكل من التسوية طبقاً لأحوال تركية.
وبالنسبة للرئيس التركي الذي يواجه وضعاً صعباً في ظل أزمة مالية خانقة قد يبدو من الصواب وعلى ضوء
المكاسب الميدانية التي حققتها قوات الرئيس السوري بشار الأسد، البحث في تسوية تحفظ ماء وجه تركيا وتؤمن مصالحها.