هاشتاغ- يسرى ديب
تشير بيانات حركة الصادرات السورية عبر المعبر الحدودي جابر _ نصيب، إلى أن النسبة الأكبر من الصادرات الزراعية السورية تذهب إلى السعودية، حيث بلغ عدد السيارات المتجهة إلى المملكة خلال الأيام الستة الأخيرة 146 سيارة محملة بمختلف المواد من الخضار والفاكهة، وبأعداد أقل بكثير إلى باقي دول الخليج.
نظرياً الأمور ليست في أحسن حالاتها مع السعودية، فهل تنفصل العلاقات الاقتصادية بين الدول المختلفة سياسياً كما تنفصل العلاقات الأمنية بين الدول العربية عن الخلافات السياسية؟
” هاشتاغ” سأل بعض الخبراء السياسيين والاقتصاديين عن قراءتهم لمؤشرات عودة نشاط الصادرات إلى السعودية.
بناء الثقة
عضو غرفة تجارة دمشق ياسر اكريم تحدث لهاشتاغ عن لحظ تطور في التصدير إلى السعودية رغم أن الكميات ليست كبيرة، لكنها تشير إلى تحسن.
وقال اكريم إن الدخول إلى أسواق كنا فقدناها أمر جيد، ويحتاج إلى بناء الثقة من جديد، وما يجب فهمه هو قوانين التصدير بين البلدين.
وبيّن اكريم أنه كان هنالك بعض المشاكل التصديرية بين البلدين على بعض القضايا. مشيرا إلى أن عودة العلاقات لن تحصل بكبسة زر، ولكنها تحتاج لوقت، وتحتاج للعمل على عوامل عدة نفسية واقتصادية وربحية، وكل هذا يتطلب منتج تكاليفه منخفضة، لأن دخول الأسواق والمنافسة يحسمها السعر، وهذا يتطلب حلاً أساسياً للمشاكل التي تسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي كالطاقة مثلاً.
وأضاف: “يجب العمل على تخفيف تكاليف الإنتاج كالمحروقات والنقل وتوفير الأدوات الزراعية وكلها أدوات تنتهي بمنتج سعره منافس.” حسب قوله.
مرتبطة ببعضها
رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية، الخبير الاقتصادي عابد فضلية يؤكد لهاشتاغ أنه “نظرياً لا توجد علاقات اقتصادية جيدة إذا كانت العلاقات السياسية غير جيدة. وبالتالي فنحن لا تستطيع أن نسمي العلاقة بين سوريا والسعودية بأنها علاقات اقتصادية، لأنها تقتصر فقط على تصدير بعض السلع الغذائية والقطنية.
لصالح الطرفين
ويرى فضلية أنه باعتبار أن علاقة التصدير والاستيراد بين البلدين هي لصالح كليهما، فمن السهل، بل من المنطقي أن تتم هذه العلاقة، خاصة وأن السنوات الأخيرة أثبتت للعالم أجمع أن سوريا تتعرض لهجمة إرهابية حقيقية، وليس صحيحا ما كان ينشر بوسائل الإعلام من تجنٍ على القيادة والحكومة السورية، حسب قول فضلية، وعلى الأخص إذا علمنا أن الغرب وكذلك معظم الدول العربية بدأت تعي أن رؤية الدولة السورية هي رؤية محقة وبات الاعتراف بشرعيتها أمر حتمي على المديين المتوسط والطويل.
على خجل
يعتقد فضلية أن المكابرة على سوريا لم تعد مقنعة لأحد، ولا بد من التزحلق ولو على خجل لإعادة العلاقات معها تحت مسميات عديدة، منها حجة تطبيق قرارات الأمم المتحدة ووحدة الأراضي السورية.
وأشار فضلية إلى أن بعض التبادل التجاري مع سورية لا يحرج الدول الأخرى التي تتعامل معها على استحياء.
وعن المواد السورية التي تستوردها السعودية قال فضلية إن هذه المواد لا بديل لها من حيث النوعية (من حيث الثقة والنكهة والأصول الطبيعية البلدية) ومن حيث السعر، دون أن ننسى أن وجود سوريين وعرب آخرين كمقيمين في تلك الدول يشكلون نسبة كبيرة من الطلب المؤكد تجاه السلع السورية.
ويؤكد فضلية أن حجم الصادرات السورية سيزداد إلى هذه الدول وإلى غيرها من الدول التي جرب مستهلكوها جودة المنتج السوري، فهذه هي طبيعة الأمور عندما يفكر المستورد لمصلحته ومصلحة أسواقه الاستهلاكية.
مؤشر جيد
من جهته، يشير الباحث الاقتصادي سنان ديب إلى أنه في الشكل العام ليس هناك عداء دائم و لا تقارب تام بالسياسة، وخاصة في عالمنا الحالي. ومعايير الجودة و التكلفة و الوفرة قد تضغط على متخذي القرار، وخاصة في ظل الرؤى الاقتصادية العالمية وادعاء حرية الاقتصاد.
وأضاف ديب في تصريحات لهاشتاغ أنه ليس من الطبيعي الربط التام بين العلاقات الشعبية من جهة والحاجة الاقتصادية من جهة ثانية، واصفا هذه الخطوة بأنها مؤشر جيد.
رغبة متبادلة
الدبلوماسي السابق أيمن علوش، يقول لهاشتاغ في قراءته لهذه المؤشرات أن المملكة العربيّة السعودية تريد أن تلعب دوراً إقليمياً، وقد تحدّث وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان عن شرق أوسط زاهر خلال الفترة القادمة.
و تساءل: هل يمكن للمملكة العربية السعوديّة استكمال هذا الدور دون أن تكون سوريا جزءاً منه؟
يضيف علوش: “أعتقد أن هناك رغبة لدى الطرفين السوري والسعودي لتطبيع العلاقات بين البلدين، بالرغم من الهواجس التي يمتلكها كلّ طرف تجاه الطرف الآخر، فسوريّا تحمّل السعوديّة مسؤولية دعم الإرهاب الذي عانت منه خلال السنوات الماضية تأهيلاً وتدريباً وتمويلاً، كما تعتبر أن السعودية تقف مانعاً ضد انفتاح بعض الدول العربيّة على سوريا وعودتها إلى الجامعة العربيّة، وكذلك التدخل في قرارها السيادي”.
هواجس سعودية
وللسعودية أيضاً هواجسها تجاه الدولة السورية، فـ”عبارة (أشباه الرجال) التي قالها عنهم الرئيس السوري بشار الأسد ما زالت عالقة في أذهانهم، وتطورت هذه الهواجس من انزعاج من العلاقة بين سورية وقطر وتركيا قبل الأزمة السورية، إلى استياء من العلاقات السورية الإيرانيّة وقلق من الاتصالات السوريّة التركية، حيث ترى السعودية أن الأولى تنافس مكانتها في ريادتها ومرجعيتها السنية في العالم، وأن الثانية تمثل خطراً إقليمياً بسبب تدخلها في دول المنطقة.” وفقا لعلوش.
انفتاح.. بمباركة سعودية
يعتقد علوش أن “إرادة البلدين في الانفتاح على بعضهما البعض ظهرت في الانفتاح الإماراتي على سوريا، وفي تعيين سفير سوري في البحرين، وكلاهما لا يمكن أن يحصلا بدون مباركة المملكة العربية السعودية”، كما ظهر أيضاً كخطوة أولى بفتح الأسواق السعودية أمام الصادرات الزراعية السورية، وهذا كلّه يحصل كمقدمات وهي تترافق مع مناقشات وحوارات بهدف الوصول إلى ما يمكن أن يبدد هواجس الطرقين.
وقال علوش إنه من الملفت أن هذا يحصل بالرغم من وجود قانون قيصر.