Site icon هاشتاغ

تصريحات تمهد الطريق.. هل اقترب تطبيع العلاقات بين أنقرة والرياض؟

تواصل الحكومة التركية التحرك نحو تصحيح علاقاتها “التطبيع” مع السعودية، والتي شهدت توتراً غير مسبوق عقب اندلاع الأزمة الخليجية، قبل أن يتصاعد الخلاف بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018.

وفي خطوة جديدة على طريق تصحيح العلاقات، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، إن أنقرة تبحث تحسين العلاقات مع الرياض، مؤكداً احترام بلاده لقرار القضاء السعودي بشأن مقتل خاشقجي.

وتأتي هذه التصريحات استكمالاً لتصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان، عقب المصالحة الخليجية، والتي قال فيها إن بلاده مستعدة لتصحيح مسار العلاقات مع دول الخليج، واصفاً هذه العلاقات بـ”الاستراتيجية”، في إشارة إلى رغبة أنقرة في تطبيع علاقاتها مع الرياض بعد توتر وجفاء بالسنوات الأخيرة.

قضية خاشقجي

وقال قالن، في حديث مع وكالة “رويترز” إن بلاده تبحث سبل إصلاح العلاقات مع السعودية بأجندة أكثر إيجابية”، مشيراً إلى أن بلاده تحترم الإجراءات القضائية السعودية ضد قتلة خاشقجي.
وسبق أن أعلنت تركيا رفضها الإجراءات السعودية بحق المتهمين بقتل الصحفي الراحل، وبدأت محاكمة أكثر من 20 متهماً سعودياً بينهم مسؤولون مقربون من ولي العهد السعودي، بتهمة قتل خاشقجي.

وأغلقت النيابة العامة السعودية، في 7 أيلول/ سبتمبر 2020، قضية مقتل خاشقجي بشقيها العام والخاص، مع صدور أحكام نهائية بحق 8 أشخاص مدانين في إطارها.

وأصدرت النيابة العامة عقوبات بالسجن 20 عاماً على 5 متهمين، كما أصدرت عقوبات بالسجن بين 7 و10 سنوات على 3 آخرين، ولم تذكر أسماء المتهمين المحكوم عليهم.

وفي آذار/ مارس الماضي، استأنفت محكمة تركية بولاية إسطنبول جلسات الاستماع في قضية مقتل خاشقجي، حيث تقاضي 26 متهماً سعودياً غيابياً، بحضور خديجة جنكيز خطيبة الصحفي الراحل.

بدوره نقل مراسل التلفزيون العربي زيد بنيامين عن مصدر دبلوماسي خليجي قوله: إن “السعودية وتركيا توصلتا لاتفاق لتطبيع العلاقات”، مشيراً إلى أن الإعلان عن التسوية المنتظرة “سيسبقه تصريحات لتلطيف الأجواء وتهيئة الرأي العام”.

تغير الخطاب

وبعد إعلان المصالحة الخليجية في كانون الثاني/ يناير 2021، شهدت العلاقات السعودية التركية بعض ملامح التقارب عبر التصريحات المتبادلة بين المسؤولين، وذلك في سياق حملة واسعة لإعادة ترسيم العلاقات بين تركيا وعدد من دول المنطقة في مقدمتها مصر.

ومنتصف نيسان/ أبريل الجاري، أجرى الرئيس التركي اتصالاً هاتفياً بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، هنأه فيه بحلول شهر رمضان.
وهذا هو الاتصال الثاني بين الزعيمين منذ توتر العلاقات، حيث اتصل العاهل السعودي أواخر العام الماضي بالرئيس التركي لبحث مشاركة أنقرة في قمة مجموعة العشرين التي استضافتها الرياض، افتراضياً، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
ومنتصف آذار/مارس الماضي، قال الرئيس التركي إن السعودية طلبت شراء طائرات مسيرة مسلحة من أنقرة، وذلك مع تصاعد هجمات الحوثيين على المملكة، ولاحقاً، قال نشطاء إن طائرات بيرقدار التركية وصلت فعلاً إلى قاعدة الطائف السعودية.

وخلال السنوات القليلة الماضية، انخفضت التجارة بين البلدين بشكل كبير تحت وطأة مقاطعة سعودية غير رسمية، لكن الدولتين قالتا إنهما تعملان على تحسين العلاقات.
ويوم الأحد الماضي أظهرت بيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية، تراجع الصادرات التركية إلى السعودية بنحو 93.7% على أساس سنوي في مارس الماضي، إذ بلغت 18.9 مليون دولار مقارنة بـ 298.2 مليون دولار قبل عام.

متغيرات إقليمية

وتدهورت العلاقات بين البلدين عقب وقوف أنقرة إلى جانب الدوحة في خلافها مع الرباعي العربي (السعودية، الإمارات، مصر، البحرين)، ثم تفاقم الخلاف بعد مقتل خاشقجي، وأيضاً بسبب التقارب السعوي اليوناني الأخير.
وانتقد أردوغان، الشهر الماضي، تدريبات سعودية يونانية مشتركة، تزامنت مع تصاعد الخلاف التركي اليوناني بشأن الحقوق البحرية في شرق البحر المتوسط.
في سياق آخر أبدت عدة دول اهتماماً في الآونة الأخيرة بالطائرات المسيرة التركية التي أثبتت فعالية في صراعات بالمنطقة مثل سوريا وليبيا
وإقليم كاراباخ.

كما بدأت السعودية البحث عن بدائل بعدما قررت إدارة الرئيس جو بايدن وقف بيع الأسلحة الهجومية للرياض، والاكتفاء بتزويدها بأسلحة دفاعية، في إطار محاولاتها وقف الحرب اليمنية المستمرة منذ سبع سنوات.
وتأمل تركيا في تخفيف التوترات مع السعودية كجزء من جهد إقليمي أوسع. وقالت أنقرة إنها ترى بوادر تحسن في العلاقات مع مصر التي تدهورت منذ أطاح الجيش المصري بالرئيس الراحل محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً، وذلك صيف عام 2013، قال مناصرو الأخير إنه “انقلاب عسكري”، فيما اعتبر مؤيدو الخطوة أنها استجابة لتظاهرات حاشدة.

فتح قنوات الحوار

المحلل السياسي يوسف كاتب أوغلو، قال إن تركيا حريصة على تعزيز أمن واستقرار المنطقة، وحريصة أيضاً على تفعيل قنوات الحوار مع الدول التي تختلف معها في بعض الملفات، مشيراً إلى أنه من المعروف أن مقتل خاشقجي كان أبرز عوامل توتر العلاقات بين البلدين.

وأضاف “كاتب أوغلو”، لا يزال ملف خاشقجي يتخذ مساراً قضائياً من أجل الوصول للحقيقة، وقد ردت السعودية هذا الأمر بمقاطعة البضائع التركية، بشكل غير رسمي، مشيراً إلى أن أنقرة التزمت الصمت إزاء كل هذه الحملات.

وأضاف أن تركيا ترى ضرورة إنشاء تحالفات في المنطقة تضمن إفشال المخططات التي يضعها من يريدون الإيقاع بين تركيا وجيرانها، لذلك فإن أنقرة تسعى حالياً لإعادة فتح قنوات الحوار مع بعض الدول على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

وتابع قائلاً: “رأينا هذا الأمر في التعامل مع مصر بالنظر إلى المصالح المشتركة في شرق المتوسط وفي ليبيا، ورأينا كيف مدت تركيا يدها عبر تخفيف التصعيد، وهذا ما يحدث الآن مع السعودية في قضية خاشقجي”.

لقد قررت أنقرة، كما يقول المحلل السياسي التركي، “طي هذه الصفحة وإحباط الفتن والذرائع مع السعودية التي تحظى بثقل سني كبير في المنطقة، كما أنها ضمن أكبر عشرين اقتصاداً في العالم”.

ويكمل موضحاً: “لقد قررت أنقرة احترام أن هذا شأن داخلي سعودي، وأن الرياض أدرى بالحقيقة، وقد قررت أيضاً التعامل مع القضاء السعودي باحترام بغض النظر عن دوافع القضية والمتورطين فيها، حتى لا تكون هذه القضية سبباً في استمرار الخلاف”.

ولفت إلى أن الصادرات التركية بدأت ترتفع بشكل طفيف إلى السعودية، لكنها تعطي مؤشراً على تفعيل مبدأ المصالح المتبادلة والربح للجميع، معتبراً أن خطوة تركيا الأخيرة تجاه السعودية تتمتع بالحكمة والذكاء.

وقال إن المنطقة تعيش زمن التحالفات، ومن ثم فعلى تركيا التعامل مع هذا الأمر والاعتماد على عوامل مشتركة مثل الدين والتاريخ، وهو ما دفعها لتصحيح العلاقات مع الدول المهمة بالمنطقة بغض النظر عن الخلافات القديمة.

وخلص بقوله: إن تركيا “تريد فتح قنوات الحوار وتعزيز العودة إلى تصفير المشاكل التي أفقدت الأطراف الثقة بعضها ببعض، من خلال حل هذه المشكلات بشكل مباشر، تمهيداً لتفعيل مبدأ المصالح والاحترام المتبادلين”.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

Exit mobile version