تضاءلت رغبة الهيئات الناظمة للعبة كرة القدم للإصلاح، بما فيها الاتحاد الدولي “الفيفا”، بعد مرور عقد على صدور تقرير كان مخصصاً لإنقاذه مما وصف حينها بأنه أزمة وجود.
وكان تقرير الإصلاح الذي أعده الخبراء المطلعين في كانون الأول/ديسمبر 2015، أفضل فرصة ل”فيفا” ليُظهر لشركائه أنه يمكن الوثوق به مرة أخرى، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”.
تغييرات ملموسة
خلص التقرير، الذي كان أحد مؤلفيه هو رئيس “الفيفا” الحالي السويسري جياني إنفانتينو، إلى إجراء تغييرات ملموسة وثورية.
ويتضمن ذلك الشفافية في كيفية التوصل إلى القرارات الكبرى، وحدود ولاية كبار القادة، والقيود الجديدة على السلطة الرئاسية.
بالإضافة إلى إلغاء اللجان الممولة بشكل جيد، التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها نظام للكسب المؤسسي غير المشروع.
ويعد تحديد سنوات ولايات رئيس “الفيفا” والاعضاء بـ12 عاماً “3 ولايات حسب النظام الحالي”، من أهم الإصلاحات التي تم اعتمادها.
فضلاً عن إنشاء مجلس “الفيفا” بدلاً من اللجنة التنفيذية حالياً، لتكون مهمته وضع الاستراتيجية العامة وسياسات الاتحاد.
على أن تتابع الأمانة العامة الخطوات التنفيذية والتجارية المطلوبة، لتنفيذ هذه الاستراتيجية.
اقرأ أيضاً.. إعادة انتخاب إنفانتينو لرئاسة “الفيفا” بالتزكية
هيئة محترمة
يشار، إلى أنه لاحقاً سيطلب إنفانتينو من أعضاء “الفيفا” الموافقة على قائمة من التغييرات في النظام الأساسي.
وسيكون من شأن هذه القائمة، أن تلغي المزيد من التغييرات التي تم تبنيها ذات يوم، واستعادة الهياكل التنظيمية التي تم السعي لإزالتها سابقاً.
في السياق، يقول المنتقدون إن ذلك من شأنه أن يبعد كرة القدم عن المبادئ السليمة للحكم الرشيد التي تبنتها، وسط فضيحة فساد سابقة أطاحت برئيس “الفيفا” السابق، سيب بلاتر.
وقالت الهيئة الناظمة للعبة التي تتخذ من زيوريخ مقراً لها رداً على ذلك: “إن (الفيفا) لا يتفق مع هذا الرأي على الإطلاق”.
بدوره رد “الفيفا” على أسئلة بشأن التراجع عن الإصلاحات، إن التغييرات التي تم إجراؤها منذ فضائح عام 2015، حولته من مؤسسة سامة إلى هيئة إدارة محترمة وموثوقة وحديثة.
كما أضاف، أن هذا المحور لنموذج الحكم تم الاعتراف به من قبل العديد من المنظمات الخارجية، بما في ذلك وزارة العدل الأميركية.
لكن المسؤولين الأميركيين قالوا الأسبوع الماضي، إنهم لم يراجعوا قط قواعد “الفيفا” أو معايير الحوكمة.
كما رفض مكتب المدعي العام، الذي رفع العديد من قضايا الفساد، الوقوف وراء التغييرات التي أجراها الاتحاد الدولي.
جهود الإصلاح
من جانبه، قال المتحدث باسم مكتب المدعي العام الأميركي للمنطقة الشرقية من نيويورك، جون مارزولي: “لم يؤيد مكتبنا فعالية أي من جهود الإصلاح الحالية ل(الفيفا)”.
ووصل السويسري إنفانتينو الى الرئاسة في شباط/فبراير 2016، وخلف مواطنه بلاتر الذي أوقفته لجنة الأخلاق التابعة للاتحاد في كانون الأول/ديسمبر 2015.
وتم إيقاف بلاتر عن مزاولة أي نشاط مرتبط بكرة القدم، في قضية أطاحت أيضاً بمن كان خليفته المرجح، الفرنسي ميشال بلاتيني، الذي كان يرأس في حينه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
يذكر، أنه كان لدى “الفيفا” 26 لجنة دائمة عندما ضربته الفضائح.
وأوصى تقرير عام 2015 بتقليص تلك اللجان إلى 9، لتحسين الكفاءة، فيما وصل عدد اللجان الحالية إلى 7 لجان فقط.
لكن كجزء من تغييرات القواعد المقترحة التي سيتم النظر فيها، سيطلب إنفانتينو من الأعضاء الموافقة على زيادة اللجان خمسة أضعاف، إلى 35 لجنة.
وكذلك الحصول على سلطة إنشاء لجان جديدة، وتعيين أعضاء عندما يراها هو مناسبة.
وقال “الفيفا” إنه بحاجة إلى اللجان الإضافية لأنه وسع مهامه بشكل كبير، وأشار إلى أن الأدوار ستخلق المزيد من المناصب للنساء.
وأكمل، أن بعض الاجتماعات ستعقد عن بعد. ولم يذكر كيف سيتم اختيار المعينين في اللجان.
تغييرات الاتحادات القارية
إلى ذلك، يتقاضى الأعضاء في مجلس إدارة “الفيفا”، ما بين 250 إلى 350 ألف دولار سنوياً، مقابل وظيفة قد تتطلب حضور ما لا يقل عن 3 اجتماعات سنوياً.
كما تضاعف راتب إنفانتينو نفسه منذ توليه منصبه، ليصل إلى ما يقرب من 5 ملايين دولار.
وأشرف مؤخراً على تعديل حدود المدة الخاصة به، التي قد تسمح له بالبقاء في منصبه لمدة 15 عاماً بدلاً من 12 عاماً التي ينص عليها النظام الأساسي ل”فيفا”.
أما على مستوى الاتحادات القارية، فإن وعود التغيير نحو الإصلاح تخفف.
فالاتحاد الآسيوي سيصوت هذا الأسبوع لإلغاء القيود المفروضة على فترات الولاية، إذ سيسمح لرئيسه وأعضاء مجلس إدارته بالبقاء في مناصبهم إلى أجل غير مسمى.
وقال الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، إن 4 من الاتحادات الأعضاء فيه طلبت التغيير.
وفي القارة العجوز، تمت الموافقة على محاولة رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم للبقاء بعد فترة ولايته البالغة 12 عاماً، لكنها أصبحت بلا معنى عندما قال إنه لن يترشح.
وقال، إنه لم يكن يخطط لتمديد فترة ولايته، ولكنه أراد اختبار ولاء الأعضاء.
كما فشل اتحاد كرة القدم في أمريكا الشمالية “الكونكاكاف“، الذي كان على وشك الانهيار بسبب فضيحة الفساد عام 2015، في متابعة التغييرات الموعودة.
في حين أشارت المراجعة الخارجية إلى الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، التي تم التكليف بها بعد سيطرة “الفيفا” على المنظمة، إلى وجود عشرات الملايين من الدولارات من الأموال المختلسة.