سامر ضاحي
استفاق سكان العاصمة دمشق اليوم على صوت ثلاث انفجارات متتالية في الصباح، ونشرت لاحقا حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لشاحنة على جسر الكنيسة في منطقة مشروع دمر تهشم نصفها الخلفي، بينما رجح التلفزيون الرسمي ان يكون ذلك ناجم عن انفجار إطار الشاحنة (الدولاب).
يحيل مسلسل التطورات الإقليمية في الاشهر الاخيرة إلى ضرورة مناقشة معلومة (الدولاب)، التي لا تبدو للوهلة الأولى كاملة لمجموعة أسباب في مقدمتها أن سكان مدينة دمشق تداولوا أخبار عن سماعهم ثلاث انفجارات متتالية كان الفاصل الزمني بينها بسيط، وبالتالي في حال وجود انفجار لإطار وثم خزان وقود فما الذي انفجر ثالثاً؟! ثم كان يفترض وصول صوت انفجار خزان الوقود فقط إلى سكان العاصمة البعيدين عن مشروع دمر قرابة عشرة كيلومترات ويفصلهم الجبل عن منطقة المشروع.
السبب الثاني يعود إلى موقع الخزان ففي مثل هذا النوع من الشاحنات يقع خزان الوقود في المنتصف، لكنه أقرب إلى الجهة الأمامية من الشاحنة، وفي حال انفجار الخزان ينفجر كبين السائق مباشرة متأثراً بوجود محرك الشاحنة تحت الكبين. يعود السبب الثالث إلى الصور المتداولة للشاحنة فالمنطقي أن انفجار خزان الوقود يتسبب بكثير من الدخان الأسود الذي سيطغى على لون السيارة الأبيض وهو ما لم يظهر في الصور المتداولة.
ومع التشكيك قليلاً بالسردية المتداولة لا بد من تحليل الفرضيات الممكنة الأخرى وهي:
الفرضية الاولى: وجود عبوة ناسفة، وهي فرضية ضعيفة باعتبار أن العبوات تنفجر عادة في مناطق قريبة من انطلاق المركبات، وتسبب دماراً كاملاً لها، لكن الانفجار تم على طريق طويل تكون المركبات فيه مسرعة والشاحنة لم تتضرر بالكامل، رغم انها قد تكون فرضية جيدة لتواجد هدف عسكري يتمثل بحاجز قريب من مكان الانفجار، وهي ليست المرة الاولى التي يتم استهداف المنطقة إذ سبق أن انفجرت عبوة بحافلة ركاب عام 2012 في ذات المكان تقريباً وتسببت بعدد من الضحايا المدنيين.
الفرضية الثانية هي الاستهداف المباشر، ولا تبدو منطقية نظراً لطبيعة منطقة الاستهداف إذ أن المنطقة معروفة بهدوئها ولوجود الحاجز القريب منها يجعل مهمة أي استهداف مباشر صعبة للغاية.
الفرضية الثالثة هي الاستهداف الصاروخي من بعيد، لا يمكن ترجيحها باعتبار أن الصواريخ البعيدة تتسبب بحجم دمار أكبر، وهو نفس السبب الذي ينفي الفرضية الرابعة القائمة على الاستهداف الجوي.
الفرضية الخامسة هي فرضية استهداف بمسيرة، تبدو فرضية مرجحة قياساً لمقارنة الصور المتداولة للشاحنة مع صور سيارات تم استهدافها بمسيرات في مناطق مختلفة خلال الحرب السورية من قبل قوى دولية. وإن كان غياب الأنباء عن ارتقاء اي شخصية يخفف من احتمالية هذه الفرضية إلا أنه لا يلغيها.
من حيث الفاعل لا يبدو أن المجموعات المسلحة في سوريا قادرة على الوصول إلى هذه المسافة في عمق العاصمة، وإن سبق لها ونجحت في الوصول إلى مقر الكلية الحربية في تشرين اول الماضي. أما اسرائيل فلديها مثل هذه القدرة وقد وسعت بالفعل عملياتها أفقياً في العمق اللبناني خلال الشهر الأخير عبر سلسلة استهدافات متلاحقة لشخصيات في المقاومة اللبنانية.
بالاستنتاج التحليلي، وفي ضوء تطورات الاسبوع الماضي، قد تكون إسرائيل بدأت استخدام أداة المسيرات في العدوان على العمق السوري بعدما جربتها في العمق اللبناني، مما يدعو للتخوف من صيف ساخن قادم يشهد كثيراً من انفجارات الدواليب، والأهم انتظار إعلان الجهات الرسمية عن حقيقة ما حصل، فالتحليل لا يعني تجاهل الحقائق..