في خطوة تعكس تحولاً مهماً في مسار العلاقات بين تركيا وسوريا، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع في أنقرة، حيث ناقشا سبل تعزيز التعاون بين البلدين ورفع مستوى العلاقات إلى شراكة استراتيجية.
داخل القصر الرئاسي في العاصمة التركية، بدا اللقاء بين أردوغان والشرع محملاً بالكثير من الرسائل السياسية والدلالات الرمزية.
فبالرغم من سنوات القطيعة والتوترات الإقليمية، كان واضحاً أن الطرفين يسعيان اليوم إلى إعادة بناء الثقة والانطلاق نحو مرحلة جديدة من التنسيق السياسي والأمني والاقتصادي.
وتحدث أردوغان بنبرة واضحة عن التزام بلاده بمساعدة سوريا على تجاوز المرحلة الانتقالية، مشيراً إلى أن أنقرة ستواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوري، وستعمل على ضمان استقرار البلاد عبر التعاون الوثيق مع الإدارة الجديدة في دمشق.
كما شدد على أن تركيا لن تسمح بوجود تهديدات إرهابية قرب حدودها، وأنها ستعمل مع السلطات السورية على إنشاء منطقة آمنة خالية من الجماعات المسلحة.
في المقابل، بدا أحمد الشرع ممتناً للدعم التركي، مؤكداً أن الشعب السوري لن ينسى موقف أنقرة في هذه المرحلة الدقيقة.
وأشار إلى أن العلاقة بين البلدين تمتد عبر التاريخ والجغرافيا، وهو ما يفرض عليهما العمل معاً لتجاوز آثار الصراع وإعادة بناء سوريا موحدة وقوية.
كما أكد الشرع أن دمشق مستعدة لتوسيع التبادل التجاري مع تركيا، لا سيما في ملف إعادة الإعمار الذي يمثل أولوية في المرحلة القادمة.
وبينما تحدث أردوغان عن ضرورة دعم إدارة سورية تعكس إرادة الشعب، شدد الشرع على أن الوضع الداخلي في سوريا يتطلب إصلاحات جذرية، مشيراً إلى أن الحكومة الانتقالية تعمل على ضبط السلاح وحصره بيد الدولة.
وكان الملف الاقتصادي حاضراً بقوة في النقاشات، حيث أكد الجانبان على ضرورة تهيئة بيئة استثمارية جديدة في سوريا، تتيح إعادة بناء الاقتصاد بعيداً عن الفساد والمحسوبيات التي سادت في العقود الماضية.
كما شدد أردوغان على أن العقوبات الدولية المفروضة على سوريا تعيق عملية النمو، متعهداً ببذل جهود دبلوماسية لتخفيف الضغوط الاقتصادية عن البلاد.
أما على المستوى الأمني، تناولت المحادثات التهديدات في شمال سوريا، حيث أكد أردوغان أن تركيا لن تقبل بوجود أي كيان يهدد وحدة الأراضي السورية.
من جانبه، أوضح الشرع أن هناك مفاوضات جارية مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لحل هذا الملف، وأن الأولوية الآن هي تأمين الاستقرار وضمان سيادة الدولة على كافة أراضيها.
وتمثل الزيارة، التي تعد الأولى من نوعها منذ تغيير النظام في سوريا، بداية جديدة لعلاقة البلدين، وسط توقعات بأن تشهد المرحلة المقبلة مزيداً من اللقاءات الثنائية، بهدف تطبيق التفاهمات على أرض الواقع، سواء في الملفات الأمنية أو الاقتصادية أو السياسية.