هاشتاغ- يسرى ديب
يتوقع خبراء اقتصاد أن تكون لانهيار بنك وادي السيليكون آثار كبيرة على مستقبل الدولار.
وذهب البعض لوصف ما يحصل ببداية نهاية الدولار، خاصةً مع وجود قوى عالمية كالصين وروسيا جاهزة لملء الفراغ، بعكس الأزمة الاقتصادية العالمية التي حصلت عام 2008، حيث لم تكن الدول المنافسة في جاهزية لملء الفراغ.
هل سيؤثر ما يحصل في أمريكا على سعر الصرف في سوريا؟ ولماذا يستمر الدولار في الصعود محلياً رغم انخفاض سعره العالمي؟
تاريخياً
انهار بنكان في الولايات المتحدة في 10 من الشهر الجاري هما “سيلكون فالي” (SVB) و”سيغنتشر ” ، قبل أن يلحق بهما “كريدي سويس” السويسري المصنف بأنه واحد من أهم 30 بنكا على مستوى العالم، وإن كان الأخير سعى إلى الاقتراض، ثم الاستحواذ، في مسعى لإنقاذه من الإفلاس.
تشير القراءات إلى أن إفلاس المصرفين الأمريكيين يعد أكبر إفلاس بنكي يحدث منذ عام 2008، وجاء انهيار “بنك سيليكون فالي” بسبب سحب المودعين لأرصدتهم، بعد تراجع قيمة سندات الدين الأمريكية، نتيجة الارتفاع المستمر بأسعار الفائدة.
حال الليرة
وعن تأثير ما يحصل على سعر صرف الليرة السورية، قال الخبير الاقتصادي والمصرفي جورج خزام لهاشتاغ إن التأثير بسيط علينا، وذلك لعدم وجود احتياطيات كبيرة بالدولار في المصرف المركزي.
وعن أسباب عدم ارتفاع سعر الليرة، بين خزام أن سرعة انخفاض القوة الشرائية لليرة أسرع بكثير من سرعة انخفاض الدولار، فكلما انخفض الدولار في البورصات العالمية، يلجأ الفيدرالي الأمريكي إلى رفع سعر الفائدة لزيادة الطلب على الدولار، وهذا يرفع سعره.
أضاف خزام أنه سيكون هنالك تأثير على سعر صرف الليرة السورية، لأن أي انخفاض بسعر صرف الدولار يعني ارتفاعاً بسعر صرف الليرة السورية، ولكن النتائج لن تكون كارثية على الاقتصاد الوطني حسب قوله.
سلة العملات
وبين أنه بالنسبة للدول التي لديها توازن بين كمية الدولار وكمية الذهب، فإن الوسطي بين انخفاض سعر صرف الدولار المترافق مع ارتفاع سعر الذهب يجعل هنالك توازناً بوسطي القوة الشرائية.
وشبه ذلك بسلة العملات التي يتم استخدامها في المبيعات الآجلة إذ أن ما تخسره إحدى العملات في السلة، تقوم عملة أو أكثر بتعويض هذه الخسارة، بحيث تبقى القوة الشرائية الوسطية لهذه السلة بحالة ثبات في القيمة.
آثار كارثية
ولفت خزام إلى أن التداعيات ستكون كارثية على الدول التي تمتلك سندات الخزانة الأمريكية و احتياطياً كبيراً من الدولار.
وأشار إلى أن التراجع بقيمة الدولار سيكون تدريجياً، وليس سريعاً.
وسيكون هنالك الوقت الكافي لاستبدال المدخرات من الدولار بسبائك من الذهب، حسب خزام، الذي أضاف أن الارتفاع بسعر الذهب، هو لمصلحة الدول التي تستخرج الذهب من أراضيها، وفي مقدمتهم روسيا.
علاقة عكسية
وقال خزام: بما أن العلاقة عكسية بين الذهب و الدولار في البورصات العالمية( حيث يتم استبدال أحدهما في الآخر بحسب الإرتفاع المتوقع الأعلى للذهب أو الدولار)، فإن ارتفاع سعر الذهب عالمياً بشكل كبير هو مؤشر حقيقي على تراجع الطلب على الدولار، أي أن البنوك والمستثمرين يفضلون الاحتفاظ بالمدخرات على شكل ذهب أكثر من الاحتفاظ بها على شكل دولار، ويقومون باستبدال الدولار بالذهب، وهنا يزداد الطلب على الذهب مقابل تراجع الطلب على الدولار.
هروب جماعي
وبين خزام أن المحرك الرئيسي لهذا الخوف العالمي هو إفلاس بنك وادي السليكون بسبب احتفاظه بسندات الدين الأمريكية، التي أصبحت عبئاً على جميع بنوك العالم، و هذا سيؤدي إلى هروب جماعي لرأس المال الجبان من الأرصدة في البنوك، وإلى شراء الذهب الذي هو الملاذ الآمن الذي ترتفع قيمته السوقية.
الأزمة العقارية
يقول خزام إن تجربة الأزمة الاقتصادية في عام 2008 كانت بسبب أزمة الرهن العقاري و انخفاض قيمة العقارات، والأزمة المقبلة 2023 هي بسبب انخفاض قيمة سندات الخزانة الأمريكية.
و أكد بأننا سنرى عندها هروباً جماعياً من حيازة تلك السندات حتى لا يقع من لديه تلك السندات بالتعثر المالي عن إمكانية سداد حقوق الدائنين و المودعين في المصارف؛ و هذا يعني مطالبة جماعية للخزينة الأمريكية بسداد سنداتها التي لن تستطيع الوفاء بها لو قامت بإنشاء عشرات المطابع من الدولار.
و تابع: في حال قيامها بطباعة تريليونات الدولارات لسداد قيمة سنداتها فإن قيمة الدولار السوقية في البورصة ستنهار بشكل حتمي.
حروب عسكرية
ولفت خزام إلى أن أمريكا لن تترك نفسها تصل إلى هذه المرحلة، وأن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم، وقيام حروب عسكرية على الدول التي كانت تحاربها اقتصادياً، وستكون النتائج كارثية على جميع الدول.
وبين أنه في عام 2008 لم يكن هنالك عملة بديلة ودول قوية جاهزة لتحل محل الدولار، حيث كانت روسيا ضعيفة والصين ليست قوية بما يكفي، وكانت السعودية تدعم الاقتصاد الأمريكي بمئات المليارات من الدولارات، لكن التحالف الاقتصادي الصيني الروسي السعودي جاهز لملء الفراغ الاقتصادي الذي ستتركه أمريكا بعد الأزمة المقبلة.
جمع أموال فقط
وفي السياق ذاته، يقول الخبير الاقتصادي والمصرفي عامر شهدا “إننا في سوريا نملك عناوين مصارف، لأن الممارسات الحالية لا تشير لمهنة مصرفيه”، على حد تعبيره.
ووصف عمل المصارف بأنه لا يتعدى “جمع أموال مقونن” تحكمه قرارات ولا تلزمه سياسات.
وبالتالي -وفقا لشهدا – دور المصارف على المستوى المهني والاقتصادي يختلف تماماً عما تقوم به مصارفنا اليوم، لهذا لن تؤثر علينا أي إفلاسات مصرفيه تحدث في العالم!
بنوك خاصة سورية
ووصف شهدا ما يجري في أمريكا بأنه حرب اقتصادية صينية أميركية بامتياز، وأن حروباً كهذه لها خطوط حمراء، لأنها تصل في حدها الأعظمي لضرب مصالح استراتيجية متبادلة.
وقال شهدا إن روسيا والصين وضعتا سيناريوهات لكل الاحتمالات، ووضعتا حمايات للحلقات الأضعف، بالنسبة للدول التي تحالفت مع الصين وروسيا مؤخراً .
وتوقع شهدا أن نشهد انهيارات بالأسواق المالية، لا تصل حد أزمة عالمية، إلا أنه سيكون هنالك خسائر.
حصة للخليج
ويعتقد شهدا أن دول الخليج ستتأثر من ذلك، وسينعكس هذا التأثير على الشركاء الاستراتيجيين لبعض البنوك الخاصة السورية، خاصة البنوك التي وظفت جزءاً من أموالها باليورو، وبين أن هذا يتطلب المراقبة.
وأشار شهدا إلى أن ايطاليا قد تتأثر وتعيش المرحلة التي عاشتها اليونان منذ سنوات، ثم إسبانيا.
وتساءل شهدا فيما إذا كان البنك السويسري سيتصرف حيال ذلك، وما إذا كان هناك تحرك سعودي صيني؟