الأربعاء, يناير 22, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةثلاثة سيناريوهات أمام أردوغان في سوريا

ثلاثة سيناريوهات أمام أردوغان في سوريا

هاشتاغ | ترجمة: حسام محمد

أشار عمر مراد، الدبلوماسي السابق والمحلل السياسي التركي، إلى أنه  منذ أن أطاح المتمردون بقيادة “هيئة تحرير الشام” بنظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر، هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشن عملية عسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية، حيث تعتبر تركيا أن المكون الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية، وحدات حماية الشعب (YPG)، تابعة لحزب العمال الكردستاني المحظور (PKK)، ومع ذلك، لم يحدث أي عمل عسكري حتى الآن. وبدلا من ذلك، رأينا الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا ينفذ بعض العمليات ضد قوات سوريا الديمقراطية والتي لم تغير الوضع على الأرض بشكل كبير.

وفي مقال نشرته صحيفة “توركيش مينيت” التركية، كشف الكاتب أن تقديم السناتور الديمقراطي كريس فان هولين والسناتور الجمهوري ليندسي جراهام مشروع قانون في 20 كانون الأول/ديسمبر، يهدد بفرض عقوبات على تركيا بسبب العمل العسكري ضد الأكراد في سوريا، عاملا فعالا في هذه النتيجة، مشيرا إلى أنه  خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ لتأكيد تعيين ماركو روبيو وزيرا للخارجية في إدارة ترامب في 15 كانون الثاني/يناير، ربط فان هولين بشكل مباشر فشل تركيا في اتخاذ إجراء عسكري ضد قوات سوريا الديمقراطية بتهديد الولايات المتحدة بفرض عقوبات.

ومع ذلك، فإن فوز دونالد ترامب في الانتخابات، الذي وعد خلال حملته بسحب جميع القوات الأمريكية من الشرق الأوسط، عزز بلا شك توقعات أردوغان بإجبار الولايات المتحدة على الانحياز لمصالح أنقرة في سوريا.

وخطاب أردوغان الأخير، الذي دعا فيه “جميع القوى الأجنبية إلى الانسحاب من المنطقة” وأعلن أنه “إذا لم تضع قوات سوريا الديمقراطية أسلحتها، فسوف يتم سحقها”، مرتبط بهذه التوقعات.

ولكن الكاتب يوضح أن رد روبيو في جلسة تأكيده كان لا لبس فيه، عندما سأل السناتور فان هولين عما إذا كان يوافق على الاستمرار في دعم قوات سوريا الديمقراطية في القتال ضد “داعش”، إذ كان روبيو مباشرا في إجابته عندما قال إن دعم قوات سوريا الديمقراطية سيستمر “بشكل كامل”.

كما أرسل رسالة مباشرة إلى أردوغان، محذرا إياه من “رؤية تغيير الإدارة في الولايات المتحدة على أنه” نافذة “لاستغلال أو انتهاك الاتفاقيات مع الأكراد السوريين”.

ويشير  إلى أنه من المهم أيضا ملاحظة أن ترامب أعطى ردا غير ملزم على سؤال حول ما إذا كان “سيسحب القوات الأمريكية على الفور من سوريا” خلال مؤتمر صحفي في 17 كانون الأول/ديسمبر.

في السياق، ستواجه “هيئة تحرير الشام” عقبات كبيرة في تحسين الوضع الاقتصادي في سوريا وتحقيق التطبيع بسبب العقوبات الأمريكية (المعروفة باسم قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا) التي فرضت في عهد الأسد، ويؤكد روبيو أن رفع هذه العقوبات سيعتمد على استيفاء النظام السوري الجديد لشروط معينة، بما في ذلك حماية الأكراد، وفقا لما أورده كاتب المقال.

وبالتالي، لن تستخدم واشنطن وجودها العسكري في سوريا لمنع الهجمات المحتملة على قوات سوريا الديمقراطية فحسب، بل ستستخدم أيضا تهديد “العقوبات الاقتصادية” ضد أنقرة ودمشق لنفس الغرض، مشيرا إلى أن هذه السياسة دائما كان لديها القدرة على زيادة التوترات في العلاقات الأمريكية التركية.

ثلاث سيناريوهات أمام أردوغان

ومع وضع كل ما سبق في الاعتبار، يعتقد الكاتب أن هناك ثلاث سيناريوهات رئيسية يمكن أن تسير بها الأمور مع سياسة أردوغان تجاه سوريا. أولا، يمكن لترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا، مما يمكّن أردوغان من القضاء على قوات سوريا الديمقراطية من خلال العمليات العسكرية مع الجيش الوطني السوري و”هيئة تحرير الشام”، وسيكون هذا السيناريو، حلم أردوغان، بحسب الكاتب، لكن “من المرجح أن لا يحدث”.

السيناريو الثاني، عدم انسحاب الولايات المتحدة من سوريا وإجبار دمشق على احترام استقلالية قوات سوريا الديمقراطية كشرط لرفع عقوبات قيصر، وبالمثل، سيتم تهديد أردوغان بالعقوبات الاقتصادية، بما في ذلك الكشف عن أصوله، إذا اتخذ إجراء عسكريا ضد قوات سوريا الديمقراطية.

وبحسب الكاتب، ونظرا للوضع الاقتصادي الصعب في تركيا، يبدو من غير المرجح أن يتمكن أردوغان من تلبية الاحتياجات الاقتصادية لهيئة تحرير الشام، وقد يجد صعوبة في تحمل العقوبات الأميركية إذا اتخذ إجراء عسكريا ضد قوات سوريا الديمقراطية.

لذلك فمن الممكن أن يوافق أردوغان على الاعتراف بقوات سوريا الديمقراطية، الإدارة الذاتية للأكراد السوريين في ما يسمونه “روج آفا”.

ومن المحتمل أن تخفف هذه الخطوة بعض التوترات القائمة بين أنقرة وواشنطن، وستسمح لأردوغان، الذي لم يتلق دعوة لزيارة البيت الأبيض خلال عهد بايدن، بالتركيز على تعزيز علاقته مع ترامب، الذي تربطه به علاقة أوثق.

يبدو السيناريو الثاني أفضل لأردوغان من حيث السياسة الخارجية، ولكن ليس كثيرا من حيث السياسة الداخلية، فشعبية أردوغان تتراجع بسرعة، ويرجع ذلك أساسا إلى الأزمة الاقتصادية التي أرهقت الطبقات الدنيا والمتوسطة.

ووفقا لاستطلاع الرأي الأول لهذا العام، الذي أجراه مركز ‘يونيليم” للأبحاث في الفترة من 3 إلى 7 كانون الثاني/يناير، فإن أردوغان متأخر بنحو 10 نقاط عن مرشحي المعارضة في الانتخابات الرئاسية المحتملة.

وإذا أرادت أنقرة حدوث السيناريو الثاني، فسيتعين عليها فتح قنوات اتصال مع قوات سوريا الديمقراطية وتطبيع العلاقات، ويمكن لنظام أردوغان استخدام عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون، كوسيط.

ومع ذلك، وفقا لاستطلاع رأي أجرته شركة “Metropoll Research” في الفترة من 17 إلى 20 تشرين الثاني/نوفمبر، وجد 21.9% فقط من المستجيبين أن دعوة زعيم حزب الحركة القومية اليميني المتطرف دولت بهجلي لأوجلان، ودعوته إلى البرلمان للإعلان عن حل حزب العمال الكردستاني، “صحيحة”، بينما وجدها 71.9% “خاطئة”.

لذا، إذا اعترف أردوغان بقوات سوريا الديمقراطية، فسوف يخسر بطاقة رئيسية لإثارة القاعدة القومية من حوله من خلال استغلال “تهديد حزب العمال الكردستاني” و “تهديد تقسيم تركيا”، وهذا من شأنه أن يضر بأهدافه السياسية، خاصة في ظل الاضطرابات الاقتصادية الحالية.

ومن الجدير بالذكر أيضا أن نهج أردوغان في السياسة الداخلية يبدو أنه يميل أكثر نحو القومية، حيث تشير ديريا كومورجو، المنسقة العامة لمركز “يونيليم” للأبحاث، إلى أن موجة جديدة من القومية قد تظهر في العام أو العامين المقبلين وأن أردوغان كان يعزز قاعدته من خلال القومية بدلا من المحافظة في السنوات الأخيرة.

وعلى هذه الخلفية، يقول الكاتب: من المعقول أن نفكر في سيناريو ثالث قد يتبنى فيه أردوغان سياسة “التوتر المسيطر عليه” في تعاملاته مع قوات سوريا الديمقراطية. فمن ناحية، سيحاول إقناع ترامب بسحب القوات الأميركية من سوريا، مستغلا الخلافات المحتملة داخل الإدارة الأميركية حول هذه القضية، وفي الوقت نفسه، سيضغط على “هيئة تحرير الشام” والجيش الوطني السوري لملاحقة قوات سوريا الديمقراطية، رغم أنه يعلم أن هذا لن يغير الوضع على الأرض.

ويتابع: كما سيلعب على القاعدة القومية التركية بالقول إن القوات المسلحة التركية قد تشن عملية عسكرية في سوريا في أي وقت.

وسوف تركز وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الحكومة (والتي تشكل حاليا 90% من وسائل الإعلام في تركيا) على أن “القوى الأجنبية مثل إسرائيل والولايات المتحدة تحاول إقامة دولة كردية في سوريا بهدف نهائي يتمثل في تقسيم تركيا، وأن أردوغان يقاتل لمنع ذلك”.

وفي هذا الإطار، من الممكن أن يزداد الضغط على حزب المساواة والديمقراطية المؤيد للأكراد، ربما من خلال اعتقال أو استمرار احتجاز قادته البارزين، وتعيين أمناء ليحلوا محل رؤساء بلدياته، وغير ذلك من التدابير لتسهيل حسابات أردوغان الانتخابية.

ووفقا للكاتب، لا يستطيع أردوغان أن يلعب اللعبة في سوريا بمفرده، لكنه يستطيع “إفساد اللعبة”، وسوف يمنع أي صفقة من شأنها أن تضفي الشرعية على قوات سوريا الديمقراطية، لكنه سيتجنب أيضا اتخاذ إجراءات مباشرة ضدها، مما قد يؤدي إلى تدهور علاقاته مع الولايات المتحدة.

المصدر: صحيفة توركيش مينيت

مقالات ذات صلة