شهدت بلدة “عين الشرقية” في مدينة جبلة، أمس الأربعاء، تصفية جماعية لثلاثة فلاحين، أب وابنه وابن شقيقته، حين كانوا يعملون في حقلهم، في جريمة جديدة، هزّت الساحل السوري.
وكشفت مصادر محلية من البلدة، أن الضحايا وهم عمار عز الدين وابنه موسى عز الدين، وابن شقيقته محمد حسام الدين، مدنيون كانوا يعملون في تقليم الزيتون في أرضهم المجاورة لقطعة عسكرية (اللواء 107)، والتي سيطرت عليها “هيئة تحرير الشام” بعد سقوط النظام السوري قبل شهر.
ونقل موقع “إرم نيوز”، عن المصدر، أن أهالي البلدة سمعوا أصوات إطلاق النار، وعندما ذهبوا ليتبينوا حقيقة الأمر، وجدوا جثث الثلاثة وقد تم تشويهها بعد إطلاق النار عليها، بأدوات زراعية حادة “في محاولة لإخفاء أثر الرصاص وإظهار عدم تورط عناصر القطعة العسكرية المجاورة”، لتتصاعد التوترات بعد ذلك، حيث تجمّع أهالي البلدة الغاضبون والبلدات والقرى المجاورة ورفعوا شعارات تطالب بالقصاص من القتلة، متهمين عناصر الهيئة الأجانب من التركستانيين والشيشان بارتكاب الجريمة بدم بارد.
وطالب الأهالي باعتقال المتهمين وإعدامهم في ساحة البلدة، في اختبار لجدية “هيئة تحرير الشام” التي وعدت عبر مبعوثين بإحقاق الحق، دون أن يجري تنفيذ ذلك حتى الآن، وفقا للمصدر، حيث أصر ممثلها على تسمية الأمر باعتباره “حادثا” فيما يصر الأهالي على اعتبارها “مجزرة”.
وشيّع الأهالي، اليوم، جثامين الضحايا، وخلال مراسم التشييع، خرجت مظاهرة حاشدة شارك فيها الآلاف نادت بإسقاط أحمد الشرع وإخراج المقاتلين الأجانب من المنطقة، معبرين عن استيائهم من حالة الفلتان الأمني التي باتت تهدد استقرار المنطقة وأمن سكانها، وردد المشاركون هتافات ضد “إدارة العمليات العسكرية”، بينما طالب بعض الوجهاء بعدم ترديد شعارات مطالبة بإسقاط الشرع مكتفين بالمطالبة بإخراج المقاتلين، بحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان”.
وشهدت البلدة احتقانا كبيرا، حيث طالب المشاركون في المظاهرة بمحاسبة المسؤولين عن الجريمة وتقديم المتورطين إلى العدالة، كما دعوا إلى تعزيز الأمن في المنطقة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث التي تزيد من معاناة الأهالي وتؤجج التوترات.
كما هدد أهالي البلدة بتصعيد الاحتجاجات إذا لم يتم الثأر للضحايا، وطالبوا بإخراج عناصر الهيئة من اللواء المجاور للبلدة، وخاصة الأجانب، وتشكيل لجان شعبية لحماية المنطقة، فيما توعد آخرون بالثأر بأنفسهم “عبر قتل 10 عناصر من الهيئة مقابل كل ضحية من الضحايا الذين سقطوا” إن لم تتحرك إدارة العمليات العسكرية بشكل عاجل لوضع حد لهذه الانتهاكات والتصفيات، ومعاقبة الجناة، بحسب المصدر الأهلي، وفقا لـ “إرم نيوز”.
وفي حادثة أخرى، تزامنت مع مقتل العائلة بريف جبلة، أقدم 3 مسلحين مجهولين على استهداف مواطن بالرصاص المباشر، أثناء عمله في أرض زراعية في قرية موسى الحولة بريف حماة الجنوبي الغربي. ووفقا للمعلومات، فإن المواطن مدني وليس لديه أية صلة بأي جهة عسكرية سابقا.
وسبق هذه الحادثة، أيضا، مقتل ثلاثة وجهاء من محافظة طرطوس الساحلية، لتسارع الهيئة بالإعلان عن أن الثلاثة قتلوا بحادث سيارة وليس باستهداف مقصود، والضحايا هم: رئيس المبادرة الوطنية للمصالحة الشيخ جابر محمود عيسى، والشيخ هيثم معلا، والشيخ محمد وطفة، وكان الضحايا الثلاثة مكلفين بعمل يتعلق بالإفراج عن 9 آلاف عسكري وضابط من النظام السابق المعتقلين في سجون عدرا، وحماة وحارم.
وشكك الأهالي برواية “إدارة العمليات العسكرية”، مؤكدين أنه تم اغتيال المشايخ الثلاثة، لرفضهم شروط الهيئة وطلباتها، لتسود المنطقة حالة اضطراب كبيرة، وتجمع عدد كبير من الأهالي أمام مقر الهيئة، مطالبين بكشف الحقيقة.
ويتهم العديد من الأهالي في المنطقة، “إدارة العمليات العسكرية” و”هيئة تحرير الشام” بشكل خاص بالتواطؤ في الجرائم، فيما ينفي آخرون التهمة عنها، معتبرين أن عمليات ثأر تقف خلف هذه التصفيات.
إلى ذلك، كشفت مصادر أن سلوك عناصر الهيئة يثير الريبة في أكثر من مكان، فيما يتعلق بتعاملها مع الجرائم والتصفيات، حيث أشار مصدر طبي، إلى ضغوط تُمارس على الأطباء الشرعيين في المستشفيات لإخفاء سبب الوفاة، واعتبارها طبيعية بدلَ تسجيلها كجريمة قتل، وهو ما حصل في حالة أحد الضحية الذي وجد مقتولا بالرصاص قبل أيام على طريق عام في ريف اللاذقية، فيما سطرت شهادة الوفاة أن الرجل توفي بجلطة قلبية رغم احتجاج الزوجة التي استهجنت التزوير فيما تخترق رصاصة رقبة الزوج من الخلف. كما أن رواية أهالي الوجهاء الثلاثة تشير إلى عملية اغتيال وإطلاق رصاص، فيما تصر الهيئة على أن الأمر مجرد حادث سير.