لقي 27 شخصاً على الأقل مصرعهم وأصيب حوالى 50 آخرين بجروح في حريق اندلع ليل السبت-الأحد في وحدة للعناية المركزة في مستشفى ببغداد يتعالج فيها مصابون بـ”كوفيد-19″، في حين أعلنت الحكومة الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام.
وقالت مصادر طبية، إن الحريق نجم من انفجار سببه “عدم الالتزام بشروط السلامة المتعلقة بتخزين أسطوانات الأكسجين”، في حين أظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي رجال الإطفاء يحاولون إخماد النيران في مستشفى ابن الخطيب، بينما كان المرضى وأقاربهم يحاولون الفرار من المبنى.
وأوضح مصدر طبي في مستشفى ابن الخطيب أن “30 مريضاً كانوا في وحدة العناية المركزة”، وكان إلى جانبهم عشرات من أقاربهم حين وقعت الكارثة.
وفيما هرعت عدة سيارات إسعاف إلى المستشفى لنقل المصابين، قالت مصادر لوكالة “رويترز” إن المرضى من غير المصابين نقلوا أيضاً إلى خارج المستشفى.
من جهته، أمر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بالتحقيق الفوري، طالباً “استقدام مدير المستشفى ومدير الأمن والمسؤولين عن صيانة الأجهزة، للتحقيق الفوري معهم والتحفظ عليهم إلى حين إكمال التحقيقات ومحاسبة جميع المقصرين قانونياً”.
وبعد اجتماع طارئ مع عدد من الوزراء والقيادات الأمنية والمسؤولين في مقرّ قيادة عمليات بغداد، أمر الكاظمي “بإعلان الحداد على أرواح شهداء الحادث”، معتبراً ما حصل “مسّاً بالأمن القومي العراقي”.
وشدّد الكاظمي على أنّ “الإهمال بمثل هذه الأمور ليس مجرّد خطأ، بل جريمة يجب أن يتحمّل مسؤوليتها جميع المقصّرين”، مطالباً بأن تصدر “نتائج التحقيق في حادثة المستشفى خلال 24 ساعة ومحاسبة المقصّر مهما كان”.
ودعا رئيس الوزراء إلى “تشكيل فريق فنّي من كلّ الوزارات المعنية لضمان تدقيق إجراءات السلامة بجميع المستشفيات والفنادق والأماكن العامة خلال أسبوع واحد وفي كل أنحاء العراق”، مشدّداً على أنّه أصدر “توجيهاً واضحاً: كلّ مدير عليه أن ينزل بنفسه ويدقّق إجراءات السلامة.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن مدير عام الدفاع المدني العراقي قوله، إن الحريق اندلع في الطابق المخصص لوحدة الرعاية الفائقة لمرضى الجهاز التنفسي، وإنه جرى إنقاذ 90 من جملة 120 فرداً في المستشفى.
وأضاف اللواء كاظم بوهان أن الدفاع المدني تمكن من إخماد الحريق.
إهمال وفساد
وهذا الحريق، الناجم بحسب مصادر عدّة عن إهمال غالباً ما يرتبط بالفساد المستشري في العراق، أثار جدلاً حادّاً في البلاد.
وقالت “المفوضية العليا لحقوق الإنسان” إنّ “هذة الحادثة أقلّ ما يقال عنها إنّها جريمة بحقّ المرضى الذين اضطرّتهم شدّة المرض إلى منح الثقة لوزارة الصحة والبيئة ومؤسّساتها على أرواحهم وأجسادهم فكانت النتيجة أن يحترقوا فيها بدل التشافي”.
وطالبت الهيئة الحقوقية الحكومية الكاظمي “بإقالة وزير الصحّة” حسن التميمي “ووكلائه وإحالتهم إلى التحقيق”.
كورونا
ويوم الأربعاء الماضي، تجاوز عدد الذين أصيبوا بـ”كوفيد-19″ في البلاد عتبة المليون، توفي منهم أكثر من 15 ألفاً.
والعراق البالغ عدد سكانه 40 مليون نسمة يعاني منذ عقود من نقص في الأدوية والأطباء والمستشفيات.
وتقول وزارة الصحة العراقية، إنها تجري يومياً حوالى 40 ألف فحص “كوفيد-19″، وهو رقم منخفض للغاية في بلد يزيد عدد سكان كثير من مدنه على مليوني نسمة يعيش كثيرون منهم في أماكن مكتظة وفي اختلاط دائم.
وفي ظلّ النظام الصحّي المريض في البلاد ونقص المعدّات الطبيّة اللازمة في المستشفيات، يفضّل عدد كبير من المصابين بكورونا تركيب أسطوانة أكسجين في منازلهم بدلاً من الذهاب إلى المستشفيات المتداعية.
والعراق الذي أطلق حملة تحصين وطنية لمكافحة جائحة كوفيد-19، تلقّى حتى اليوم ما يقرب من 650 ألف جرعة من اللّقاحات المختلفة، غالبيتها العظمى على شكل هبات أو عبر برنامج “كوفاكس” الدولي الذي يهدف إلى ضمان التوزيع العادل للّقاحات.
ووفقاً لوزارة الصحة العراقية فقد تلقّى ما يقرب من 300 ألف شخص جرعة أولى على الأقلّ من هذه اللّقاحات، علماً بأنّ الوزارة تبذل جهوداً حثيثة لإقناع السكّان المتشكّكين جداً من اللّقاح والذين يرفض قسم كبير منهم وضع الكمامات منذ بداية الجائحة.