هاشتاغ_زياد شعبو
تنحدر أصول كرة القدم كرياضة إلى حضارات قديمة في أواسط آسيا عندما كانت كرة محشوة بقطع قماش وجلود مهترئة، يومها كانت السمة الأساسية لهذه اللعبة استراحة المقاتلين على هوامش المعارك، إلى أن اخذها الإنكليز وصنعوا منها رياضة وصمموا لها القوانين وأنشأوا لها الميادين والمدرجات للمتفرجين فكانت كرة القدم التي نعرفها الان .
كرة القدم الناجحة وليدة المجتمع
إن نجاح كرة القدم في اي بلاد يرتبط مباشرة بعادات وتقاليد شعوبها، فكلما اقتربت اللعبة من المجتمع كلما كانت صادقة مع الجماهير وأكثر نجاحا، وهذا سبب أكثر من مباشر عن جاذبية كرة القدم الإنكليزية عبر العصور، لأنها ومن دون أي قيود تمثل تقاليد وعادات المجتمع الإنكليزي بكل ما فيه من تناقضات بين الريف والمدينة، بين الزراعة والصناعة والتجارة، بين الغني والفقير والمتسول، وكافة أشكال التباين في هذا المجتمع.
هذه التقاليد مازالت تمارس منذ أكثر من مئة عام، فمثلا جولة “الـبوكسينغ داي” التي تلي عطلة يوم الميلاد، حيث تنظم جولة خاصة لكافة الدرجات لتكون جولة احتفالية يستمتع فيها الجمهور خلال عطلة الأعياد وتتفرد الكرة الإنكليزية بهذا التقليد، أو مثلا أقدم مسابقة كروية في العالم المتمثلة بكأس الاتحاد الإنكليزي الذي يشارك فيه 731 نادٍ يمثل كل حي وقرية في بريطانيا، او احياء ذكرى ضحايا الحرب العالمية الأولى والثانية من كل عام عبر تقاليد كروية في كل ملاعب بريطانيا واستخدام الموسيقا والوردة الحمراء “اليوبي” بطقوس مستمرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، او حتى التفرد في ما بات يعرف بأغلى مباراة في تاريخ كرة القدم المتمثلة ببطل التشامبيون شيب الذي يحصل على قرابة 160 ميلون باوند ( أكثر من 200 مليون دولار امريكي).
أقرأ المزيد: الانتماء وصناعة الفرح
كرة القدم هناك عبارة عن هرم يتشكل من 140دوري مقسمة الى 480 درجة مع ثمانية دوريات احترافية تبدأ في المستوى الثامن بالدوري الممتاز الشمالي وتنتهي عند رأس الهرم بالدوري الإنكليزي الممتاز، بمعايير احترافية يستطيع أي نادٍ أن يتدرج من أسفل الهرم صعودا نحو القمة بما لا يشبه اي نظام كروي في العالم .
الجاذبية محصلة العادات والتقاليد التي كانت السياق الأصيل للمجتمع في بريطانيا بينما كان السياق في غير بلدان تقليد فارغ ونتائج تتلاشى دون اثر..
إن كل ما نشاهده من ملاعب و أموال و أعلام للكرة الإنكليزية ما هو إلا نتيجة حتمية لتلك الجاذبية والأصالة المتولدة من تماهي كرة القدم مع حياة وتفاصيل وعادات وتقاليد المجتمع الإنكليزي لتكون كرة القدم هي التمثيل الأقرب للمجتمع.
كرة القدم المثالية
إن أي عنصر من عناصر كرة القدم الإنكليزية لايمكن مقارنته بنفس العناصر لذات اللعبة في أي بلد آخر، بدءا بأساليب التحكيم وشخصية الحكام وأساليب اللعب المتنوعة و الرتم السريع، وصولا لشكل الملاعب وتموضع الجمهور الذي يظهر واضحا مع كل كرة وكأنه لاعب داخل الملعب، ويكفي أن يهمس للاعبه أو للاعب الخصم حتى يشعر أنه شارك بالتسديد أو التمرير أو إفشال الهجمة.
فمعجزة ليستر سيتي الذي حقق لقب البريميرليغ للمرة الأولى في تاريخه في موسم 2015/2016 بعد موسم واحد فقط من صعوده من مستوى التشامبيون شيب كانت بمثابة مسرحية من مسرحيات شكسبير شاهدها العالم أجمع واقفا حتى لحظة التتويج التاريخي.
وأيضا قصة صعود نادي لوتن تاون للدوري الممتاز الذي صبر لأكثر من 138 عاما حتى ظهر في البريميرليغ ليمثل قرية حضرية لا يتجاوز عدد سكانها ربع مليون نسمة وبملعب متواضع لايتسع لأكثر من عشرة آلاف متفرج .
قصص كثيرة مليئة بالدراما تحكيها كرة القدم في إنكلترا نستمتع فيها في كل موسم كونها كرة قدم مثالية لا تشوبها شائبة. ويكفي أن تشاهد مباراة واحدة من أي جولة ولأي فريق ليكتمل إحساسك بالمتعة والإثارة والتشويق.