Site icon هاشتاغ

حالة انتحار!

هاشتاغ – رأي عصام داري

أعترف أنني استعرت العنوان من فيلم (حالة حصار) الذي جسد عملية اختطاف وإعدام رئيس الوزراء الايطالي الدو مورو من قبل منظمة الألوية الحمراء الإرهابية في عام 1978،مع تغيير كلمة حصار بـ انتحار..

وإذا كنت أستعير العنوان فقط لكنني أستعير الحالة بشكل عام،فأنا أشعر أنني في حالة حصار أوصلتني إلى حالة انتحار.
فبعد الاتكال على الله قررت الانتحار،ليس بسبب تعبي وأنا أقف في طوابير الخبز والبنزين والمازوت والكاز والغاز وغير ذلك لا سمح الله، بل لمعرفة ما يحدث بعد الموت،فالفضول يكاد يقتلني!.

المهم بعد قراري بالانتحار صادفتني عدة عقبات ومصاعب جعلت فكرة الانتحار شبه مستحيلة،وإليكم بعض تلك العقبات والصعوبات:
سألت شيخاً جليلاً أن يعطيني فتوى تمكنني من الانتحار وضميري مرتاح،لكنه بعد أن بسمل وتحوقل وتعوذ قال لي:يا بني أن تنتحر فهذا يعني أنك ستموت كافراً وتذهب بقطار الشرق السريع إلى جهنم وبئس المصير!.

وواجهتني عقبة أخرى وهي ثمن القبر في الجبانة أو التربة،فمتوسط ثمن القبر،وهو آخر بيت للإنسان في هذه الدنيا الفانية نحو عشرة ملايين ليرة سورية عداً ونقداً،(يا خرابي)..أنا لو كنت أملك هذا المبلغ لما فكرت في الانتحار، وكنت سأؤجل موتي لسنتين على أقل تقدير على أساس أن أصرف في الشهر ما يقرب من 400ألف ليرة تكفيني لحياة معقولة من دون شراء ملابس وكماليات.

وعندما فكرت أن أدفن على طريقة بعض الأصدقاء الهنود،أي حرق جثتي ونثره رمادي في نهر بردى عند جسر فيكتوريا،اكتشفت أن حرق الجثة يكلف السيد الميت وذويه أكثر من ثمن القبر في الدحداح أو باب الضغير،فعملية حرق الجثة تتم بخشب الصندل ذي الرائحة العطرية الجميلة والأخاذة،وهذا النوع من الشجر غير موجود عندنا،واستيراده من الهند سيكلفني(بقرة جحا)كما يقولون.

وإذا قررت أن أدفن جثتي المحترمة في قمة جبل بعيد فمن هو البطل الذي سيحمل جثتي إلى قمة الجبل،فهو يحتاج إلى طائرة هيلوكوبتير(مروحية) وهنا واجهتني مشكلة، فالمروحية موجودة والحمد لله لكن المشكلة أن البنزين غير متوفر وستقف المروحية على دور البنزين طويلاً وهذا قد يؤدي إلى تعفن وتحلل الجثة!.

ولم أجد أي وسيلة للتخلص من جثتي لا في البر ولا في البحر،ولا في الصحراء والوادي والجبال،وحتى التبرع بالجثة للمستشفيات لم تنجح لأن الأطباء رأوا أن أعضائي تضر ولا تنفع،فعيناي خرجتا على الخدمة وصرت أرى بنسبة 1 من عشرة كما أخبرني طبيبي،وقلبي أنهكته الأيام والأعوام،وكبدي تآكل بفعل طريقة حياتي المستهترة،بل رأى هؤلاء الأطباء أن دماغي قد تجلب المصائب على أي شخص قد يزرع في جمجمته،ففي هذا الدماغ أفكار هدامة ومرفوضة من مجتمعنا.. مجتمع المدينة الفاضلة.

عند هذا الحد توقفت وتذكرت المثل الشامي العتيق القائل:”الموت دح..مو لمين ماكان بيصح” والترجمة :أن الموت شيء ثمين وليس كل شخص قادر على الحصول عليه…أعترف أن المثل صحيح مئة بالمئة،وعليه أوقع، بانتظار وسائل جديدة أكثر تطوراً لتنفيذ الانتحار!.

Exit mobile version