مبكراً بدأت السعودية التحضير لموسم الحج هذا العام، وسط تزايد أعداد الإصابات بكورونا، فيها، وبكل دول العالم، من خلال خطط صحية واقتصادية تم وضعها في محاولة لتقليل الآثار التي طالت الإيرادات السنوية للموسم، والتي تقدر بنحو 8 مليارات دولار.
وبعدها بيوم واحد، أصدر العاهل سلمان بن عبد العزيز، أوامر قضت بإعفاء عدد من المسؤولين من مناصبهم، أبرزهم وزير الحج والعمرة، بحسب وكالة الأنباء السعودية.
وذكرت الوكالة، في تغريدة إنه تم تكليف وزير الدولة، عصام بن سعد بن سعيد، بعمل وزير الحج والعمرة.
ويعد كل من الحج والعمرة مصدر دخل رئيسي للحكومة السعودية، كانا يدران مليارات الدولارات سنويا قبل الجائحة.
ولم تذكر الوكالة سببا للقرار، وكان بنتن يتولى منصبه منذ 2016.
وقلصت المملكة بشكل حاد أعداد الحجاج العام الماضي لمنع انتشار فيروس كورونا بعد منع المسلمين في الخارج من أداء الشعيرة لأول مرة في العصر الحديث.
وتضررت الشركات العاملة في القطاع بشدة من الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الحكومة.
وقبل الوباء كان هناك ما يزيد على 1300 فندق ومئات المتاجر تعمل على مدار الساعة لتلبية احتياجات الحجاج.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، دبرت شركة جبل عمر للتطوير، إحدى أكبر شركات التطوير العقاري السعودية المدرجة في البورصة، تسهيلات من البنك السعودي الفرنسي بقيمة 1.6 مليار ريال (427 مليون دولار) تضمنها وزارة المالية، وذلك بعد أن تضررت بشدة من إجراءات الإغلاق في مكة.
ووافق العاهل السعودي في وقت سابق، الأسبوع الماضي، على عدد من المبادرات التي تهدف إلى تخفيف التداعيات المالية الناجمة عن الجائحة على الشركات والأفراد في القطاع.
وشملت الأوامر الملكية أيضا إعفاء رئيس الهيئة العامة للطيران المدني، عبد الهادي المنصوري، من منصبه وتعيينه مساعدا لوزير الخارجية للشؤون التنفيذية بمرتبة وزير.
وجرى تعيين عبد العزيز الدعيلج، رئيسا للهيئة العامة للطيران المدني بمرتبة وزير.
العودة إلى الاستعدادات!
وتمثلت أولى الاستعدادات التي قامت بها السعودية، لموسم الحج والعمرة، عبر وضع اشتراطات حصول الحاج على لقاح فيروس كورونا لأداء فريضة الحج، والإعداد المبكر لتأمين القوى العاملة المطلوبة لتشغيل المرافق الصحية في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة، ومنافذ دخول الحجاج لموسم الحج.
ولم يوضح القرار السعودي عدد الحجاج الذين ستستقبلهم المملكة هذا العام، وهل سيكون العدد محدوداً من الداخل مثل 2020، أم سيشهد مشاركة أوسع من خارج المملكة.
وتسهم السياحة الدينية بنحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للمملكة، وتسهم في تشغيل الآلاف من الأيدي العاملة، والفنادق، ووسائل النقل.
وعلى الصعيد الاقتصادي وافق سلمان بن عبد العزيز آل سعود، على عدد من المبادرات التي تهدف إلى مساعدة الأفراد والمؤسسات العاملين في قطاع الحج والعمرة.
وبحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية “واس”، الثلاثاء 9 اذار/مارس، فإن “المبادرات تهدف إلى التخفيف من الآثار المالية والاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا على القطاع الذي يقدم الدعم للحج والعمرة”.
وتشمل المبادرات “إعفاء مرافق الإيواء من الرسوم السنوية لرخص الأنشطة التجارية البلدية لمدة سنة في مدينتي مكة والمدينة”.
وسيتم أيضاً إعفاء منشآت قطاع الحج والعمرة من المقابل المالي على الوافدين العاملين لمدة ستة أشهر، كما يمكن تجديد تراخيص وزارة السياحة دون مقابل لمرافق الإيواء بمدينتي مكة والمدينة لمدة سنة قابلة للتمديد.
ومن ضمن الدعم المقدم سيتم كذلك تأجيل تحصيل رسوم تجديد الإقامات للوافدين العاملين في الأنشطة المرتبطة بقطاع الحج والعمرة لمدة ستة أشهر، على أن يتم تقسيط المبالغ على مدة سنة.
وستبقى رخص الحافلات العاملة في منشآت نقل الحجاج سارية دون مقابل لمدة سنة، وسيتم تأجيل تحصيل الرسوم الجمركية للحافلات الجديدة لموسم الحج القادم لمدة ثلاثة أشهر، مع إمكانية تقسيطها على مدى أربعة أشهر بدءاً من تاريخ الاستحقاق.
مبادرات إيجابية
وأكد رجال أعمال ومستثمرون سعوديون، أن مبادرة الملك ستسهم في التخفيف من الآثار المالية والاقتصادية من تداعيات جائحة كورونا التي ضربات قطاع الحج والعمرة.
وتوقع الاقتصادي محمد أبو الجدائل أن تسهم القرارات في إنقاذ قطاع الحج والعمرة من خسائر كبيرة تقدر بالمليارات.
وفي تصريحات نقلتها صحيفة “المدينة” المحلية قال أبو الجدائل: “جاء التدخل في التوقيت المناسب لتقدم يد العون لواحد من أهم القطاعات التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطن”.
وكان المستثمرون في قطاع الحج، حسب أبو الجدائل، أكثر المتضررين من أثار الجائحة العالمية، حيث إن المدينتين المقدستين تعتمدان بشكل كبير في إيراداتهما على قطاع الحج والعمرة الذي توقف بشكل كامل في الفترة الماضية، وسط تطلعات وآمال بأن تشهد الفترة المقبلة تعافياً نسبياً يسهم في تعويض الفترة السابقة.
وتعد الفنادق وشركات السياحة والنقل والإعاشة، حسب أبو الجدائل، من صلب القطاعات المتضررة، والتي كانت تحتاج بالفعل للدعم والمساندة في هذه المرحلة المهمة.
بدوره أكد نائب رئيس مجلس الغرف السعودية، رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة، هشام محمد كعكي، أن القطاع الخاص العامل في مجالات الحج والعمرة تضرر بسبب كورونا، ولكن مبادرة الملك سيكون لها أثر إيجابي مباشر على هذه القطاعات.
وفي تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية، اعتبر كعكي، أن حزم القرارات ستدعم النمو والاستقرار الاقتصادي والمالي، وترفع مستوى أداء هذا القطاع الحيوي لتعزيز معدلات النمو والتنمية.
وشهد 2020 موسماً استثنائياً للحج، ومراعاة لجائحة “كورونا”؛ إذ اقتصر عدد الحجاج آنذاك على نحو 10 آلاف من داخل السعودية فحسب، مقارنة بنحو 2.5 مليون حاج في 2019، من كل أرجاء العالم.