هاشتاغ سوريا – إيفين دوبا
“آخر زيارة لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى دمشق، كانت قبل ثماني سنوات، وقتها خرجت دمشق بأكملها لاستقباله.. اليوم، هل تعيد موسكو الثقة والمحبة والبسمة للشعب السوري الذي فقد بعض الأمل بالسياسات الروسية في سورية خلال الأشهر الماضية؟”.. بهذه الكلمات استقبل “كمال جفا”، على صفحته الشخصية على موقع “فيسبوك”، زيارة وزير الخارجية الروسي، ونائب الرئيس، إلى سورية.
هذا المنشور وغيره من المنشورات التي تناولت موضوع الزيارة ومناسبتها وتوقيتها، لاقت تفاعلاً كبيراً من النشطاء، خاصة وأنها تتكرر للمرة الأولى منذ ثماني سنوات. في زيارته الأولى 2012 استقبل لافروف من السوريين في الشوارع بحفاوة تليق بـ”حليف استراتيجي” لبلد لم يمض آنذاك على الحرب الإرهابية فيه سوى عام ونصف العام. واليوم يعود لافروف إلى دمشق وقد دخل من تبقى من “مستقبليه” عامهم العاشر لحرب إرهابية واقتصادية.. فما الجديد.. وما الذي تغير؟
“هاشتاغ سورية”، رصد عدداً من التعليقات التي انصبت غالبيتها في سياق “العتب على روسيا والآمال الاقتصادية العريضة” بعد محن سياسية ومعيشية، زادت بعد “تراجع” دعم الحليف الروسي لدمشق رغم ازدياد الضغوط الدولية عليها من كل النواحي، بالإضافة إلى الضغط العسكري في الشمال، بوجود قواعد غير شرعية تركية وأمريكية، وأطراف سورية تتبع لكلا الاحتلالين، تتلاعب بمصير سكان تلك المناطق الواقعة تحت سيطرتها، ودون أن “نجد أي تدخل مباشر من روسيا في هذا الموضوع.. باستثناء ما ظهر أخيراً على الإعلام من تدخل روسي وضغط مع الأمم المتحدة على الاحتلال التركي لإعادة المياه إلى الحسكة” هكذا يلخص “أبو محمود رشتو” ما وصفه بـ “عتب بكل محبة” في منشور على صفحته في فيسبوك.
وبعضهم الآخر، انتقد من ينتقد الجانب الروسي، وهو الذي “ساندنا منذ اليوم الأول للحرب الإرهابية، على الأرض وفي المحافل الدولية” تقول “رانيا سلمان” في تعليق على صفحة إحدى الصحف المحلية الذي تناول خبر الزيارة ولاقى تفاعل كبير باتجاه انتقاد السياسة التي تنتهجها روسيا في الفترة الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بموضوع الشمال السوري، وما نتج عنه من تحالفات مع تركيا، ومن هؤلاء المنتقدين”جمال أحمد” الذي كتب في تعليق: “يلي حارق قلب أهل الشمال، أين روسيا من كل ما يجري هناك..؟”
قسم آخر من النشطاء اكتفى بالترحيب بالوفد الروسي ومنهم “خالد غشيم” كتب في منشور قبيل وصول لافروف ” تحيا الصداقة السورية الروسية”.. وكتبت أناهيد سعد “لافروف صديق دمشق يعود إليها.. نأمل أن تثمر زيارته عن حلول لما نعانيه من حصار اقتصادي.. كما عهدناهم أصدقاء وحلفاء للحرب على الإرهاب والمسلحين..”
في الوقت نفسه، تحول خبر الزيارة إلى فرصة للتندر – تلك عادة السوريين ولم يشتروها- فتداولوا عدداً من النكات والتعليقات خفيفة الظل، خاصةً فيما يتعلق بموضوع أزمة كورونا، والحديث عن اللقاح الروسي، الذي جربه بوتين على ابنته، فكتبت “مايا وحيد عباس”: “أكيد اللقاح هدية للشعب السوري بعد هالغياب..”، وكتب “حسين غصن” تعليقاً على منشور صفحة رئاسة الجمهورية العربية السورية على موقع الفيسبوك حول قرب وصول الوفد الروسي: “انشالله يكونوا أحضروا اللقاح معهم”. واستغرب البعض من عدم ارتداء وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الكمامة، وقال محمد غانم:” يبدو وزير الخارجية أخذ اللقاح وأتى إلينا”، وأردف “حازم رحال” بالقول:” هل نسيتم لقاح كورونا؟ الروس خلاص صاروا بعد كورونا”.
وفي منشور كتب الصحفي السوري “صدام حسين”: “يبدو أن الروسي سوف يتحدث بلا كمامات هذه المرة… شكله جايب معو لقاح الكورونا.. ما هو الجديد الذي يحمله عميد الدبلوماسية الروسية؟”
وكان لافتاً من تعليقات النشطاء، الربط بين توقيت زيارة الوفد الروسي في ظل ما تشهده البلاد من حرائق اندلعت في مناطق عدة بوقت واحد، وأفقدت سورية غابات ومحميات وآلاف الهكتارات، وأرهقت فرق الإطفاء بإمكانياتها المحدودة كنتيجة طبيعية ومنطقية لكل ما تعرضت له خلال سنوات الحرب، وتكرر الحرائق في موعد موسمي، وبالتالي استنزاف طاقة كوادر الإطفاء وآلياتها بشكل كبير.
وحول هذه النقطة تحديداً، ونظراً لما حملته من جانب عاطفي لدى جميع السوريين تقريباً، تساءل عدد من النشطاء عن دور الحليف الروسي – والصديق في منشورات أخرى – في التعامل مع هذه الحرائق، ولماذا لم تقدم للفرق السورية المساعدة لإخمادها. فكتب الصحفي “علي مخلوف” في منشور “قال روسيا بعتت طائرات لإخماد حرائق بالكيان الإسرائيلي، وبعض الناس اعتبرتها مؤلمة.. الدولة بمن فيها هي التي تعمل قيمة لنفسها من عدمه، القوة أساس كل شيء.. الاعتماد على الذات هو الحل، ولتحقيق هذا المبدأ يجب تفعيل مبدأ المحاسبة ..”.
في السياق نفسه قالت “بهاء مريش ماشتا”:” هل هناك تفسير عدم مشاركة الحوامات الروسية في إخماد حرائق الغابات والحراج، مع ملاحظة أنهم قاموا بالمشاركة بالعمل نفسه في تركيا في وقت سابق، وأثناء حرائق مشابهة..؟”
وتساءلت “خالدة جبري”: “.. شكراً لمساعدة الروس لسورية عسكرياً ضد الإرهابيين، لكنهم استفادوا بالمقابل بدخولهم للبحر المتوسط والمياه الدافئة، أما تركيا فما وضعها بالنسبة لهم اليوم؟ والآن عدم مساعدتهم بإطفاء حرائق جبالنا وهم على بعد خطوات من الحرائق، ما سبب ذلك يا ترى؟”.
وتعقيباً على ما نشرته “القدس العربي” لاحقاً لوصول الوفد إلى دمشق لإجراء محادثات ذات طابع سياسي واقتصادي، وجاء في مقال الصحيفة “ترفض موسكو العقوبات أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري، وتعمل مع شركائها الدوليين على إلغائها أو التخفيف منها من خلال مساعدات واتفاقيات توقعها مع الجانب السوري”، وعلى هذه الجزئية علق من أسمى نفسه “الغائبون الحاضرون”: “من كتر الدعم لاعنا غاز ولا بنزين ولا كهربا …والله تعبنا من البروتوكولات وبدنا حل”.
و فور الانتهاء من المؤتمر الصحفي الذي جمع كلاً من وزيري الخارجية السوري والروسي ونائب رئيس مجلس الوزراء الروسي، وتداول وسائل الإعلام وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي لأبرز ما جاء في المؤتمر، كان لافتاً تركيز معظم النشطاء على “مشروع الاتفاقية الجديدة بين الجانبين والتي تضم أكثر من 40 مشروعاً جديداً في مجال إعادة إعمار قطاع الطاقة وعدد من محطات الطاقة الكهرومائية، واستخراج النفط من البحر”، لتنهال بعدها التعليقات والمنشورات المتفائلة، التي سارعت إلى تعليق آمال كبيرة على تغيير ما سيحمله قادم الأيام بعد الزيارة. فكتب “أيمن محسن”: “هم يبحثون عن مصالحهم، وقيادتنا تدافع عن مصلحتنا، ونحن نثق بقيادتنا”.. وعلق “مهند مهند” بالقول: “الأصدقاء الروس، صح ساعدونا عسكرياً لكن من الناحية الاقتصادية الأمر مهم جداً..” وفي منشور منفصل كتب “عز الدين محمد”: “لعل وعسى تفرج بعد هالزيارة..”
الواضح، أنه وبعد كل ما مر على السوريين من مآس وكوارث وأزمات، لا بد من جرعة إيجابية في حلول اقتصادية تنهض بالبلاد بعد العقوبات الغربية التي أرهقتها ضعفاً عن الفساد والإهمال. أضف إلى ذلك ما حدث ويحدث من حرائق وأوبئة وأعمال إرهابية واحتلالين أمريكي وتركي وميليشيات…. وكل ذلك تزامن مع عودة لافروف إلى دمشق ليفتح باباً ولو موارباً للأمل.. باب فرج اسمه”إعادة الإعمار”.
وهو ما أشارت إليه “رشا السورية” في منشور: “بالتوفيق في الاتفاقيات مع الحليف الروسي..”