هاشتاغ_ إيفين دوبا
للأسبوع الثالث على التوالي، يستمر الحصار الذي فرضته “قسد” على أهالي الحسكة، وعلى الأحياء السكنية التابعة لها، عبر منع إدخال المواد الغذائية، والمحروقات، والطحين، وتعطيل حركة النقل، بالإضافة إلى حرمان الطلاب من الوصول إلى مدارسهم.
الأهالي، الذين نفذوا وقفات احتجاجية تنديداً بانتهاكات “قسد”، لم يسلموا من الرصاص الحي، الذي أصاب بعضهم خلال احتجاجهم؛ حيث أطلق عناصر “قسد” النار على المشاركين في الاحتجاجات ضد ممارساتهم في مدينة الحسكة لتفريقهم، كما انتشر العشرات من عناصر التنظيم في الشوارع والأحياء في نقاط التماس لمنع المدنيين من الوصول إلى مركز مدينة الحسكة، والمشاركة في الاحتجاج الشعبي.
وتتعمد “قسد” “التضييق على الأهالي، وارتكاب الانتهاكات بحقهم من خلال الاستيلاء على الأبنية والمقرات الخدمية التي تمس خدماتها حياة المواطن اليومية تنفيذاً “لمخططات مشبوهة بالتنسيق مع الاحتلال الأمريكي”، حسب ما جاء في “سانا”.
وكانت القوات التركية والمجموعات المسلحة الموالية لها، قطعت منذ 16 كانون الثاني/ يناير، مياه الشرب عن مدينة الحسكة وريفها الغربي، عبر منع تشغيل محطة مياه علوك، بريف مدينة رأس العين السورية، لضخ المياه على أحياء المدينة.
مطالب خارجة عن القانون!
عضو لجنة المصالحة، عمر رحمون، قال في تصريح خاص لـ”هاشتاغ سورية”، إن “قسد” قامت بتطويق وحصار المربعات الأمنية في الحسكة، والقامشلي، والأحياء التابعة للدولة السورية في مدينتي الحسكة والقامشلي.
وتأتي هذه التطورات منذ سبعة عشر يوماً، لقاء طلبات تريدها “قسد” من الدولة السورية، وحسب تصريحات محافظ الحسكة، غسان خليل، فإن “قسد” عبر حصار أحياء مدنيّة في الحسكة، تستهدف”نيل مكاسب في مناطق أخرى”، معتبراً أن “هدف هذا الحصار هو الحصول على مكاسب في مناطق أخرى أو في محافظات أخرى على رأسها حلب”.
ووصف خليل هذه المطالب بأنها ” خارجة عن القانون، مثل تأمين طرق لوصول المشتقات النفطية وغيرها إلى حلب، بحجة أن هناك سكان محاصرين في مناطق الشيخ مقصود، وتل رفعت، وهذا غير صحيح، والغاية منه وصول المشتقات النفطية إلى ريفي حلب وإدلب، كي تباع لمن يقاتل ضد الدولة”.
في حين، ردت الدولة السورية، حسب قول رحمون، بأنها “لن تستجيب لهذه الضغوطات التعجيزية التي تطالب بها “قسد” ما أدى إلى استمرار الحصار، وتطوره”.
وأضاف رحمون، إن “بعض الأبواق تقول إن أمريكا طالبت “قسد” بالخروج من المربعات الأمنية في الحسكة والقامشلي، وهذا الكلام عارٍ عن الصحة”، مؤكداً، أن “الدولة السورية باقية في الجزيرة السورية، ولن تخرج من شرقي الفرات مهما كلف الأمر”.
هذا، وبدأت أزمة إنسانية جديدة تطل داخل مدينة الحسكة، والمربع الأمني في مدينة القامشلي، وسط مساعي روسية كوساطة لإنهاء الحصار الذي يشمل منع دخول السيارات العامة والخاصة ووسائط النقل، ومنع دخول المواد التموينية والغذائية والمحروقات، كما يُجبَر كبار السن والمرضى والأطفال والنساء على السير على الأقدام لمسافات طويلة تصل إلى أكثر من 10 كم، للوصول إلى مركز مدينة الحسكة.
وكانت وسائل إعلامية عدة، تحدثت عن تعزيزات روسية وصلت إلى المكان، ولم تنقطع على طرفي الطريق الدولي “m4” في شمال شرق سورية، التعزيزات التي تدفع بها موسكو إلى المنطقة، في “مشهدٍ استباقي لما سيكون عليه الحال مع وصول الإدارة الأمريكية الجديدة إلى البيت الأبيض، وما رافقها من تغيير جذري للشخصيات التي من المفترض أن تقود ملفات الشرق الأوسط، من بينها الملف السوري”.
ونقلت الوسائل، بأن المحطة الأولى للتعزيزات التي يعلن عنها بين اليوم والآخر هي مطار مدينة القامشلي، ومن ثم تتجه هذه التعزيزات إلى مواقع متفرقة، بدءاً من بلدة تل تمر بريف الحسكة، ووصولاً إلى بلدة عين عيسى في ريف الرقة، والتي كانت قد شهدت تصعيداً تركياً في الأسابيع الماضية.
كما وصلت صباح الجمعة، طائرة شحن عسكرية روسية إلى قاعدة القامشلي، تحمل عتاداً ومعدات لوجستية، بالإضافة إلى أفراد من الشرطة الروسية انتقلوا بعرباتهم فوراً إلى قاعدتين، الأولى في تل تمر، والثانية عين عيسى، وسبق هذه التعزيزات الحالية إرسال 4 حشود متفرقة، حطّت في القامشلي ومحيط الطريق الدولي “m4” في فترات متقاربة، منذ بداية العام الحالي، أكبرها كان الأسبوع الماضي، حيث وصل أكثر من 300 عنصر من “الشرطة الروسية”، وانتشروا فيما بعد في محيط تل تمر وعين عيسى، حسب ما نقلت وكالة الأنباء الروسية “تاس”.
هذه التعزيزات، أكد وصولها رحمون، بالقول “إن تعزيزات عدة وصلت إلى المكان، كما وصلت إلى القامشلي القوات الرديفة، وقوات الأصدقاء، عبر دفعات كبيرة من الحشود والتعزيزات، مشيراً إلى بدء مفاوضات هناك، لكن “قسد تحاول أن تفرض ما تريده عبر الحصار الذي تحكمه على الأحياء، وتمنع وصول كل شيء إلى الأهالي هناك”.
ويقول الروس، إن تعزيزاتهم العسكرية التي وصلت إلى مناطق شمال وشرق سورية، تصب في عمليات “إعادة الاستقرار”، وخاصة بعد التصعيد الأخير بين تركيا والقوات الكردية في محيط عين عيسى، والذي كاد أن يصل إلى حد المواجهة العسكرية.
وحسب قول قائد وحدة الشرطة العسكرية الروسية، جورجي روداكوف، في تصريحات إعلامية، فإن الكتائب التي تصل إلى شرق سورية ستعزز نقاط المراقبة الروسية في المناطق التي تسيطر عليها “قسد”.
في حين، يقول رحمون:”في تقديري لن يستمر الحصار طويلاً، وسيتم حله بعد أيام لتعود الأمور إلى مجاريها، ولن تحصل مواجهة”، و مع العلم، أنه في هذا الوقت “هناك تحضير تركي لاحتلال ناحية المالكية الواقعة في ريف الحسكة الشمالي الشرقي، كما تحضر أنقرة لاحتلال عين عيسى”.
وتشير معلومات إلى أن تركيا تجهز قواتها لاقتحام إحدى ثلاث مناطق، وهي إما مدينة سنجار على الحدود العراقية والتي تحد الحسكة ودير الزور من جهة الشرق، أو ناحية المالكية في ريف الحسكة الشمالي الشرقي، أو عين عيسى في ريف الرقة الشمالي”.
هذه المدن الثلاثة التي تحضر لاجتياحها تركيا، ربما تبدأ خطوتها الأولى من المالكية، كما يقول رحمون، مع العلم أن “كل المناطق التي تخطط لاقتحامها تعد استراتيجية، والعين التركية عليها منذ زمن”.
ويضيف رحمون:” هناك تطورات كثيرة ستحصل خلال الأيام القليلة القادمة، إما أن تبدأ “قسد” بفك الحصار والتحالف مع الدولة السورية، للوقوف في وجه الاحتلال التركي، ومنعه من احتلال مناطق أخرى إضافية، أو تترك المناطق التي وقعت روسيا معها لكي تخرج منها وهي منطقة عين عيسى”.
وختم رحمون:” لن تخرج الدولة السورية من الجزيرة، حتى تشرق الشمس من مغربها”.