السبت, ديسمبر 21, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارحقل "الدرة".. كيف يمكن حل "قضية الـ 60 عاما" بين إيران والكويت؟

حقل “الدرة”.. كيف يمكن حل “قضية الـ 60 عاما” بين إيران والكويت؟

تعود قضية حقل “الدرة” الغني بالغاز والنفط في الخليج إلى الظهور مجددا، بعد تأكيد السعودية والكويت على ملكيتهما المشتركة للثروات الطبيعية في الحقل المتنازع عليه مع إيران.

وخلال اجتماع لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض يوم 3 آذار/مارس الجاري، أكد المجلس الوزاري الخليجي في بيان، إن حقل “الدرة” يقع بأكمله في المناطق البحرية لدولة الكويت، وأن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة السعودية – الكويتية، بما فيها حقل الدرة بكامله، هي ملكية مشتركة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت فقط، ولهما وحدهما كامل الحقوق لاستغلال الثروات الطبيعية في تلك المنطقة، وفقا لأحكام القانون الدولي واستنادا إلى الاتفاقيات المبرمة والنافذة بينهما.

وأكد على رفضه القاطع لأي ادعاءات بوجود حقوق لأي طرف آخر في هذا الحقل أو المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بحدودها المعينة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت.

الخارجية الإيرانية، قالت إن البيان الخليجي المشترك “غير بناء”، واتخذت طهران موقفا تصعيديا في نبرة تصريحاتها، الجمعة، بعد تعليقات لمساعد الرئيس الإيراني للشؤون القانونية.

وقال مساعد الرئيس الإيراني للشؤون القانونية محمد دهقان في تصريحاته التي أوردتها وسائل إعلام محلية إنه إذا بدأت الكويت باستخراج الثروات من الحقل المتنازع عليه، فإن إيران ستقوم بخطوات مماثلة أيضا.

ويشار إلى أن النزاع بشأن حقل الغاز الطبيعي البحري، الذي تقدّر احتياطياته بنحو 220 مليار متر مكعب، والمعروف باسم “آرش” في إيران، و”الدرة” في السعودية والكويت يعود إلى عقود مضت.

وأجرت إيران والكويت طوال سنوات محادثات بشأن حدودهما البحرية الغنية بالغاز، لكنها باءت كلها بالفشل.

والسعودية جزء من النزاع، نظرا إلى أنها تتشارك مع الكويت في المنطقة موارد غازية ونفطية بحرية.

تاريخ الأزمة

يقول تقرير لمعهد الشرق الأوسط في واشنطن إنه تم اكتشاف حقل “الدرة” في منتصف الستينيات في وقت لم تكن الحدود البحرية معروفة بشكل جيد، ولم يكن الغاز يعتبر من الأصول الاستراتيجية المهمة التي تسعى الدول للحصول عليها.

وفي ذلك الوقت، منحت الكويت وإيران امتيازات بحرية متداخلة بسبب هذه الحدود البحرية غير المرسومة.

فقد منحت إيران امتيازا بحريا للشركة النفطية الإنكليزية الإيرانية التي أصبحت لاحقا “بي بي”، فيما منحت الكويت الامتياز إلى “رويال داتش شل”.

ويتداخل الامتيازان في القسم الشمالي من الحقل المليء بالاحتياطات من الغاز، وفقا لموقع “فويس أوف أميركا”.

وبينما أنشأت الكويت والسعودية ما يعرف باسم “المنطقة المحايدة المقسومة”، في منطقة الحدود البرية والبحرية والتي تضم حقولا نفطية هامة، من أبرزها الخفجي والوفرة، وتم توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتقسيم المنطقة المحايدة وتقسيم المنطقة المغمورة المحاذية لها.

ويقع حقل “الدرة” في الجزء البحري من المنطقة المحايدة شمالا، لكنه، في تفسير طهران، يمتد أيضا إلى مياهها.

ولم يتم الاتفاق حتى الآن على الحدود الشرقية للمنطقة التي تحدد حقل “الدرة”، وهو ما تسعى الأطراف المعنية إلى إنجازه منذ عقود.

ودفع تنقيب إيران في الحقل، في عام 2001، الكويت والسعودية إلى إبرام اتفاق لتطوير الحقل على الرغم من اعتراض طهران التي وصفت الصفقة بأنها “غير شرعية”.

وعلى مدار السنوات الماضية، أجرت إيران والكويت مباحثات لتسوية النزاع حول منطقة الجرف القاري على الحدود البحرية بين البلدين، إلا أنها لم تؤد إلى نتيجة.

وفي آذار/مارس عام 2022، طالبت إيران بـ “حقها” في الاستثمار بحقل “الدرة”، بعد أيام من توقيع السعودية والكويت وثيقة لتطوير الحقل، في خطوة جاءت بهدف تنفيذ مذكرة تفاهم كان قد وقعاها، في كانون الأول/ديسمبر عام 2019، وتضمنت “العمل المشترك على تطوير واستغلال حقل الدرة”.

وبعد أيام من المصالحة التاريخية بين إيران والسعودية في بكين، في آذار/مارس الماضي، أجرت الكويت وإيران محادثات بشأن حدودهما البحرية في منتصف الشهر ذاته.

وذكرت مجلة إيكونومست أن العلاقات المحسّنة بين إيران من جانب، والكويت والسعودية من جانب، يمكن أن تعيد إحياء جهود إجراء محادثات مشتركة حول القضايا الحدودية.

وأوضحت أن حل قضية ترسيم الحدود البحرية التي طال أمدها قد يؤدي إلى إزالة التوترات المحيطة بخطط المملكة والكويت لتطوير الحقل، وقد تؤدي إلى زيادة صادرات الكويت من الغاز على المدى الطويل.

وأشارت “إيكونومست” إلى أن الكويت ترغب “في الاستفادة من الوضع الجيوسياسي المعتدل بشكل متزايد في الخليج لتعزيز تطوير حقول الغاز البحرية”.

لكن في 3 تموز/يوليو، قالت وزارة الخارجية الكويتية إنها تجدد الدعوة لإيران للبدء في مفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية مع الكويت والسعودية كطرف تفاوضي واحد.

وشدّد بيان الخارجية الكويتية على أن المنطقة البحرية الواقع بها حقل “الدرة” للغاز تقع بالمناطق البحرية لدولة الكويت وأن الثروات الطبيعية فيها مشتركة بينها وبين السعودية ولهما وحدهما “حقوق خالصة فيها”، وفقا لوكالة “رويترز”.

وبعد يومين من تصريح الخارجية الكويتية، نقلت وكالة الأنباء السعودية، في 5 تموز/يوليو، عن مصدر في وزارة الخارجية القول إن ملكية الثروات الطبيعية في “المنطقة المغمورة المقسومة”، بما فيها حقل “الدرة” بكامله، هي ملكية مشتركة بين المملكة ودولة الكويت فقط.

وأضافت الوكالة أن السعودية “تجدد دعواتها السابقة للجانب الإيراني للبدء في مفاوضات لترسيم الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة بين المملكة والكويت كطرف تفاوضيٍ واحد مقابل الجانب الإيراني، وفقا لأحكام القانون الدولي”.

وبعدها بأسبوع، قال وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، في 12 تموز/يوليو، إن وزارة الخارجية في بلاده ستتابع موضوع حقل غاز “الدرة” المعروف باسم “أراش” في إيران، بحسب ما نقلته “رويترز” عن وكالة “تسنيم” الإيرانية.

لكن في تصعيد من قبل الكويت، قال وزير النفط الكويتي، سعد البراك، في مقابلة مع قناة “سكاي نيوز عربية”، في 27 تموز/يوليو، إن الكويت “ستبدأ التنقيب والإنتاج في حقل الدرة للغاز من دون انتظار ترسيم الحدود مع إيران”.

الحل

وفقا لمراقبين، فإن عدم ترسيم الحدود البحرية بين البلاد يمثل أساس هذه المشكلة، بحسب ما نقله موقع “الحرة”.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، حسين رويوران، إن منطقة حقل “الدرة” “مختلف عليها بين إيران والكويت، والسبب عدم ترسيم الحدود البحرية”.

وأضاف رويوران: “طهران لا تقول أن الحقل إيراني، بل ترى إنه يقع في منطقة مختلف عليها ويجب حل الموضوع من خلال حوار إيراني كويتي لتحديد الحدود ورسم خريطة لمسح الحقل”.

واستشهد بتحديد الحدود البحرية بين إيران وقطر من جانب ومع عُمان من جانب آخر.

بدروه، قال رئيس مركز “المدار” للدراسات السياسية والاستراتيجية في الكويت، صالح المطيري، إن القضية “ليست وليدة اليوم بل تعود لـ60 عاما ماضية، لكن الكويت لم تحسم حدود الجرف القاري التابعة لها”.

وأضاف المطيري أن “الحدود لم تحسم مع إيران وتُرك الحقل كما هو لاعتبارات سياسية وأخرى اقتصادية كون الدولتين ليستا في حاجة ملحة لهذه الثروة”، بحسب تعبيره.

وقال المطيري إن “إيران لديها تحفظا على إشراك السعودية وإن لم يكن واضحا.. تريد المفاوضات ثنائية مع الكويت فقط ظنا منها بأنه ليس هناك حدود مشتركة في هذا الحقل مع السعودية”.

في المقابل، قال رويوران إن “إيران ترفض الاتفاق الكويتي السعودي وترفض الحوار مع البلدين”، مضيفا أن القضية “خاصة بايران والكويت فقط”.

واستبعد كلا المحللين أي خطوات تصعيدية على الأرض من قبل الطرفين.

واستطرد المطيري: “تاريخيا الكويت تلجأ للمفاوضات والتفاهمات السلمية في كل قضاياها ولا تبحث عن تصعيد أو فرض أمر واقع، لأنها تعتمد على مبدأ حسن الجوار الثابت في سياستها الخارجية”.

أما رويوران، فقال إنه “لا أحد يريد أن يصادر حق الطرف الآخر” في الحقل، مشددا على أن المسح الجيولوجي للموقع “أمر ضروري جدا قبل أن نحدد الاستثمار دون أن نعير انتباها لإدعاء الطرف الآخر”.

مقالات ذات صلة