هاشتاغ _ حسن عيسى
تزايدت وتيرة الأصداء المتعلقة باقتراب التوصل لمصالحة، تعيد العلاقات المنقطعة منذ أكثر من عقد بين الحكومة السورية وحركة “حماس” الفلسطينية.
مصادر إعلامية كشفت عن أن وفداً من الحركة سيصل سوريا خلال الأيام القادمة، ضمن مجموعة وفودٍ فصائلية فلسطينية ستلتقي الرئيس السوري بشار الأسد.
المصادر التي نقلت عنها صحيفة “الأخبار” اللبنانية، أشارت إلى أنه تمّ إبلاغ الحركة بنيّة سوريا استقبال الفصائل الفلسطينية، وأن حماس مدعوّة لهذا اللقاء، الأمر الذي ردّت عليه الأخيرة بالإيجاب.
أنباء التقارب بين “حماس” ودمشق جاءت وفق سلسلة تمهيداتٍ بدأها مسؤولون بالحركة، عبر الإعلان عن أن العلاقات بين الجانبين في طريق عودتها بالكامل إلى ما كانت عليه.
وكانت حماس قد بدأت “تكويعتها” نحو دمشق عبر إدانتها القصف الإسرائيلي على سوريا، ومن ثم تلميحاتٌ لزياراتٍ أجرتها بعض الوفود إلى دمشق، في سبيل إصلاح ما أفسدته سنوات القطيعة.
“المصلحة العليا”
الباحثة في الشأن السياسي ميس الكريدي، اعتبرت في حديثها لـ “هاشتاغ” أن “المصلحة العليا” هي العنوان الأساسي لمؤشرات التقارب تلك، مشيرةً إلى أن دمشق ستكون دقيقة في التعامل مع هذا الفصيل.
وذكرت الكريدي أن الحكومة السورية لديها الكثير من الحذر فيما يتعلق بهذا الملف، باعتبارها تمتلك خريطة الأذى والسلوك الخاطئ والغدر وحجمه، المتعلق بـ “حماس”.
وأوضحت الكريدي أنه لا يمكن أخذ العلاقات السياسية ومصالح الدول على نطاق عاطفي، بل يجب أخذها ضمن حسابات المصلحة العليا للشعب والدولة والقضية.
وأفادت كريدي بأن سوريا مقبلة على انتقال من مرحلة لأخرى، الأمر الذي يتطلب الكثير من الإجراءات التي من الأفضل أن تتخذها سوريا مع كيانات، دون الرضوخ للمطالب الغربية.
ورأت الكريدي أن السلوك الخاطئ لبعض الفصائل الفلسطينية لا ينبغي أن يؤثر على الموقف تجاه القضية الفلسطينية، التي تعتبر الدولة السورية من أكثر المدافعين عنها عربياً.
وبينت الكريدي أن المنظور الاستراتيجي لسوريا فيما يتعلق بعودة العلاقات مع “حماس”، أكبر بكثير من المنظور العادي الذي يتم النظر فيه لهذه المسألة، التي لا تقاس بالردود العاطفية كذلك.
ومن وجهة نظر الكريدي، فإن تلك المعطيات تنطلق من ردة الفعل السورية تجاه تصرفات “حماس”.
مشيرةً إلى أنه رغم مواقف الحركة تجاه الحرب في سوريا، إلا أن الأخيرة لم تبدل معاملتها عندما يتعلق الأمر بدعم المقاومة الفلسطينية، وأن الدليل على ذلك استمرار وصول الصواريخ السورية لها طوال السنوات الماضية.
وأشارت الباحثة السياسية إلى أن “حماس” كانت في سوريا وفق قناعات واستراتيجيات معينة قبل الحرب، وعند عودتها ستعود أيضاً بناءً على استراتيجيات تتماشى مع الظروف الحالية التي تختلف عما كانت عليه سابقاً، على حد تعبيرها.
“فض الاشتباك”
الكاتب والباحث السياسي مازن بلال رأى في حديثه لـ “هاشتاغ”، أن التقارب بين دمشق و”حماس” يندرج تحت إطار “فض الاشتباك” بين طرفين، كانوا قبل عدة سنوات خلفاء ضمن ما يُعرف بـ “محور المقاومة”.
وأوضح بلال أن التوقّعات تشير إلى أن العلاقات بين الطرفين لن تعود كما كانت قبل اندلاع الخلاف بينهما، وذلك نظراً لانخراط “حماس” العميق فيما حصل ضمن المخيمات الفلسطينية في سوريا آنذاك.
وأشار بلال إلى وجود دعم إقليمي، لاسيما من إيران، لعودة تلك العلاقات، حتى لو لم تكم حميمية، مبيناً أن الأهمية في ذلك هي أن تكون علاقات خالية من الإشكالات والخلافات.
وذكر بلال أن العلاقة السورية مع “حماس” نشأت بشكل بطيء وتدريجي حتى وصلت لما كانت عليه قبيل الحرب، وذلك نظراً لأن الأخيرة تعتبر نفسها بالمضمون منتمية لـ “الإخوان المسلمين”.
ولفت بلال إلى أن المرحلة القادمة من الممكن أن تشهد ترطيب أجواء، تمهيداً لإعادة التمثيل الدبلوماسي المتبادل، والذي سيكون على مستوى عالٍ، على حد تعبيره.
ورأى والباحث السياسي أن المؤشرات تدل على أن التقارب بين دمشق و”حماس”، جاء نتيجة تضيّق العلاقة بين “حماس” ودول إقليمية أخرى.
معتبراً أن ذلك من الممكن أن يصب في الصالح السوري.
مؤشرات التقارب
وكانت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، كشفت أن اللقاء المرتقب في دمشق سيناقش الإشكاليات التي اعترت العلاقة سابقاً، وطُرق تسويتها، وكيفية قطع الطريق على المتربّصين بمسار إنهاء القطيعة بين الطرفَين.
كما سيتناول التحدّيات المقبلة التي تُواجه سوريا والقضية الفلسطينية، وإمكانية إقامة مكتب تمثيل للحركة في العاصمة السورية خلال الفترة المقبلة.
يشار إلى أن مؤشرات التقارب بين “حماس” ودمشق” خرجت مطلع العام 2021، عندما تحدثت تقارير صحفية عن جهود وساطة تقودها إيران و”حزب الله” لإعادة العلاقات بين الجانبين.
وكانت حماس متحالفة مع القيادة السورية، إلا أن مسؤوليها أعلنوا بعد فترة من اندلاع الأحداث في سوريا وقوفهم إلى جانب المعارضة بالخارج.
كما وعملوا على تقديم كافة أنواع الدعم لها.
وأعقب ذلك انتقال قياديي الحركة من دمشق حيث استقروا لسنوات طويلة، إلى الدوحة واسطنبول.
وبينهم رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل الذي نقل عام 2012 إقامته إلى الدوحة.