هاشتاغ-رأي- نضال الخضري
وافقت “حماس” على ورقة “الوسطاء” لإيقاف الحرب في غزة، ولساعات بدت الموافقة وفق المحطات الفضائية “رحلة انتصار”، ابتداء من الزغاريد ومرورا بالتحليلات التي أشادت بـ”الحنكة” السياسية.
وانتهاء بصور “الابتهاج” في شوارع رفح، لكن اليوم التالي كان مختلفا، فلا الموافقة منحت “حماس” أوراقا جديدة، بينما تحركت “إسرائيل” لتحتل الجانب الفلسطيني من معبر رفح.
هي صورة واحدة لحرب “فريدة” من نوعها لا يوجد لـ”نكهة” الانتصار فيها أي معنى، فالإعلام الذي يصورها يضعها ضمن مشاهد متكررة، ويجعلها حالة اعتياد على مساحة عقل المشاهد، ويرسم فيها انتصارات ومجازر، ويعيد كتابة المواقف الأمريكية
وكأنها لون خاص يتبدل مع إيقاع الحرب، وفي نهاية مشوار يومي من “التغطية المستمرة” يبلغ التشويش أقصاه، فهناك حصيلة ضحايا فقط ترحل سريعا لأن “التغطية المستمرة” تقفز باتجاه تصريحات “إسرائيلية” جديدة.
في هذه الحرب أصبحنا نعرف أكثر من أي وقت مضى عن حراك “الشارع الإسرائيلي”، فهو مرصود إعلاميا لتوضيح تأثير الحرب في بنيامين نيتنياهو، فبعد طوفان الأقصى أصبحت قضية الحرب
والسلام محشورة في سياسة “حكومة نيتنياهو”، بينما أغلقت أي مساحة نقدية لتقييم طبيعة السياسية التي نتجت عن طوفان الأقصى، أو حتى المصير القاتم الذي ينتظر الغزاويين في اليوم التالي لوقف القتال.
أزمتنا باتت مكبلة بحركة الوسطاء، وبدول هي بالأساس أنهت في سياستها على الأقل أي عداء لـ”إسرائيل.
وأصبح واضحا أن “الثقافة” التي أنتجتها عقود بعيدة من الصراع تُزاحمها اليوم “مواقف” مجزءة تتناول أجزاء من أشكال الحرب المشتعلة، وتنتقل على مساحة الجانب الإنساني ثم تقفز إلى حل الدولتين بشكل عابر، وبعدها ينتهي دور الوسيط الذي لا نعرف مدة قدرته على الضغط لإنهاء الحرب، فميزته الوحيدة أنه يملك تواصلا مع “إسرائيل” فقط.
منطق الحرب اليوم بات غريبا عن كل العلوم السياسية، وربما على الوسطاء معرفة أن “إسرائيل” لا تستخدم الحرب “كاستمرار للسياسة” إنما باتت غاية بذاتها لكسر إرادة الجميع، ولكتابة “فصل” ثقافي يردع الكل عن التفكير أو حتى “الحلم” بأنها شكل استعماري استيطاني.
فالحرب في غزة ترسم محورا ثقافيا عن الصور التي يجب أن تبدو “إسرائيل” عليها في عقولنا، فهي ليست قوة نارية بل أيضا “ثقافة مارقة” تنسجم مع نظام دولي يهتم فقط بقواعد أوجدتها الحرب العالمية الثانية.
المواجهة في غزة ليست صورة إعلامية في “التغطية المستمرة” على الفضائيات”، لأن ما يحدث “عربدة” سياسية على المستوى الدولي، تجعل من “إسرائيل” حالة مطلقة لا يمكن التعامل معها.
ويجب تركها لأنها الوحيدة التي يمكنها كسر إرادة الجميع باعتماد قواعد وضعها الغرب لنفسه، فهي الخط الأحمر الوحيد الباقي من آثار الحرب العالمية الثانية، ويطرح شكلا ثقافية لا يريد الأوروبيون مراجعته لأنه يعفيهم من كل التبعات التي حملوها طوال قرن من الزمن، فحرب غزة هي مأزق دولي على المستوى الثقافي وليست تغطية مستمرة “لانتصارات” أو “هزائم.