هاشتاغ – أيهم أسد
بدأت الأوساط الاقتصادية والإدارية في سوريا إثارة موضوع إمكانية الاستفادة من خبرات المتقاعدين في المجالات الاقتصادية والإدارية والفنية بإعادتهم إلى العمل والاستفادة مما يمتلكون من خبرات متراكمة أنفقت عليها الدولة تاريخياً الكثير من الأموال.
لكن المهم جداًفي هذه المسألة هو الطريقة المؤسسية التي سيتم من خلالها الاستفادة من خبرات المتقاعدين وتحديد الخبرات النادرة فعلاً والتي يحتاجها الاقتصاد وألا تتحول تلك الآلية إلى مجرد آلية للتوظيف لملئ الفراغ الوظيفي في القطاع العام، أي أن يكون هدفها واضحاً جداً وأن يرسم لها سياسات دقيقة وأن تتوفر لها الأدوات المناسبة للتطبيق.
وتعتبر سياسة إعادة تدوير المتقاعدين في قطاعات العمل سياسة عامة تطبقها الكثير من دول العالم المتقدم منها والنامي على السواء وبأشكل مختلفة، وها هي الكويت على سبيل المثال ومن خلال أحد نواب البرلمان لديها طرحت خلال شهر تشرين الأول من عام 2023 شكلاً مؤسسياً جديداً للاستفادة من خبرات المتقاعدين من خلال طرحه لـ”إنشاء ديوان المشورة” للاستفادة من خبرات المتقاعدين من أبناء الوطن بدلاً من هدر خبراتهم والاستفادة منها وتقديم مبالغ مالية مقطوعة مقابل ساعات الاجتماعات.
أقرأ المزيد: البرلمان ومكَثف إدارة المال العام
كما تمتلك الكويت أيضاً ما يسمى بـ”المشروع الوطني للمتقاعدين” وهو مشروع وطني، يهدف إلى الاهتمام بالمتقاعدين وتوظيف خبراتهم لاستدامة التنمية المجتمعية، من خلال برامج ومشاريع ومبادرات وأنشطة، وهو أول مشروع متكامل للمتقاعدين يحقق التطوير المستمر والاستثمار المتجدد لخبراتهم.
وقامت قطر وفي الاتجاه ذاته وتحديداً في أيلول عام 2023 بتدشين منصة “استمر” المعنية بتوظيف المتقاعدين القطريين الراغبين في العمل بالقطاع الخاص، وذلك انطلاقاً من التزامها باستثمار الخبرات القيمة وتعزيز تواجد الكوادر الوطنية المؤهلة في هذا القطاع.
وستتيح المنصة للمواطنين المتقاعدين إمكانية التسجيل وإنشاء ملفات شخصية لهم، ما يسمح للقائمين على المنصة رصد أعداد المتقاعدين الراغبين في العودة لسوق العمل ومدى خبراتهم وتخصصاتهم لاختيار الشركات والمؤسسات التي تناسبهم ليتم التنسيق معها وتوظيفهم.
أقرأ المزيد: حلمٌ مالي عمرهُ 20 عاماً
كما أن العراق على سبيل المثال لديه طروحات متقدمة في هذا الشأن ومنها الطروحات التي قدمها سفير النوايا ألحسنة وسفير السلام العالمي والمستشار الاقتصادي لاتحاد الكتاب والمثقفين العرب ومدير معهد التأريخ للعلماء والمؤرخين الدكتور رائد الهاشمي عندما حدد بدقة المجالات التي يمكن للحكومة من خلالها الاستفادة من خبرات المتقاعدين كما يلي:
1- إشراكهم في عملية التخطيط الاستراتيجي السليم ووضع الخطط التنموية بأنواعها المختلفة التي تنهض بالبلاد وتتجاوز جميع مشاكله الاقتصادية.
2- الاستفادة منهم في التدريب ليساهموا بإعداد كوادر إدارية وفنية كفوءة تنهض بمستوى مؤسسات الدولة.
3- التواصل معهم بإشراكهم في المؤتمرات والندوات التي تقيمها مؤسسات الدولة حيث تتيح لهم طرح أفكارهم وخبراتهم ومقترحاتهم من خلال إلقاء المحاضرات أو النقاش المباشر وتبادل الآراء التي تصب في الصالح العام.
4- الاستفادة من خبراتهم الادارية والفنية في تنفيذ المشاريع المختلفة من خلال تعيينهم بعقود مؤقتة في مختلف الحلقات المهمة للمشاريع وسيترجمون عصارة خبراتهم النظرية والعملية لنجاح المشاريع .
5- تشجيعهم على كتابة الدراسات والبحوث العلمية والكتب في اختصاصاتهم وتبني طباعتها والاستفادة منها لتطوير أداء المؤسسات.
6- الاستفادة منهم في الأعمال التطوعية في جميع مجالات التدريب والتأهيل وغيرها.
ونتيجة لذلك العرض السريع جداً لبعض تجارب الدول العربية في الاستفادة من خبرات المتقاعدين نجد وضوح الأهداف والآلية المؤسسية والأدوات التي تربط المتقاعد بسوق العمل مجدداً وهذا بالضبط، وإن لاقت الفكرة قبولاً في الاقتصاد السوري، هذا بالضبط ما هو مطلوب منها.