بعد كل عملية ارتفاع لأحد المواد تزداد المخاوف من نية الحكومة للتوجه إلى إلغاء الدعم “على قلته”، وبات المواطن ينظر إلى كل نفي على أنه تأكيد للشائعة المتداولة، وهذا حال كل نفي لزيادة سعر ما تبعها ارتفاع في السعر بعد أقل من 24 ساعة.
هاشتاغ-خاص
وبعد “الضربتان” الأخيرتان اللتان تلقاهما المواطن من رفع لسعر الغاز والكهرباء في يوم واحد، لم تفد التطمينات التي أطلقتها وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك حول عدم إلغاء الدعم، والنية لحرمان “غير المستحقين منه”، بل على العكس.
في حين انطلقت التحليلات الاقتصادية التي تفسّر وتبرر وربما تنتقد تلك القرارات، ليكسف الخبير الاقتصادي الدكتور عمار يوسف، أن “لعبة الحكومة باتت مكشوفة”، مؤكداً في تصريح خاص لـ”هاشتاغ” عدم وجود نية لرفع الدعم، بسبب أن ما يحصل وسيحصل لاحقاً عبارة عن تخفيض للدعم بمقدار الثلث.
وفي التفاصيل، ينفي الخبير وجود المبررات التي تتحدث بها الحكومة حول نقص في المواد الأساسية المدعومة، والتي أدت إلى تقليل نسبة الدعم، بدليل توافرها في السوق السوداء، وهي متوفرة وبكثرة، حسب قوله، لكن الحكومة تعمل على تقنين التوزيع لتخفيف خسائرها الناتجة عن دعم تلك المواد، سواءً فيما يتعلق بأزمة الوقود أو الغاز المنزلي أو الكهرباء أو أي شيءٍ يخضع لدعمٍ حكومي، بحسب تعبيره.
وفي الوقت نفسه، أشار يوسف إلى أنّ رفع سعر أي مادة سيكون سبباً في فقدانها من جديد وتوفّرها فقط في السوق السوداء، معتبراً أن الحل الوحيد في السيطرة على تلك السوق هو توفير المادة للمواطن بشكلٍ مستمر خارج البطاقة الذكية وبسعر التكلفة الحقيقة، مع إضافة هامش ربحٍ تستفيد منه الحكومة بدلاً من تجار السوداء.
واعتبر الخبير الاقتصادي أن الإجراءات الحكومية هي السبب الأساسي في خلق السوق السوداء لأي مادة، مرجعاً سبب ذلك إلى احتمالين أحدهما أنه ليس للحكومة خبراء اقتصاديون يقدمون لها الحلول المناسبة، أو أنّ السوق السوداء تحقق لها استفادة إضافية، ولكن لن تعلن عنها صراحةً، كما يقول.
كما لفت الخبير إلى أنّ “اللعبة التي تتهجها الحكومة باتت مكشوفة، والدليل على ذلك التصريحات التي يطلقها الوزراء أنفسهم عند التبرير لارتفاع سعر ما، ملقين اللوم على العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، وفي الوقت نفسه، يقول أحد الوزراء بأنّ الحكومة تتكّبد العديد من المصاريف عند استجرار الغاز من أوروبا.. فأين هي العقوبات؟!”.
في حين، يستمر الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية الحديث عن مسألة نتائج الحرب على سورية، مشيراً إلى أنّ ارتفاع أسعار السلع والمواد لم يعد مسالة أو قضية اقتصادية فقط لأن ما يحدث حالياً هو ظهور نتائج الحرب على البلاد التي استمرت عشر سنوات والخسائر التي منيت بها سورية من سرقة المواد الأولية والطاقة والبترول وتواطؤ بعض التجار مع المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة، “كل ذلك أوصلنا إلى ما نحن عليه حالياً”.
ولم ينسَ الخبير كما جاء في “الوطن” الإشارة إلى أنه ثمة قلة في الموارد والسلع وما يقل عرضه يرتفع سعره بالسوق وفق قانون العرض والطلب لافتاً إلى أن الدولة والجميع يعرف أنها اليوم بحاجة للأموال الناتجة عن رفع الأسعار.
لكن في الوقت نفسه هناك شريحة كبيرة من المواطنين بحاجة إلى القوة الشرائية ورفع الرواتب والأجور، أو إيجاد عمل لشريحة كبيرة عاطلة عن العمل أي إنه لا يكفي أن تقوم الحكومة برفع الأسعار، وهو أمر مبرر بل يجب أن يترافق هذا الارتفاع مع التفكير بمسارين متوازيين والعمل على زيادة الاستثمارات بمشروعات بالتعاون مع القطاع العام وتحريض القطاع الخاص أو عن طريق التشاركية وزيادة عدد المشروعات الجديدة.. وإعادة البناء لبعض الأماكن وخاصة إذا كانت منطقة إنتاجية سلعية تخدم الاستهلاك المحلي.
وأضاف فضلية إنه بما أن الحكومة تخسر فهي بحاجة إلى تقليص الدعم كما هي بحاجة ملحة جداً جداً إلى هذه الزيادة على الأسعار كل ذلك نتفهمه، لكن لا نتفهم لماذا لا تفكر بالمستوى نفسه وبنفس الوتيرة بإقامة مشروعات إنتاجية تتيح فرص عمل ونحن لا ننكر ذلك لكن يجب ألا يبقى تفكيرها فقط بتغطية العجز، بل يجب العمل على زيادة دخل المواطن ويكون ذلك عن طريق تشغيل شخص إضافي في العائلة لزيادة المردود وبالتالي يتم العمل على تخفيض نسبة البطالة وزيادة المردود، والأهم إعادة بناء البنى التحتية في بعض الأماكن حتى تسهل عودة المواطنين إليها.. هذا يحمل أكثر من إشارة استفهام؟!.