بدأت مجموعة من المناطق الجديدة تظهر على خريطة الطاقة العالمية بعد العملية الروسية في أوكرانيا، وبالتحديد مع توجه أوروبا نحو مصادر بديلة للغاز الروسي، لتجد ضالتها في زيادة حجم الواردات من دول، وبدء التعامل مع أخرى جديدة، مثل الكونغو وأذربيجان.
وفي بئر رباع داخل أعماق الصحراء الجزائرية، بدأت شركة إيني وشركة سوناطراك المحلية، حفر الآبار وإنتاج الغاز من حقول جديدة في غضون أشهر قليلة.
وبحسب تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، فإن هناك 3 أنابيب غاز تربط الجزائر بأوروبا، لكن خلال أغلب فترات العقد الماضي، كانت شركة الطاقة الروسية “غازبروم” تبيع منتجها بأسعار منخفضة، مما أبعد المزودين، مثل الجزائر، عن السوق الأوروبي.
تغير بوصلة الاستيراد والتصدير
قبل الحرب الأوكرانية، كانت 45 بالمئة من صادرات روسيا من المواد البترولية، تذهب إلى الاتحاد الأوروبي.
بينما الهند كانت تشتري أغلب احتياجاتها من الولايات المتحدة والعراق والسعودية.
ومع وقف أوروبا استيراد الغاز الروسي، منحت موسكو تخفيضات كبيرة على أسعار الغاز لكل من الصين والهند.
وعلى الجانب الآخر، ضاعفت الولايات المتحدة من حجم شحنات الغاز المسال إلى أوروبا.
في حين بدأت الأخيرة استيراد شحنات أكبر من الجزائر والنرويج وتركيا وأذربيجان.
صداقة.. ولكن
تمتلك الجزائر علاقات قوية مع روسيا، والأخيرة تزودها بكميات كبيرة من الأسلحة، وبات احتياج أوروبا القوي للغاز الجزائري بمثابة تهديد لتلك العلاقة، بحسب “وول ستريت جورنال”.
لكن وزير الطاقة الجزائري، محمد عرقاب، صرح في وقت سابق بالقول: “لدينا روابط سياسية وصداقة، لكن العمل هو العمل”.
وبالفعل تجري الجزائر مباحثات حول صفقات مبيعات غاز لكل من ألمانيا وهولندا ودول أوروبية أخرى.
في وقت تستثمر فيه شركة “إيني” الإيطالية بقوة في الجزائر.
كما أن هناك مباحثات جارية بين الحكومة الجزائرية وعملاقي الطاقة الأمريكيين، “شيفرون” و”إكس موبيل” بشأن إنتاج الغاز.
ومع زيادة أهمية الجزائر كمزود للقارة الأوروبية بالطاقة، وبحسب “وول ستريت جرنال”، فقد بدأت الدول الغربية مساعيها لإبعاد حكومتها (الجزائر) عن روسيا.
وتعد الجزائر حليفا قويا لموسكو، وواحدة من أكبر الدول المستوردة للأسلحة الروسية، حيث يتلقى كبار جنودها تدريباتهم في موسكو.
أذربيجان والكونغو
كما صرح مسؤولون في أذربيجان، أن باكو التي تمتلك أنابيب غاز تربطها بإيطاليا، ستعمل على تقديم الموعد المحدد، المتعلق بمضاعفة صادراتها من الغاز إلى أوروبا، ليكون بحلول 2027.
وهناك أيضا تحركات من شركة إيني لإنتاج الغاز المسال من منشأة عائمة قبالة سواحل الكونغو.
وبحسب “وول ستريت جورنال”، فإن هذه التحركات جميعا “تمثل إعادة لتوجيه تدفق الغاز حول العالم”، حيث كان يتحرك من الجنوب الغربي لروسيا إلى المتوسط.
وحاليا، تعتزم أوروبا تعزيز وارداتها من أفريقيا، حيث تصل إلى إيطاليا ثم النمسا وبقية الدول الأخرى.
كما أن هناك ارتفاعا كبيرا في معدل الشحنات الأمريكية القادمة نحو القارة الأوروبية.
ومؤخرا انتهجت أوروبا ما يعرف بـ”دبلوماسية الطاقة”، حيث توجهت رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، وسلفها ماريو دراغي، إلى الجزائر، لإبرام صفقات غاز جديدة.
وبدوره، قام المستشار الألماني، أولاف شولتز، بنفس الشيء، حيث أجرى جولة في دول إفريقية تمتلك احتياطيات كبيرة من الطاقة.