الخميس, يناير 30, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارخطاب الكراهية ما بعد الأسد.. إرث للتفرقة وساحة لتصفية الحسابات!

خطاب الكراهية ما بعد الأسد.. إرث للتفرقة وساحة لتصفية الحسابات!

هاشتاغ – حسن عيسى

مع التغيرات السياسية والاجتماعية التي طرأت على المشهد السوري عقب سقوط نظام الأسد، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مرآة تعكس الانقسامات التي رسّخها النظام السابق على مدى عقود.

في هذا السياق، تصاعد خطاب الكراهية بشكل ملحوظ، مهدداً بنسف أي محاولات لبناء مستقبل يقوم على التعايش والسلام.

كما ظهرت أصوات تدعو إلى الإقصاء، ليس فقط بسبب مشاعر الظلم، بل أيضاً نتيجة الخوف من أن تعود مكونات معينة إلى السلطة أو التأثير.

وتعبتر هذه الأصوات في الإقصاء وسيلة لحماية ما تعتبره مكتسبات جديدة، في ظل غياب ضمانات حقيقية للعدالة والمساءلة.

ومع تصاعد هذا النوع من الخطاب، أصبح المشهد أكثر تعقيداً، حيث بات كل طرف يرى نفسه الضحية، وكلٌّ يسعى لتبرير موقفه بناءً على معاناته الخاصة.

لب القضية

على مدى سنوات حكمه، استخدم نظام الأسد التفرقة الطائفية كأداة لتعزيز قبضته على السلطة، مستغلاً مخاوف المكونات المختلفة في المجتمع السوري ليبقيها في حالة من الشك المتبادل، بحسب ما يراه بعض المتابعين للشأن.

هذه السياسة لم تخلق فقط انقسامات عميقة بين السوريين، بل تركت جراحاً يصعب اندمالها بسهولة. ومع سقوط النظام، خرجت هذه الانقسامات إلى العلن، وتجلى ذلك بوضوح في الخطابات التي اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي.

أسباب جوهرية

يرى الباحث في الشأن الاجتماعي الدكتور مازن شهابي في حديثه لـ “هاشتاغ” أن أحد أبرز أسباب انتشار خطاب الكراهية هو الشعور بالمظلومية الذي تعاني منه العديد من الفئات.

فالفئات التي تعرضت للإقصاء أو الاعتداء، والمجتمعات التي شهدت تهجيراً وقتلاً على يد النظام، وجدت نفسها تعبر عن غضبها بطريقة قد تكرّس مزيداً من الانقسامات، على حد تعبيره.

ويقول شهابي: “هذا الغضب لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة طبيعية لسنوات من القمع والمعاناة. فكيف يمكن لمن فقدوا أحباءهم أو رأوا قراهم تُدمَّر أن يتجاوزوا كل ذلك بسهولة؟”.

دعوة للتسامح

على المقلب الآخر، لا تزال هناك الكثير من الأصوات التي تدعو للتسامح، مدركةً أن استمرار خطاب الكراهية لن يؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى.

أصحاب هذه الدعوات يعتقدون أن الحل لا يمكن أن يكون في الانتقام أو الإقصاء، بل في بناء أرضية مشتركة تسعى لتحقيق العدالة والتعايش.

ومع ذلك، يجد هؤلاء أنفسهم في مواجهة عاصفة من الخطابات المتطرفة التي تُهيمن على المشهد.

خطر مجتمعي قادم!

يشير الدكتور شهابي إلى أن خطورة خطاب الكراهية في هذه المرحلة تتجاوز الانقسامات المجتمعية.

ويضيف: “هذا النوع من الخطاب لا يهدد فقط التماسك الاجتماعي، بل يمكن أن يُستغل من قبل أطراف داخلية وخارجية لتعميق الانقسامات وزرع مزيد من الفوضى. في ظل غياب الاستقرار، يصبح نشر الكراهية وسيلة فعالة لتعطيل أي جهود نحو إعادة البناء”.

ومن وجهة نظره، فإن هذه الفوضى تخدم مصالح بعض القوى التي تسعى لتحقيق أجنداتها الخاصة في سوريا، سواء كان ذلك من خلال دعم أطراف بعينها أو تعقيد عملية المصالحة الوطنية.

ويشدد شهابي على أن بناء مجتمع متماسك يتطلب جهوداً شاملة تُركز على تعزيز العدالة الانتقالية، ومواجهة إرث التفرقة الطائفية، وتشجيع الحوار بين مختلف المكونات، فقط حينها يمكن لسوريا أن تبدأ مسيرتها نحو التعافي.

مقالات ذات صلة