بينما تحظى “إسرائيل” بدعم عسكري كبير من الولايات المتحدة الأمريكية، يظل الجدل حول تصدير الأسلحة من أوروبا مستمراً في ظل تصاعد العمليات العسكرية في المنطقة.
وفيما تدعو بعض الدول الأوروبية إلى وقف تصدير الأسلحة للمساهمة في إنهاء الصراع، تتخذ دول أخرى مثل ألمانيا موقفاً داعماً لتسليح “إسرائيل”، مما يعكس تباين المواقف داخل القارة الأوروبية بشأن الحرب في الشرق الأوسط.
مع توسع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الشرق الأوسط، بما في ذلك ترقب ضربة وشيكة على إيران، عاد الحديث مجدداً حول مصادر تسليح الجيش الإسرائيلي، وذلك بعد تصريحات من قادة ثلاث دول أوروبية كبرى حول تصدير الأسلحة إلى “إسرائيل”.
وبينما تحصل “إسرائيل” على نحو ثلاثة أرباع أسلحتها من الولايات المتحدة، تعكس بعض المواقف الأوروبية الضغوط الداخلية التي تتعرض لها الحكومات مناهضة للحرب.
فرنسا تدعو لوقف تصدير الأسلحة
جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعوته يوم الجمعة إلى وقف صادرات الأسلحة المستخدمة في الصراعات في قطاع غزة ولبنان، مؤكداً أن ذلك هو السبيل لإنهاء العنف المتصاعد.
وفي مؤتمر صحفي عقده في قبرص، قال ماكرون: “هذه ليست دعوة لنزع سلاح إسرائيل، بل دعوة لوقف أي زعزعة للاستقرار في هذا الجزء من العالم”.
وأضاف ماكرون أن فرنسا تدعم وقف إطلاق النار في كل من غزة ولبنان، مشدداً على ضرورة إيجاد حل دبلوماسي للأزمة، وهو الحل الذي ترى باريس أنه يبدأ بوقف شحنات الأسلحة المستخدمة في الصراع.
وشدد على أن وقف صادرات الأسلحة “هو الوسيلة الوحيدة لوضع حد للحرب”.
تصريحات ماكرون حول وقف صادرات الأسلحة أثارت استياء “إسرائيل”، حيث اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن فرض القيود على تسليح “إسرائيل” يخدم مصلحة إيران وحلفائها.
ورغم أن فرنسا ليست من كبار موردي الأسلحة لـ “إسرائيل”، إلا أنها صدرت معدات عسكرية بقيمة 30 مليون يورو (33 مليون دولار) في العام الماضي.
إسبانيا تدعو لوقف تصدير الأسلحة
من جهته، دعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز المجتمع الدولي، يوم الجمعة، إلى الكف عن تصدير الأسلحة إلى “إسرائيل”.
وجاءت تصريحاته عقب اجتماع مع البابا فرنسيس في الفاتيكان، حيث شدد سانشيز على ضرورة “عدم المساهمة في تصعيد العنف في غزة والضفة الغربية أو لبنان”.
سانشيز، الذي يُعد أحد أبرز المنتقدين الأوروبيين للحرب الإسرائيلية على غزة، وصف العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان مؤخرًا بأنها “غزو”، داعياً المجتمع الدولي إلى التدخل لوقف تدهور الأوضاع.
تأتي هذه الدعوة في وقت يشهد فيه الصراع في المنطقة تصعيداً مستمراً، مما يفاقم من الوضع الإنساني في الدول المتضررة.
ألمانيا تدعم تسليح “إسرائيل”
على النقيض من موقفي فرنسا وإسبانيا، أكد المستشار الألماني أولاف شولتس أن بلاده ستستمر في تسليم شحنات أسلحة جديدة لـ”إسرائيل”.
وفي كلمة ألقاها أمام مجلس النواب الألماني، قال شولتس: “اتخذنا في الحكومة قرارات تضمن تسليم المزيد من الأسلحة قريباً لم نتخذ قراراً بوقف تسليم الأسلحة”.
تصريحات شولتس جاءت رداً على انتقادات وجهتها المعارضة الألمانية، التي اتهمت الحكومة بتأخير شحنات الأسلحة لـ “إسرائيل”، وهو ما نفاه شولتس.
وأكد المستشار أن ألمانيا “سلمت وستسلم” أسلحة لـ “إسرائيل”، دون تحديد طبيعة أو حجم هذه الشحنات.
ويأتي ذلك في ظل ضغط المعارضة المحافظة التي انتقدت الحكومة لعدم تسليم بعض المعدات العسكرية الحيوية التي تحتاجها “إسرائيل” في ظل تصاعد التوترات.
مواقف أوروبية متباينة
يأتي هذا الجدل حول تسليح “إسرائيل” في وقت تحدثت فيه بعض الحكومات الأوروبية عن تخفيض دعمها العسكري لـ “إسرائيل” بسبب الحرب المستمرة على قطاع غزة، التي أسفرت عن مقتل نحو 42 ألف فلسطيني وإصابة ما يقرب من 100 ألف آخرين حتى الآن.
وأعلنت بريطانيا، على سبيل المثال، قبل أسابيع، عن تعليق نحو 30 ترخيصاً لتصدير المعدات العسكرية لـ “إسرائيل”، وذلك بعد مراجعة امتثال “إسرائيل” للقانون الإنساني الدولي.
ووصفت “إسرائيل” القرار البريطاني بأنه “مخزٍ”، كما أعلنت إيطاليا في أواخر 2023 عن وقف إصدار تصاريح جديدة لتصدير الأسلحة لـ “إسرائيل”.
جاء ذلك تطبيقاً للقانون الإيطالي الذي يحظر تصدير الأسلحة إلى البلدان التي تخوض حروباً أو تنتهك القانون الدولي.