أثارت فتوى صادرة عن أحد علماء الفقه المقارن في جامعة الأزهر سخطاً واسعاً من قبل علماء الآثار في مصر.
وتنص الفتوى على تحريم استخراج جثامين المصريين القدماء “المومياوات”، ووصف هذه العملية بأنها “نبش للقبور” على حد تعبير أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر “أحمد كريمة”.
وتستند فتوى كريمة إلى اعتقاد بأنَّ نبش القبور محرم، ومن الأمور المنهي عنها في الدين الإسلامي، وذلك خلال حديث له عن الدجل، والسحر، والشعوذة في إحدى المقابلات المتلفزة.
ووصف عالم الآثار المصري زاهي حواس كلام كريمة “بالفرقعة الإعلامية”، بعد سجالات، ومشادات كتابية على مواقع التواصل الاجتماعي بين من يؤيد، ويعارض فتح القبور. .
وبداية الخلاف عندما قال كريمة:” حرمة قبر الإنسان، كحرمة داره في حياته، والقبر نعمة من نعم الله، وأن يكون للإنسان مأوى بعد موته، بدل أن يترك كالحيوانات على جانبي لطريق، لذا فإن استخراجها وعرضها في المتاحف محرم أيضاً”.
بدوره “حواس” عبَّر عن رفضه الشديد، في استغلال الدين لإظهار رأي غير علمي، وقال:” نحن لا ننبش القبور، نحن علماء، ونحاول استخراج التوابيت لترميمها، ولنحافظ عليها من التحلل، وبالتالي هدفنا إعادة أمجاد هؤلاء العظماء، ذلك أننا لن نعرض “المومياوات” بطريقة مثيرة”.
ولاقت فتوى “كريمة” تأييداً، ورواجاً عند المتشددين في دار الإفتاء، إذ سبق وأن أصدرت فتاوى سابقة، تدخل في ذات السياق، مستندين إلى حرمة الموتى، وحقهم في التكريم، وعدم نبش القبور.
في سياق متصل رفضت المؤسسات الدينية الرسمية المصرية، وفي مقدمتها دار الإفتاء هذه الفتوى.
وقال مستشار مفتي الديار المصرية والأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم إبراهيم نجم:”علينا الاعتبار والاستفادة مما وصل إليه أصحاب الحضارات القديمة الذين بسطوا العمران في الأرض، ولجأوا إلى تسجيل تاريخهم اجتماعياً وسياسياً وحربياً نقوشاً ورسوماً ونحتاً على الحجارة”.
واعتبر “نجم” أنه لا يوجد مانع شرعي من قيام الهيئات والجهات المختصة، بتحليل ودراسة الآثار عن طريق إخراج “المومياوات”، وعرضها في المتاحف، شرط ألا يتم التعامل معها بشكل يخل بحقوق الموتى”.
وأجاز عميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر سابقاً محمد سالم أبو عاصي نبش القبور، مشيراً إلى تحليل هذه العملية، وعدم تحريمها، لأسباب تتعلق بتحقيق مصلحة محققة، أو ضرورة ملزمة، أو البحث عن الآثار، والكنوز، والأدلة الجنائية بحسب تعبيره.
وينتظر المصريون حدثاً يعرف بـ”موكب المومياوات الملكية”، وفيها سيتم نقل المومياوات، وعددها 22 مومياء ملكية، إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بالقرب من ميدان الرماية بمحافظة الجيزة.
ونوه مستشار مفتي الديار المصرية إلى أهمية وضع مصر على الخريطة السياحية العالمية، والمكانة التي تستحقها من خلال هذا الحدث الهام.