هاشتاغ – خاص
ذات يوم قال أحد الوزراء السابقين “إن دفاتر الشروط هي أوسع أبواب الفساد في القطاع العام”.. ومن هذه المقولة يمكن الوصول إلى مهازل وفضائح استثمارية في منظمة الاتحاد الرياضي العام التي تملك مطارح كثيرة ومهمة في مختلف المحافظات السورية من شأنها أن تسد كامل نفقات الرياضة وتخفف العبء عن الحكومة وتشكل موردا ماليا كافيا لكل الأندية السورية والمنظمة بشكل عام ولكن ما يجري هو العكس.
فالاستثمار في المنشآت الرياضية بات الشغل الشاغل للقيادة الرياضية ومن يتبوأ مواقع مهمة في الأندية والاتحادات لكن مئات إشارات الاستفهام والتعجب تبرز بسبب سوء إدارة هذا الملف المهم الذي يشكل باباً واسعاً للفساد أيضا.
“تراب المصاري“
تبين مصادر خاصة لـ “هاشتاغ” أن المواقع الاستثمارية التابعة للاتحاد الرياضي كانت ولازالت تُعطى “بتراب المصاري” للمستثمرين الذين يجنون من ورائها الملايين، بينما يذهب الفتات للمنظمة، ومن يتحدث عن رفع بدلات الاستثمار عما كانت عليه سابقا فهو كمن يحاول أن يغطي الشمس بالغربال، لأنه من الطبيعي أن تكون هناك زيادة، ولكن هل الزيادة تتناسب مع أهمية الموقع وتوازي استثمار أي مكان مجاور له ؟ سؤال لا بد من الإجابة عليه لمعرفة حقيقة الهدر والفساد الذي يمر دون تسليط الضوء عليه“.
ليس الهدف توجيه أصابع الاتهام إلى أحد، ولكن عندما نرى واقع حال الرياضة والأندية وهي تستجدي الداعمين دون أي ضوابط تنظم العمل، وعندما تستنزف الرياضة موارد الحكومة دون أي طائل، وتبقى الرياضة في قعر الهاوية، فلابد لنا من طرح التساؤلات المريرة: كيف يحدث هذا ولمصلحة من، ولماذا هذا الهدر المالي في هذه المنظمة تحديدا ودون أي محاسبة أو رادع؟
3 احتمالات والنتيجة واحدة
مواقع استثمارية في أماكن مهمة من دمشق وحلب وغيرها بالمحافظات لا تؤتي أكلها رغم أهميتها، هل هذا يعني أن القائمين على الرياضة لايقدرون قيمة مابين أيديهم من مطارح استثمارية، أم أنهم لايعرفون كيف يديرونها، أم أنهم يعرفون ويتساهلون لغاية في نفس يعقوب؟
هذه المقدمة توصلنا إلى واحدة من أهم تلك المواقع التي سيعاد طرحها قريبا للاستثمار في مدينة حلب، ولن نتطرق إلى باقي الاستثمارات في دمشق، فهذه تحتاج لملفات كثيرة.
أرقى المواقع الرياضية
تعد منشأة الباسل في مدينة حلب من أفخم وأرقى المواقع الرياضية والاستثمارية لجهة وقوعها في منطقة مهمة جدا هناك في حي الشهباء، والمنشأة تضم سبعة مطاعم كل مطعم على حدة، وصالتي أفراح، وصالة ألعاب، ومول تجاري بمساحة 900 م2، وتراس صيفي ومسبح شتوي مغلق ومزود بصالة بناء أجسامvip ونادي صحي، وفيها صالة سلة وصالة اسكواتش) وتقدر مساحتها الإجمالية بحدود 14 ألف م2.
القصة من أولها
هذه المنشأة كانت مستثمرة من قبل أحد المستثمرين الذي تم إخلاءه بقرار إداري من المكتب التنفيذي صدر بتاريخ 12 -7- 2021 بسبب التجاوزات التي قام بها وضآلة المبلغ الذي كان يدفعه.
وعادت المنشأة للاتحاد الرياضي، وتم تغريم المنظمة بمبلغ مليار وسبعمائة مليون ليرة سورية، وتم تخفيض المبلغ الى 450 مليون لصالح المستثمر تعويضا له كونه قد أنفق على المنشأة حينها.
المهم في الموضوع أنه بعد الإخلاء الإداري تم تنظيم عقود تشغيل لشاغلي المنشأة ذاتهم الذين كانوا يديرونها من قبل المستثمر السابق وبعقود شهرية تمتد لغاية تصفية العقد وبموجب قرارات مكتب تنفيذي وكانت العقود سارية لتاريخ 1-3-2021 وهذا يدلل على أن المطارح هذه لاتزال صالحة للعمل.
ماذا جرى؟
بعد كل تلك المجادلات خلال الأشهر السابقة لإنهاء عقد المستثمر السابق أصبح من واجب تنفيذية حلب أن تطرح تلك المواقع مجددا للاستثمار وبشروط أفضل ومردود أكثر والاستفادة من الأخطاء السابقة كي لاتتكرر، وفعلا قامت التنفيذية بتجهيز 14 دفتر شروط استثمارية لتلك المطارح من أجل أن تكون عبر مزاد علني، وكل موقع على حده، ويقتضي العمل المؤسساتي أن يطلع عليها مكتب الاستثمار في الاتحاد الرياضي العام وتدوين ملاحظاته إن وجدت، ومن ثم إعادتها إلى “تنفيذية” حلب لمواصلة العمل، ولكن المفاجأة كانت أن كل دفاتر الشروط أصبحت حبيسة الأدراج بدمشق، وإصدار قرار من المكتب التنفيذي يطلب فيه أن يكون الإعلان عن استثمار منشأة الباسل ككتلة واحدة وبطريقة الظرف المختوم لاستدراج عروض فنية ومالية، وتتم دراسة كل الإجراءات القادمة بدمشق، وتم تشكيل لجنة لإعداد دفتر الشروط ولايوجد فيها سوى مندوب من حلب، ولغاية تاريخه لم تزر اللجنة مدينة حلب.
وحسب ماتم تسريبه لـ “هاشتاغ” أن النية تتجه ليكون مدة العقد لعشر سنوات قادمة، ومنح المستثمر القادم مدة ستة أشهر لتجهيز المنشأة، وحتى تخفيض قيمة التأمينات النهائية.
أين المشكلة..؟
أين المشكلة مادام المستثمر القادم سيقدم مبلغا أكبر، وما الضير في أن يكون مزادا علنيا أو ظرفا مختوما، وغيرها من الأسئلة التي تخطر على البال.. وللتوضيح هنا وحسب المعلومات الواردة لـ”هاشتاغ”، فإن مايحدث في أروقة المكتب التنفيذي والجدل الذي يدور هناك وحتى بين الأعضاء أنفسهم ورئيس المنظمة حول هذه المنشأة، هو التوجه لمنح المنشأة بأكملها ككتلة واحدة لمستثمر واحد وبمبلغ مقطوع، وهذا يعني أن المستفيد سيكون المستثمر الذي سيقوم بدوره بتجزئة المواقع في المنشأة وإعطائها لمشغلين أو تأجيرها بطريقة أو بأخرى، وهذا تكرار للمشكلة السابقة، وتفويت لمبالغ هائلة على المنظمة، وطرح المنشأة ككتلة واحدة أيضا لن يجذب سوى مستثمر أو ربما أربعة قد يتفقون مع بعضهم البعض لترسى على شخص ما، ولأن المبلغ لن يقدر عليه إلا قلة قليلة جدا، بينما لو تم طرح كل مطعم على حده وكل صالة لوحدها مثلا لتقدم لكل منها عدة أشخاص وسيكون التنافس قويا ولمن يدفع أكثر، وبشروط أفضل وبالتالي من يخل بالعقد سيتم محاسبته بالطرق القانونية وبشكل أسهل.
أما إصرار المكتب التنفيذي على أن يكون طرح الموقع بالظرف المختوم وبدفتر شروط فنية ومالية لم يشارك به فرع حلب، وتجنب المزاد العلني، فهذا أيضا يثير التساؤلات خصوصا وأن هناك تجارب سابقة حصلت والكل يعرف كيف يتم تفصيل دفاتر الشروط الفنية على المقاس، وكيف يتم منح العلامات لكل بند وعلى مزاجية اللجنة المشكلة مما يجعلها موضع شكوك، (وهنا أستعيد ماذكرته بالمقدمة لكلام وزير سابق).
وبما أن المنشأة جاهزة ولاتزال تًدار حتى تاريخ الإخلاء وتعمل بعلم المكتب التنفيذي فهذا يعني أنها جاهزة ولاتحتاج للكثير من الأمور الفنية التي تستوجب منح مهلة ستة أشهر للمستثمر القادم كما قالت مصادرنا، مما يعني تفويت دخل موسم الصيف على المنظمة وعلى مدينة حلب التي لايعرف القائمون على رياضتها ماهي حصة رياضتهم من ذلك الاستثمار..؟
المزاد العلني قد يكون له مساوئ أيضا، ولكنه أخف وقعا، كونه سيكون بحضور كل المتقدمين للمزايدة ومن يقدم الأفضل والأكثر سيأخذ نصيبه.
تساؤلات مهمة
لماذا يتم تهميش كوادر مدينة حلب في هذه العملية الاستثمارية ولماذا يتم إشاعة أنهم غير قادرين على إدارة وتشغيل المنشأة وإعداد دفاتر الشروط لها، ولماذا تم إهمال دفاتر الشروط التي جهزوها مادام “أهل مكة ادرى بشعابها..؟”، ولماذا لم يصدر حتى الآن دفتر الشروط المزعوم من المكتب التنفيذي..؟
ولماذا لاتطرح المواقع الاستثمارية عبر هيئة الاستثمار التي لها باع في هذا المجال “وحسب حوار سابق مع صحيفة “الأيام” قال مدير هيئة الاستثمار إن الاتحاد الرياضي لم يطرح أي موقع رياضي للاستثمار عبر الهيئة.
كما أن المبالغ التي يمكن أن تأتي من جراء طرح كل موقع على حده سيكون مردوده أكثر بكثير من طرحها ككتلة واحدة.
ولماذا يصر المكتب التنفيذي على تضمين صالة السلة ضمن الاستثمار القادم وماهي مصلحته في ذلك..وكيف ستتدرب الأندية وتلعب عليها، وأحد الخبثاء همس قائلا “سيقوم المتعهد بتأجيرها للأندية للعب والتمرين..!!وربما استثمار المباريات فيها وكسب ريعها” .
ولماذا يكون العقد لمدة 10 سنوات في ظل عدم استقرار الظروف والتضخم النقدي إن لم تكن هناك شروط ضامنة لزيادة العقد بما يتناسب مع المتغيرات القادمة والارتفاعات التي تحصل في السوق؟.
غيض من فيض
هذه واحدة من مهازل الاستثمار في الاتحاد الرياضي الذي تبدو مطارحه الاستثمارية مباحة للمستثمرين بأبخس الأثمان بينما تئن الأندية من فقر الحال.
إن أنديه مثل الاتحاد والحرية والمجد والوحدة على سبيل المثال لديها مواقع مهمة جدا ولكن ماهو المردود وأين الموارد، وكيف تمت العقود فيها، وحسب مواقعها المهمة فـأن المردود قد لايوازي 25 بالمئة من القيمة الحقيقة لها .. لماذا؟
ولكم أن تسألوا عن إيجار محل أو صالة أو مطعم بالقرب منها وقارنوها بما يدفعه المستثمر لها حينها ستعرفون حجم الغبن الذي يقع على منشآتنا وسترفعون أصابع الاتهام بوجه من يمنح العقود لها بأبخس الأثمان.
http://لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام