هاشتاغ_ إيفين دوبا
لا يتوقف الحديث عن أزمة الدواء في سوريا لمدة طويلة، فما إن تتوفر المواد الأولية اللازمة لصناعتها وتجاوز بعضا من عقوبات “قيصر” المفروضة على البلاد، حتى تعلو شكاوى أصحاب معامل الدواء في سوريا، لتطفو على إثرها انقطاعات لبعض الزمر الدوائية، وغلاء لبعضها الآخر، في حال وجدت.
ولطالما اعتبرت الصناعات الدوائية من أهم القطاعات الإنتاجية في سوريا، ليس لجهة تحقيق الاكتفاء الدوائي للسوريين بأسعار زهيدة فحسب، بل لرفدها الاقتصاد السوري بالعملة الصعبة، ناهيك عن جودته حسب شهادة الدول المستوردة.
لكن، هذا القطاع أيضا، لم يسلم من تبعات الحرب المدمرة، وتحوّلت سوريا من دولة مكتفية محليا بشكل كبير، ومصدّرة للعديد من الأصناف، إلى بلد يستورد ابسط أنواع الأدوية التي كانت تنتجها في فترة ما قبل الأزمة.
ومع شيوع أخبار عن وجود ارتفاع جديد للدواء، نفى رئيس المجلس العلمي لصناعة الدواء في سوريا، الدكتور رشيد الفيصل، في تصريحات خاصة، وجود ارتفاع جديد ضمن الواقع الصعب الذي يعيشه السوريون، والذي لا يحتمل “عبئا جديدا” ولو كان ثمنا لدواء.
ولم يخف المسؤول السوري التلميح إلى أن سعر الصرف قد تغير، وبالتالي كان لابد من وجود سعر جديد للدواء في سوريا، لكن “الأمور مستوية” وعليه فإن طرح الفكرة مؤجل حتى إشعار آخر.
الوضع المعيشي الذي يعانيه السوريون بعد سنوات عجاف، لم يترك أصحاب معامل الأدوية دون وضع آثار عليهم، حسب قول الفيصل “فنحن أيضا مواطنين ونعاني والغلاء المعيشي في البلاد لم يستثنينا”، ولكن “صناعة الدواء في سوريا مرهقة والعيون عليها وبالتالي لا نية لوجود رفع جديد في الفترة الحالية”.
هذا النفي، كان قد قابله آخر من نقيبة الصيادلة في سوريا، الدكتورة وفاء كيشي، والتي أكدت أن رفع سعر الدواء الأخير نهاية شباط/ فبراير، الماضي، كان من أجل أن تتمكن معامل الأدوية من توفير الدواء المفقود في الأسواق.
وفي الوقت نفسه، أشارت نقيبة الصيادلة في سوريا، إلى أن رفع سعر الدواء الأخير كان بهدف أن يعادل سعر التكلفة الحقيقية للزمر المفقودة، والتي اشتكى منها العديد من أصحاب معامل الأدوية وأدت إلى فقدان أصناف عدة منها في الأسواق، مع التلميح إلى إمكانية اغلاق العديد من المعامل نتيجة خساراتها المتلاحقة.
وعلى الرغم من إقرار أكثر من زيادة على أسعار الدواء العام الماضي، إلا أن التوازن بين سعر التكلفة والمبيع لا يزال مفقوداً، وفقاً لأصحاب المعامل، الذين يدعمون مطالبهم برفع أسعار الأدوية بالمقارنة مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وكل ما يستهلكه المواطن من مواد أخرى.
كما أدت العقوبات الخارجية المفروضة على سوريا، التي تعيق الحصول على الكثير من المواد الأولية اللازمة لصناعة الدواء، إضافة إلى قيام الشركات الأجنبية بسحب امتيازاتها الممنوحة إلى 58 شركة دواء سورية، إلى تفاقم المشكلة.
وكحال باقي الأمور المستعصية عن الحل في سوريا، والتي يصعب فهم معادلتها، لا يزال الاستثمار في قطاع الصناعات الدوائية “على علاته” في سوريا مستمرا، حسب قول رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية، و”ثمة رجال أعمال سوريون يرغبون بالدخول في الاستثمار ضمن هذا المجال”.
يشار إلى أن صادرات المعامل الدوائية كانت قد تراجعت بفعل العقوبات الخارجية لتسجل ما نسبته 10 في المئة فقط من إجمالي صادراتها المسجلة في العام 2010، حيث تراجع عدد الدول المستوردة للدواء السوري من نحو 44 دولة قبل 2011 الى حوالي 10 دول حالياً فقط، بخسارة تقدر سنوياً بنحو 200 مليون دولار، بحسب آخر الإحصائيات الرسمية.